دعا السودان جارته مصر أكثر من مرة للابتعاد عن الهواجس الأمنية ورهن القضايا المشتركة بأجندة دولية تؤثر في علاقة البلدين، خاصة ان السودان طوال فترة العقدين الماضيين تجرع من جارته مصر زعافاً فاق حملات الاستهداف الدولية، وما وجدت الخرطوم تحية لانفتاح علاقات البلدين للمستقبل الا وحيت بها القاهرة التى كانت تردها بالأسوء دائما، كما لم تقدر القاهرة قيام الرئيس عمر البشير رغم فترة استشفائه بالاتصالات الهاتفية المستمرة لدولة النظام الجديد في قصر القبة التى ككلت بزيارته الى مصر التى حولها الحرس القديم للرئيس المخلوع محمد حسني مبارك لمهزلة بروتوكولية تسببت في افساد روح الود والاخاء الذي حمله وفد السودان الى شعب أرض الكنانة. تباطو يشبه التواطؤ ظلت الخرطوم خلال الفترة الماضية تطلب من السلطات المصرية بأكثر كم طلب تسليم قائد جيش التمرد بحركة مني اركو مناوي الفريق جمعة محمد حقار لانه مطلوب للعدالة وفق القوانين المشتركة، وطوال فترة ال «6» اشهر التى قضاها حقار تم علاجه بالمستشفيات المصرية تحت رعاية سلطات البلاد، كما انه عندما اعتقل في مطار القاهرة تم السماح له بالسفر الى دولة جنوب السودان بجواز سفر سوداني مزور، فاذا كانت السلطات المصرية حريصة على علاقات البلدين كان الاجدر بها تسليم المتمرد «حقار»، لكن الحرس القديم او الدولة العميقة هي التى تحكم، فإن مخططها القديم بإسقاط النظام بالخرطوم لم يتوقف بل عادت مرة بالسلطة الجديدة التى تولت الحكم، كما ان تعيين فائزة أبو النجا مستشارة للامن القومي لم يكن بالمصادفة، لأنها كانت في عهد الرئيس مبارك وزيرة للتعاون الدولي، كما لها دور كبير في علاقات البلدين، هذا بخلاف ان السلطات المصرية باطلاقها سراح المتمرد «حقار» ابانت بصراحة أنها ترجح كفة اسقاط النظام بدعم المعارضة المسلحة السودانية، بل نقلها صراحة وعلنا الى دولة جنوب السودان التى تأوي بقية افراد المعارضة المسلحة، بالتالي فإن السلطات المصرية اذا كانت حريصة على حركة مني اركو مناوي لدرجة انها ترهن علاقات دولة جارة كالسودان، فمن الاجدار بالقاهرة ان تفتح لها مكتباً او سفارة لحركة التمرد او تعين مناوي مستشاراً لوزارة الخارجية المصرية، او تعلن رسمياً دعمها لاسقاط النظام بالخرطوم، لأن اللعبة المكشوفة التى تريد القاهرة ان تلعبها مع الخرطوم عبر مساعدتها تهريبها لمجرم مطلوب للعدالة بالخرطوم، تدل صراحة على أن مصر تريد من الخرطوم ان تغلق الاخيرة باب العلاقات حتى يتسنى للقاهرة اللعب بحرية بعد الخسارة الكبيرة التى منيت بها مصر إقليمياً، وزيادة ادوار السودان الدولية باتفاقه العسكري الكبير مع قطر والصين كل على حدة، بخلاف تحالفه مع تركيا ودول التعاون الخليجي في مقدمتها السعودية. تفاصيل الأزمة اندلعت الأزمة الدبلوماسية بين السودان ومصر بعد أن صوبت الخرطوم للقاهرة صراحة اتهامات واضحة بتواطئها الواضح في عملية تهريب القائد العام لجيش تحرير السودان الفريق جمعة محمد حقار من على ارضيها، حيث صرح مصدر دبلوماسي رفيع ل «الإنتباهة» بأن الأزمة نشبت بين البلدين بعد أن قامت السلطات المصرية بعلاج القائد المتمرد جمعة حقار لأكثر من ستة أشهر ثم نقلته الى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، كما اضاف المصدر ان السلطات المصرية رفضت طلب الخرطوم بتسليم الفريق جمعة محمد حقار عقب القبض عليه في مطار القاهرة أثناء مغادرته الى «جوبا» بجواز سفر سوداني مزور، مشيراً إلى السلطات المصرية رفضت للخرطوم محاكمته أو ترحيله للسودان، حيث يواجه «حقار» تهماً في جرائم فى ارتكبت في اقليم دارفور على خلفية اشتراكه فى الهجوم على مدينتي الفاشر ومليط، والهجوم على مدينة برام، بجانب الهجوم على منطقة قريضة، كما ان «حقار» مسؤول عن مقتل مدنيين وعسكريين وتصفية المئات من المواطنين، الى جانب تدمير عدد من المنشآت والمرافق العامة والخاصة. مالات الأزمة بحسب المصدر الدبلوماسي فإن الأزمة سوف تتسبب في خرق قوانين الهجرة وتراجع ملفات التعاون بين البلدين، مضيفا بقوله ان رفض السلطات المصرية تسليم المتهم «حقار» سيعيد علاقات البلدين للمربع الاول، لأنه جاء بعكس الروح التى سادت العلاقة بين البلدين عقب زيارة الرئيس عمر البشير للقاهرة التى طوت صفحة الفتور بينهما، كما نبه المصدر الدبوماسي إلى ان القاهرة بتصرفها تكون دعمت أطرافاً مسلحة تقاتل لاسقاط النظام بالخرطوم، بخلاف أنها ساهمت في إفلات مطلوب للعدالة فى السودان، الأمر الذي سيجعلها تلقائياً في مواجهة البوليس الدولي «الانتربول».