واقعة لم تكن الأولى وليست الاخيرة، الا انها تعمق حزننا اكثر وهي آخر الملاذات الآمنة في مجتمعنا الذي اضحي اهون من بيت العنكبوت، فلم يعد هنالك مكان لمفردة الثقة التي انهزمت امام وقائع واخبار الجرائم المرتكبة، ولعل عندما نسمع عن جريمة ما سرعان ما يتبادر الى اذهاننا تلكم المجتمعات والاسر والمتفككة، الا ان الخطر اضحى اقرب بكثير، وكنا نستجير بربوع الولايات التي كنا نظن انها اطهر وانقى واكثر محافظة وتمسكاً بقيم مجتمعنا السوداني الاصيل، الا ان ما يتوارد لنا خلال صفحة ربوع السودان جعلنا نجزم بأن لم يعد هناك من مفر، فقبل ايام قلائل اهتزت اركان مدينة كسلا بحادثة اعتداء على طفلة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها من والد احدى صديقاتها.. حادثة اضاعت ما بقي من ثقة، ففواجع هذا الشعب تجاوزت مشكلات الغلاء والبطالة وغيرها من مشكلات، فقد بدأت تنخر في قيمنا، وذلك من خلال بعدنا عن الدين في ظل المشروع الحضاري الذي نتسمى به في المحافل الدولية والحشد الجماهيري فقط، الا ان الشارع العام يعكس غير ذلك بكثير. الواقع يشهد بتضعضع قيمنا كمجتمع سوداني متماسك، فالجرائم الغريبة التي نشهدها تدل على ذلك، وكم هو مؤلم مثل تلك الجرائم التي يقع ضحاياها الاطفال على الرغم من وجود قانون الطفل لعام 2010م الذي يعد من افضل القوانين الحامية لتلك الشريحة رغم ما يعتريه من بعض التعارض في بعض جوانبه الا انه يعد الافضل بناءً على قول المختصين، وعلى الرغم من هذا وذاك الا ان جرائم الاعتداء على الاطفال في تزايد مستمر سواء في المركز او الولايات، الأمر الذي يتطلب التوقف ومراجعة ما يحدث في واقعنا، وذلك لخطور مثل هذه الجرائم وآثارها على المجتمع، فعندما نفقد الثقة حينها سنظل رهن هواجسنا التي تكبل حركتنا وتجعلنا نخشى الآخر ولا نأمن على بيوتنا وأهلنا وفلذات أكبادنا. ورسالة نوجهها للقضاء بضرورة التعامل بجدية وحسم رادع مع مرتكبي تلك الجرائم الموجهة ضد الاطفال، وتطبيق وتفعيل قانون الطفل لعام 2010م حتى يكون عظة وعبرة لكل من تسول نفسه من ذوي القلوب المريضة وضعاف النفوس، حتى يعود الامن ولا نفقد الثقة في من بقي.. والله من وراء القصد.