الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حلفا الجديدة) ... من أيقظ الفتنة ..؟؟!!
نشر في الصحافة يوم 08 - 03 - 2013

بلغت الأزمة بين سكان القرية (26) و(كمبو الثلاث شجرات) فى ذات المنطقة فى محلية حلفا الجديدة ، (19) يوما من الإحتقان والإصطفاف حيث تخندق كل طرف ضد الآخر ،وتقول الشرطة الشعبية من موقع الحدث على لسان منسقها آدم حسن سكين أن الأوضاع تطورت أمس الأول إلى حرق منزل من الكمبو من قبل ثلاثة أفراد مجهولين عند صلاة العشاء هربوا لداخل القرية (26) ، فى المقابل حرق آخرون من سكان (كمبو ثلاث شجرات) صيوان للقرية أطلقوا عليه (ميدان التحرير) تم نصبه مؤخرا ولا يبعدان عن بعضهما أكثر من (30) مترا فيما لا تتجاوز المسافة الفاصلة بين القرية والكمبو (كيلومتر) تقريبا ترابط عليه قوة من الشرطة قوامها (17) فرداً وعربة مطافئ حسب إفادات سكين ،فيما كشف شهود عيان ل(الصحافة) عن رصد تحركات من قرى الإسكان المجاورة يقابلها تحركات أخرى من الكنابى المختلفة فى ظل غياب كامل لحكومة المحلية والولاية ومنظمات المجتمع المدنى وأى منظمات طوعية أو جهود خيرية فى وقت فشلت فيه لجنة أطلق عليها (المساعى الحميدة) برئاسة الرئيس الأسبق لمجلس تشرعى المحلية أمين أحمد عثمان من إنعقاد أول إجتماعاتها لأسباب غير معلومة فيما توافدت بعثات من الخرطوم إلى حلفا الجديدة لم تكشف (الصحافة) عن تحركاتها وإتجاهاتها .
مؤشر خطير
ولكن دعونا نتساءل لماذا وكيف وصلت الأزمة لما وصلت إليه ومن أيظ هذه الفتنة ؟ يقول ل(الصحافة) نائب المنطقة الدائرة الشمالية (13) بالمجلس التشريعى بولاية كسلا بابكر عبد الكريم الأمر مؤسف تطور من مجرد (أمر إدارى) بداخل مدرسة الأساس إلى مواجهات إستخدمت فيها الأسلحة البيضاء بين مواطنين من القرية (26) و(كمبو الثلاثة شجرات) فى ذات المنطقة فى محلية حلفا الجديدة ، أدى لإصابة (6) أشخاص (ثلاثة) من كل طرف تفاوتت درجات الإصابة بينهم نقل على إثرها أحد أفراد القرية لتلقى العلاج فى الخرطوم ، فما حدث بين سكان القرية (26) و(كمبو الثلاثة شجرات) فى محلية حلفا الجديدة كما يقول منسق الشرطة الشعبية يعد مؤشرا خطيرا يقود لإنفراط ذلك العقد الإجتماعى والقبول بالآخر والتعايش السلمى بحلفا الجديدة ويخلخل تماسك ومتانة العلاقات بين المكونات المجتمعية فيها ، ويشير سكين إلى أن القرية (26) الوحيدة التى فشلت فيها الشرطة الشعبية تكوين (لجنة مجتمعية) أسوة ب(85) لجنة بالقرى والكنابى المختلفة لخلافات بين قيادات القرية رغم تشييد بسط الأمن الشامل بالقرية ، إلا أن الحادثة نفسها وجدت إستنكارا ورفضا وشجبا وإدانة وسط المجموعات السكانية قبل الحكومة ، ،إلا أن معتمد محلية حلفا الجديدة عبد الرحمن حسن يقلل من أهمية الحدث ويقول ل(لصحافة) الحالة معزولة معتبرا إياها حالة عرضية تم التعامل معها بحكمة أدت إلى فك الإحتقان وأنتظم طلاب القرية والكمبو معا فى مدارسهم .
