استضاف صديقنا القديم الأستاذ الزبير عثمان أحمد في برنامجه الناجح مؤتمر إذاعي المهندس إبراهيم محمود حامد وزير الزراعة والري الاتحادي الذي أدلى بإفادات هامة حول الموسم الزراعي الصيفي الذي يشهد الآن أيام الحصاد وتحدث أيضاً عن الموسم الزراعي الشتوي الذي أطلت بدايته بعد انتهاء عمليات التحضير والتجهيزات. وظل كثير من المهتمين ينادون في أيام العز البترولي وتدفقاته النقدية الدولارية الثرة الوفيرة لضرورة توجيه جل الموارد المائية للقطاع الزراعي وما يتبعه من صناعات تحويلية ولكن ذهبت نداءاتهم وصرخاتهم أدراج الرياح وأهمل القطاع الزراعي في أيام تلك الغيبوبة والانغماس في الترف الكاذب والصرف البذخي والاستقطابي في أشياء ليست ذات أهمية وعندما أصبح الصبح وأنجلى الفجر الكاذب وتبين الخطأ الفادح اقتنع الجميع بأن الزراعة هي صمام الأمان والعمود الفقري لهذا الوطن في ماضيه وحاضره ومستقبله وإن إدراك هذه الحقيقة ينطبق عليه اسم كتاب توفيق الحكيم (عودة الوعي) ولعل القائمين بالأمر يعملون الآن بمقولة الأستاذ خالد محمد خالد (ومن هنا نبدأ). وبحمد الله سبحانه وتعالى كان خريف هذا العام ناجحاً ولم يشكو المزارعون في القطاعين المروي والمطري من أي عطش في أي مرحلة من مراحل الزراعة منذ رمي البذور في الأرض وبدايات الإنبات مروراً بمراحل الحش والكديب حتى الحصاد الذي يبشر بخير وفير في كافة المحاصيل الصيفية لا سيما الذرة ويأمل المزارعون في تشجيع الدولة لهم بشراء إدارة المخزون الإستراتيجي لكمية وافرة من الذرة مع تصدير الحكومة لجزء من فائض الإنتاج لبعض دول الجوار التي تحتاج للذرة وتشتريها بأسعار مجزية مع إيقاف التهريب للخارج بكل حزم وحسم. وأن المقصود من هذه السياسات التسويقية المرتجاة هو تشجيع المزارعين لئلا تتدنى الأسعار وفي نفس الوقت تكون معقولة بالنسبة للمستهلكين من عامة المواطنين. وإن المزارع يمول زراعته تمويلاً ذاتياً أو من أي جهة ممولة أخرى وفقاً لشروطها. والإنفاق على الزراعة يشمل الحرث والتحضيرات الأخرى وشراء البذور والسماد والمبيدات مع الصرف على الحش والكديب والاهتمام بري المحصول في مراحله المختلفة وتتم في النهاية عملية الحصاد التي يسبقها شراء الجوالات وجهد المزارعين مشكور غير منكور ويساهمون في دعم الأمن الغذائي الذي هو من أهم ركائز الأمن القومي. والآن اكتملت الاستعدادات لزراعة القمح بتحضير الأرض وحرثها وأعلنت وزارة الزراعة الاتحادية أن القطاع الاقتصادي ممثلاً في وزارة المالية وبنك السودان يولي هذا الأمر عنايته وأن البنك الزراعي تكفل بتمويل زراعة القمح في كل مراحلها بما في ذلك توفير كل المدخلات الزراعية مع التعهد بشراء المحصول عند حصاده بدفع اربعمائة جنيه للجوال الواحد وخصم كل تكلفته وصرف صافي الأرباح للمزارع وفي هذا تشجيع للمنتجين وفائدة عامة يجنيها الوطن. وأٌعلن على سبيل المثال أنه ستتم زراعة خمسمائة ألف فدان بمشروع الجزيرة وامتداد المناقل. (وهذا غيض من فيض) ولا أريد الخوض في التفاصيل واكتفي بالعموميات ومنها أن الزراعة بقطاعيها المروي والمطري وبشقيها النباتي والحيواني وما يتبع ذلك من صناعات تحويلية تعتبر من أهم ركائز الاقتصاد وبذلك نأمل أن تنعقد ورشة عمل تضم أهل الاختصاص من الزراعيين بمختلف فروع تخصصاتهم والمزارعين وممثليهم من صفوة النابهين الجادين ومعهم أهل الاختصاصات الآخرى لأن القطاع الزراعي ليس جزيرة معزولة عن غيرها من القطاعات السيادية والاقتصادية والخدمية وهو يتكامل معها وكل قطاع من هذه القطاعات يحتاج لورشة عمل خاصة به تجمع أهل الاختصاص وتصدر توصيات عملية ترفعها لرئاسة الدولة والجهاز التنفيذي لتطبيقها والعمل بها وورش العمل الجادة هي خير من مؤتمرات الحديث الكثير والكلام المجتر والدوران في حلقة مفرغة تدور حول توزيع كعكة السلطة والصراع كله صراع سلطوي يدفعه الطمع والشبق للسلطة والمواقع وفي أعقابها يغدو هذا نشوان وذاك غضبان أو (حردان) ودعونا من هذا الهرج والمرج ولينصرف الجميع للقضايا الحيوية الجادة كالزراعة و غيرها... سأفرد لاحقاً إن شاء الله رسالة مفتوحة لإدارة مشروع الجزيرة وامتداد المناقل.