الكيان النوبي الذي عقد مؤتمراً صحفياً بدار بوهين بالخرطوم، خلق حراكاً كبيراً في وسط قبائل هذا الكيان، ويبدو أنها كانت صحوة بعد غفوة. الكيان النوبي يجمع في وسطه العديد من قبائل الشمال بداية بالحلفاويين والمحس جميعهم والدناقلة وأيضاً الكنوز. وهؤلاء الكنوز هم رطانة أيضاً ويعرفون ب «المتاتيك»، وجاءوا مع الحلفاويين مهجرين من وادي حلفا حين غمرتها مياه السد العالي الذي تمت التضحية بحلفا القديمة لكي يقوم لأجل المصريين. وقبائل الكنوز حين جاءوا لحلفا الجديدة وسكنوا في منطقة أركويت، وهي بالقرب من مدينة دبروسة التي جمعت مختلف القبائل المهجرة من وادي حلفا. صحيح الكنوز قلة، ويحلو للناس أن ينادونهم هناك في حلفا الجديدة ب «المتاتيك»، وأعدادهم ليست كما هو الحال في الحلفايويين أو المحس، ولهم عادات تخصهم، فهم يتمتعون بالصمت في جميعهم، ولا يختلطون ببقية الناس كما هو الشأن لدى البصاولة مثلاً، والبصاولة أيضاً هجروا مع الحلفاويين الى حلفا الجديدة في عام 1964م.. وسكنوا في مربع «12» في قلب مدينة حلفا الجديدة، وهم من أصول مصرية من جنوب مصر، ولهم منطقة هناك تعرف «بالبصيلية» والتي سموا عليها ب «البصاولة»، لكنهم كانوا من سكان وادي حلفا بعد أن هاجروا من جنوب مصر لوادي حلفا حينها حتى جاءت الهجرة، ثم هاجروا مع الحلفاويين واستقروا في حلفا الجديدة، وهم قبائل لها أفرع منهم البياض والزوايدية والزعيرات والمحاميد وتصل حتى أربع عشرة بطناً من البطون... وهؤلاء هم البصاولة الذين اشتهروا بامتهانهم للمهن الشاقة كالبناء وحفر الآبار والنقاشة وغيرها من المهن الصعبة... وهم غير مبالين لتلقي العلوم في المدارس في فترة من الفترات حتى ارتفعت نسبة الأمية لديهم في فترة ما لدرجة عالية، فكانوا يسرحون أبناءهم في إعمار مبكرة للدخول في الأسواق والعمل فيها بالبيع والشراء، وهكذا، خاصة في صناعة العيش البلدي في أفرانهم البلدية حتى أن هناك نوعاً من العيوش أو الخبز اشتهر ب «العيش البصيلي»، وهو عيش رائع وطاعم من القمح الخالص الذي يزرعونه في حواشاتهم القريبة من أماكن سكنهم.. ومنذ أن ترك البصاولة بيع العيش طارت الرحمة والبركة من حلفا الجديدة وذهبوا بأبنائهم إلى المدارس واقتصرت الصنعة على صناعة ما يكفي حاجة البيت، وحتى بنات البصاولة دخلن المدارس وما عدن يخبرن عن صناعة الخبز شيئاً. لكن يبدو أن الكيان النوبي يريد أن يصبح كياناً غير شامل، فقد احتج الكنوز أول أمس على عدم دعوتهم لحضور الاجتماعات والمؤتمرات الخاصة بالكيان. لكن لا أظن أن السيد أوشي محمد أحمد رئيس هذا الكيان قد وصل به التفكير لإبعاد الكنوز عن هذا الكيان، بل على العكس هو وغيره من مكتب هذا الكيان حريصون على جمع كل النوبة والاهتمام بقضاياهم وحل مشكلاتهم، لكن ألا تصلهم الدعوة فربما هذا إخفاق من اللجنة الفنية المنظمة... وعلى العموم هناك كثير من الإخفاقات في عمل هذا الكيان.. ولن ينعدل الحال إلا إذا فتح النادي النوبي أبوابه مشرعة لاستقبال هذا الكيان بعضويته الكبيرة من النوبيين باختلاف ألوان طيفهم من أجل توحيدهم وتقوية كلمتهم بالتكاتف والتماسك... وإلا سيذهب الكيان بفكرته وعضويته أدراج الرياح كما ذهب من قبله السابقون. النوبيون يحتاجون لتوحيد كلمتهم، ولا بد أن يتفقوا على شأن أمورهم ليسهل حلها واحدة بعد الأخرى. يا نوبة اتحدوا.. اتركوا الشتات.