منزلق خطير
مواطنون يقولون ل(الصحافة) الظاهرة مزعجة وإعتبروها مؤشرا خطيرا يهدد بنسف التعايش السلمى بالمنطقة ويشيرون إلى أن الحادثة بدأت فردية ما لبست أن تحولت لجماعية ويؤكدون لولا إرادة الله ولطفه لتجاوزت المنطقة المحددة وتحولت لحرب قبلية تخندقت فيها المجموعات السكانية ، فيما لم تشفع لتلك الحالة أكثر من (ثلاثين) عاما من التعايش السلمى بين السكان فى (القرية والكمبو) تخرج خلالها نفر من الجامعات المختلفة كما يقول إسماعيل حسن أشهر القيادات الأهلية لقبيلة الفور بحلفا الجديدة أن العملية تشير فى مجملها إلى إنزلاق خطير يحدق بالمجتمع ،بل يعتبر من المؤشرات المجتمعية السالبة إن لم يتم التعامل معها بالبتر والمعالجة الفورية ستمتد لتتسع الدائرة وتصبح أزمة شبيهة بأزمة دارفور ، إلا أن الحادثة نفسها لم تكن الأولى كما أنها لم تكن الأخيرة فى ظل الإحتقان الذى أصبح يتولد شيئا فشيئا بين المجموعات السكانية هناك فى ظل الإستفزازات التى عزتها المجموعات السكانية لجماعات (جهوية متطرفة) ، وينبه مراقبون إلى ضرورة أن تضع الحكومة فى تحسباتها حتى لا تصبح حلفا الجديدة (دارفورا أخرى) ويقولون إن حلفا الجديدة نفسها موعودة بتدفقات بشرية إضافية فى ظل الجهود المبذولة من قبل الحكومة فى تأهيل المشروع الزراعى من إزالة شجر المسكيت وتشييد سدى نهرى (عطبرة وستيت )، إلا أن إسماعيل حسن يحذر من حسم هذه التفلتات ويقول إن لم تحسمها الدولة باكرا وتركت هكذا (موية تحت التبن ) فسوف تجر المنطقة لمنزلق خطير .
مابين القرية والكمبو
القرية (26) إسكان حلفاويين من كبرى (23) قرية إسكان بمدينة حلفا الجديدة وبها أكثر من (500) أسرة ومن القرى التى تعيش إستقرارا وترابطا مجتمعيا قويا ونال أهلها حظا تعليميا معتبرا وهى موطن المرحوم فتحى خليل والى الشمالية السابق وأحمد عبد اللطيف معتمد حلفا الجديدة السابق وآخرين كثر من القيادات بالمركز والولاية وولايات السودان المختلفة ولم تشهد القرية حالات نزوح أو هجرة أو بيع للمساكن أو الأراضى الزراعية دون القرى الأخرى ولها قرارات صارمة فى ذلك ، فيما يعتبر (كمبو الثلاث شجرات) والذى لا يتعدى سكانه (35) أسرة من أصغر (51) كمبو منتشر بحلفا الجديدة كما يقول أمين أحمد عثمان الرئيس الأسبق لمجلس محلية حلفا الجديدة ، إلا أن المواطنين هناك ناغمون على خطى الحكومة التنموية والخدمية والمنظمات الطوعية وصندوق إعمار وتنمية الشرق ويتساءلون عن تجاهل الصندوق وإقصائه حلفا الجديدة من خدماته ويقولون أنهم لا يعلمون عنه شيئا إلا من خلال تصريحات مسؤوليه التى تعج بها وسائل الإعلام .
تهديدات وإستفزازات
المشكلة مثار الحديث تشير إلى هشاسة رباط وعرى التواثق بين هذه المجموعات السكانية كما وتؤكد بأن أهالى تلك المناطق يعيشون فى جزر معزولة كما تقول قيادات سياسية ، فلابد لجهات الإختصاص وضع تحسبات مستقبلية حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات ثانيا بحسب مواطنين،ويقول ل(الصحافة) رئيس الكيان النوبى أحمد محمد حسن إحميدى نحن ككيان ندين هذا المسلك وتلك الإستفزازات بشدة سيما إستخدام السلاح الأبيض من قبل أهالى الكمبو وليست لدينا مشكلة مع بقية الناس ، فيما يتهم محمد عمر أحد قيادات المجموعات السكانية يتهم جماعة تعرف ب(شباب النهضة) بإثارة الأحداث وتصعيد الأزمة ويقول ل(الصحافة) هذه الجماعة هددت بحرق الكمبو عقب (72) ساعة مهلة ،إلا أن إسماعيل حسن نفسه عاد قائلا الخلاف بين سكان القرية (26) وسكان (كمبو الثلاثة شجرات) ظاهرة جديدة تهدد بخلخلة النسيج الإجتماعى بحلفا الجديدة ،فيما عاد إحميدى قائلا منطقة (الكمبو) غير مرخص السكن فيها وقد تم إخطارهم بالرحيل إلى تجمع (تبارك الله ) إلا أنهم رفضوا تنفيذ الأمر ويتهم إحميدى جماعة لم يسمها بأنها وراء تفتيت النسيج الإجتماعى لمكاسب سياسية وأجندات خاصة بهم ،ويقول إحميدى بأن سكان القرية يتهمون بعض من سكان الكمبو إدخال عادات وتقاليد وثقافة وليدة لم تكن مألوفة بالمنطقة ، إلا أن مراقبون يقولون ل(الصحافة) العملية ليست مجرد خلافا بسيطا يترك هكذا فلابد من معالجات جذرية ، فالحادثة تشير إلى أزمة خطيرة شبيهة بالأزمة فى دارفور قد تندلع فى حلفا الجديدة إذا لم يتم تداركها باكرا .
مهجرون ومهجر إليهم والأقليات
الأحداث فى حلفا الجديدة لا تنفصل عن الأزمة السودانية التى أصبحت تطل برأسها على سائر المجتمع لأسباب (سياسية وإجتماعية وإقتصادية) ولدت غبنا وحقدا وكراهية وإحتقانا فى مناطق كثيرة ،فالمتتبع للأوضاع فى حلفا الجديدة يجدها لأسباب تراكمية تولدت منذ بواكير تهجير الحلفاويين للمنطقة فى العام 1964 ، فالمنطقة المعروف ب(بطانة أبوسن) تسكنها فى الأصل قبائل (الشكرية ) بوصفهم أهل البلد مهجر إليهم ونفر من (اللحويين) ،فيما جاؤها (الحلفاويون) (55) ألف شخص مهجرين من حلفا القديمة ثم آخرون ويطلق عليهم (الأقليات) وهم الذين جاءوها لتشييد خزان خشم القربة منذ العام 1963 ومعظمهم من قبائل غرب السودان وآخرون من الشرق ومناطق السودان الأخرى ،كان عددهم آنذاك لا يتجاوزعشرات المئات ، إلا أن الهجرات إلى حلفا الجديدة لم تتوقف منذ تلك الفترة بل جاءها التجار والزراع والصناع والحرفيون وغيرهم من شتى بقاع السودان من الغرب والشرق والشمال والوسط ولم تتخلف قبائل جنوب السودان ونوبة الجبال مسلمين ومسيحيين عن الركب لتكتسب المنطقة الوليدة (حلفا الجديدة) صبغة جديدة بعادات وتقاليد وثقافة أيضا جديدة إمتزجت فيها كل هذه المكونات لتجعل من المنطقة عنصرا جديدا يعرف ب(مواطنى حلفا الجديدة) ، فيما أضافت إليها الأزمة فى دارفور أعباء أخرى فقد تدفقت إليها المجموعات السكانية المختلفة هربا من جحيم الحرب وبحثا عن مكان آمن للإستقرار والحصول على لقمة العيش .
عوامل بيئية وظروف طبيعية
إلا أن حلفا الجديدة نفسها لم تكن بمثابة أرض الميعاد ل(المهجرين) الذين جاءوها دون رغبة منهم ، بل جاءوها مجبرين ومكرهين ،فيما قاطعتهم أسرهم التى ظلت هناك متمسكة بحلفا القديمة ، تحت هذه الظروف جاء الحلفاويون إلى حلفا الجديدة وقد وجدوها بيئة تختلف تماما جغرافيا وبيئيا وأمنيا عما ألفوه هناك فى حلفا القديمة وجدوها أرضا طينية لزجة بل بيئة تكثر فيها لسعات البعوض والعقارب والحيات وغيرها فضلا عن الأمطار الغزيرة والزوابع الرعدية وتفشى أمراض الملاريا والبلهارسيا والدسنتاريا والقارضيا والبروسيلا وأخرى من الأمراض السرطانية والمزمنة والمستوطنة ، صبر منهم من صبر فيها ، فيما هجرها آخرون إلى الخرطوم وحلفا القديمة ومناطق أخرى لجملة من الأسباب منها تدنى منسوب مياه خزان خشم القربة وتغلب شجر المسكيت على المشروع وإفتقاد الأرض لخصوبتها وقلة الإنتاجية وتدنى الظروف المعيشية وتفشى الأمراض بسبب مساكن (الإسبستوس ) المسرطن والبيئة والطبيعة والتدنى المريع فى مستوى التنمية والخدمات (التعليمية والصحية علاوة على تذبذب خدمات المياه والكهرباء وتلوث البيئة ) وقد أضافت إليها سياسات الدولة الزراعية الطاردة بعدا آخرا فى ظل تدنى الإنتاج والإنتاجية .
حلفا طاردة وجاذبة
فى المقابل شهد (البصاولة ، الكنوز، العليقات، الجعافرة وآخرون ) من المجموعات المهجرة إستقرارا بل أصبح لها السيطرة على الأعمال التجارية وأصبحت تشكل الطبقة الرأسمالية بحلفا الجديدة فيما ظل الحلفاويون وحدهم يسيطرون على مقاليد العمل التنفيذى والسياسى دون سائر المجموعات الأخرى ،إلا العرش السياسى والتنفيذى والتنظيمى الذى بنى عليه الحلفاويون وجودهم نفسه ومستقبلهم قد إهتز بسبب تدنى نسبتهم مقابل تلك المجموعات السكانية الأخرى من الغرب والشرق والشمال والجنوب والوسط التى كانوا يطلقون عليها بالرطانة (كومارى) ويعنون بها (أى شخص غير حلفاوى ) وكانوا يصنفونهم ب(الأقليات) إلا أن هذه الفئة نال أبناؤها حظا وافرا من التعليم وأصبحت لهم قيادات سياسية لا يستهان بها ،كما أصبحت نفسها تشكل الأغلبية العظمى وتفوق تعدادها تعداد (الحلفاويين المهجرين حسب إعتراف إحميدى نفسه ،فيما تقول الكيانات الوافدة إن تعدادها يفوق تعداد (أهل البطانة المهجر إليهم والحلفاويين المهجرين معا) ، إلا أن هذه المجموعات السكانية الوافدة جاءت إلى حلفا الجديدة لتجدها منطقة تعيش أمنا وإستقرارا وسلاما وفيها الكثير من الخيرات التى كانوا يعتبرونها حلما فجاءت بعاداتها وتقاليدها وثقافتها وتراثها ومنها من لم ترض المهجرين كما يقول إحميدى بأن المجتمع النوبى ظل محافظا ومعافى لا يعرف الإعتداء أو التعدى على حقوق الغير وبعيدا كل البعد عن تلكم الجرائم المجتمعية التى تفشت بحلفا الجديدة ،وزاد إحميدى نحن نرفض أى سلوك هدام للمجتمع ونطالب الدولة بمحاربة أى ظاهرة مجتمعية سالبة ويفتخر المهجرون بأن سجن حلفا القديمة تم إنهاء خدماته وقفل أبوابه تماما لعدم وجود زبائن له وسط الحلفاويين .
مابين الحياة والموت
سكان حلفا الجديدة واجهتهم منذ تأسيسها فى العام 1964 وحتى 1995 أبشع صور المعاناة ، فقد كانت تتحطم أحلامهم وآمالهم بمجرد مغادرتهم الخرطوم قاصدين مدينتهم حلفا الجديدة والتى تبعد (30) كيلو متر شمال خزان خشم القربة فى داخل منطقة سهل البطانة منطقة بعيدة كل البعد عن أعين أى زائر للشرق ولا يعرفها إلا من قصدها أصلا حيث تنعدم إليها الطرق تماما ، وكانت مأساة مواطنيها تبدأ بمجرد أن فارق البص أو السيارة شارع الأسفلت عند منطقة خزان خشم القربة شمالا حيث تنعدم الطرق إليها تماما فى موسم الخريف ويعيش سكان حلفا الجديدة تلك اللحظات بين حالتين أما قطع مسافة (30) كيلو بالأرجل حفاة الأقدام فى ظل أرض طينية لزجة ووخز شوك شجر المسكيت المسم ولسعات العقارب والأفاعى والحيات المميتة أو ركوب البص (القديم التقليدى المعروف ) أو اللورى فى ظل محاولات يائسة ولا يوجد طريق إلا المرور على حافة الترعة (الكنار ) بين (الحياة والموت ) وقد تسببت الحالة كثيرا فى إزهاق عدد من الأرواح وإصابة آخرين بعاهات مستديمة ،فكم إمرأة فقدت روحها أو أجهضت جنينها أو آخرا أصابه الشلل أو عاهات مستديمة ، حتى من الله عليهم بعد معاناة بتشييد ردمية الطريق (القربة - حلفا الجديدة) لتنعم بالأسفلت فيما بعد ،ولكن قد تولدت مآسى أخر (إنتشار أشجار المسكيت وإنخفاض منسوب خزان خشم القربة لأقل من 30% ) أدت فى مجملها لتدنى خصوبة التربة وإنخفاض الرقعة الزراعية فبدأت مرحلة من الهجرة إلى الخرطوم وأخرى عكسية لحلفا القديمة ،إلا أن أحداث دارفور جعلت من حلفا الجديدة والتى إعتبرها الحلفاويين (طاردة) لأن تصبح (ملاذا آمنا وجاذبا) لآخرين جاءوها هربا من جحيم الحرب والفتنة القبلية وإنعدام الأمن والإستقرار والمصير المجهول كما إستضافتهم مناطق الجزيرة المختلفة والفاو أفرادا وجماعات .
إنتهاك حقوق الإنسان
حلفا الجديدة تزايدت فيها أعداد الأسر الوافدة لمضاعفات العدد وإمتلكت قبائل (التاما، الفور ،الزغاوة ، البرقو ،المساليت ،النوبة ، الهبانية، البقارة ،الرشايدة ،البنى عامر ،الهدندوة والجعليين والشايقية والبرتى وآخرين ) بيوتا وحواشات ببعض قرى الإسكان كما يؤكد رئيس المجلس التشريعى السابق ،وأصبحت تشكل قوة إقتصادية ضاربة فمدينة حلفا الجديدة التى تم تخطيطها ل(75 100) ألف مواطن تجاوزت السقف بدرجة أكثر من 200% واصبحت هذه المجموعات تشكل قوة بشرية هائلة فى أحياء (الثورة ، الجمهورية ، العمال، المربعات)10، 15،17 ،18، 19) فيما تواضعت فى المقابل الخدمات من مياه وصحة وتعليم وكهرباء ،فيما تدنت الخدمات الأساسية نفسها إن لم تكن قد إنعدمت بقرى الإسكان المختلفة علاوة على ما تسببت فيه تلك المجموعات الوافدة إليها إختناقا بيئيا فاكتظت بها (الكنابى) كما ذكرنا آنفا (51) كمبو يسكنها الوافدون بصورة غير مشروعة على حافات الترع وبعض المساحات المخصصة لأغراض مختلفة خاصة بتلك القرى تنعدم فيها كافة مقومات الحياة ، إلا أن تلك الحالات الإستثنائية كانت مكان تقدير من قبل سكان قرى السكان لظروف قدروها على أن تتم معالجتها من قبل الحكومة باكرا فيما تضاعفت أعداد الوافدين إليها رغم ما وجدوه فيها من أمراض البلهارسيا المستوطنة والملاريا والدسنتاريا والقارضيا وظروف بيئية سيئة لا تصلح ل(لسكن الآدمى) وتعتبر (إنتهاكا لحقوق الإنسان) إلا أنه فى المقابل تخطيط أى رقعة سكنية فى حلفا الجديدة لا يمكن أن تتم وإلا على حساب الحواشات أوالغابات .
ساقية جحا
الحكومة فى ولاية كسلا من جانبها رفضت الحديث عن المشكلة وإكتفت بحديث مفاده بأن لديها خطة وتعمل بهدوء لمعالجة أمر التجمعات ،إلا أن ذات التصريحات قد ظلت على مسمع من آذان المواطنين منذ (15) عاما فيما يقول ل(الصحافة) آدم حسن سكين منسق الشرطة الشعبية وهو ذاته أحد القيادات المعنيين بمتابعة تنفيذ (8) من التجمعات السكنية للكنابى والتى كانت ضمن الخطة منذ التسعينات يفيد سكين بإن حكومة الولاية نفذت (4) تجمعات سكنية (طيبة ، الهداية ، العمارة ، تبارك الله ) ومددت إليها خدمات المياه والتعليم والصحة ولازالت خطة الولاية تنفيذ ماتبقى من تجمعات ،إلا أن سكان هذه التجمعات أنفسهم يشكون تواضع الخدمات التى تقدمها الحكومة الولائية فى تلك التجمعات ، فيما يؤكد إحميدى بأن عمليات التخطيط مستمرة ولكنها فوق طاقة المحلية وتحتاج لجهود إضافية من الولاية والمركز ، ويشير إحميدى إلى أن عملية الكنابى أصبحت ك(ساقية جحا) يرحلوا ناس للتجمعات يجوا آخرون يحلوا مكانهم بذات الكنابى، وجدد إحميدى إتهامه لشخصيات ويقول أنها إتخذت العملية مكاسب مسبقة للدعاية الإنتخابية ،فيما عاد محمد عمر مطالبا حكومة المحلية القيام بدورها كاملا وبحيادية وفرض هيبة الدولة وإيقاف جماعة (شباب النهضة) عند حدها والكف عن إثارة النعرات القبلية والإستفزازات والفتن ويحذر ويحمل عمر الحكومة فى ذات الوقت من مآلات ما قد تقود إليه الأوضاع .
لجنة للمساعى الحميدة
فما يقول أمين أحمد عثمان تداعينا لتكوين لجنة للمساعى الحميدة تضم كافة قيادات الفعاليات المجتمعية بحلفا الجديدة محايدة لا علاقة لها بالحكومة أو المعارضة الهدف منها الحفاظ على النسيج الإجتماعى والتعايش السلمى وإقتراح معالجات تساعد الحكومة والمجتمع معا لحل مشكلة الكنابى جذريا ،ويؤكد أمين أن اللجنة أرجأت إجتماع محدد له مطلع الإسبوع الأول من مارس لمدة إسبوع لأسباب خاصة ببعض الأفراد وظروف خاصة به شخصيا وليست لتهديدات كما تروج لها جماعة ،ويفند أمين الإدعاءات قائلا الذين يسكنون هذه الكنابى (51) كمبو ويضاعف تعدادهم تعداد الحلفاوين فى (23) قرية إسكان و(10) حى بالمدينة ،فالواقع يفرض نفسه ولهؤلاء حقوق لاتقل عن أصحاب الأرض المهجر إليهم والحلفاويين المهجرين فجميعهم سودانيين ولهم حق المواطنة والسكن والتملك والتنقل والحرية وكافة الحقوق المشروعة والجميع سواسيا فى حلفا الجديدة أمام القانون والحقوق والواجبات ويطالب أمين الحكومة القيام بمسؤوليتها كاملة وبحيادية ،إلا أن أمين قال ثائرا من يثيرون هذه الفتن يسعوون لمكاسب ذاتية ولهم أطماع شخصية .
مراقبون يقولون ل(الصحافة) إن مشكلة الأرض وإستخداماتها أصبحت تشكل هاجسا لدى الدولة والمجتمع معا ويتساءلون لمن تعود ملكية الأرض؟ ومن المسؤول عن تنظيم إستخداماتها ؟ الحكومة أم الكيانات أم الأفراد أم العشائر؟ ويشيرون فى ذلك لما حدث فى دارفور بين المجموعات السكانية ، والحرب الدائرة فى جنوب كردفان والنيل الأزرق والمشكلة فى دار المسيرية ومناطق أخرى ويقولون جميعها بسبب (الأرض) ويطالبون الدولة مراجعة القوانين واللوائح ووضع تشريعات وقوانين يتم تضمينها فى الدستور لحسم مسألة (الأرض وإستخداماتها) ،فيما تناشد المجتمعات فى حلفا الجديدة الحكومة المركزية والولائية ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الأممية والطوعية والخيرين بتضافر الجهود لتوفير الخدمات وترقيتها ومساعدة هذه المجتمعات فى التعايش السلمى ورتق النسيج الإجتماعى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.