الطريقة البرهانية من الطرق التي لها نشاط بمصر وبالسودان، ولها انتشار في بلاد عربية وأوربية، ولها معتقدات وأوراد وحوليّات، ولها مركز كبير في عاصمة بلادنا، وإن منهج النقد الصحيح السليم يقتضي المناقشة العلمية لما نشرته هذه الطريقة في الآفاق على الميزان الذي يجب أن توزن به كل الدعوات والطرق والجماعات والأحزاب والقيادات والشيوخ، وهو ميزان الكتاب والسنة إذ كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا ينطق عن الهوى وإنما هو من وحي أوحى له به الله تعالى. وقد رغبتُ في عرض بعض ما نُشِر في كتب هذه الطريقة لننظر في مدى موافقته أو مخالفته لدين الله تعالى الذي ختم به الأديان، والذي أورده في هذه الحلقات هو عبارة عن نماذج إذ الإحصاء والاستقصاء في مثل هذه الأمور من الأمور التي تصعب، وأحاول أن أحصر ما أعرضه مما ورد عن شيخ الطريقة الدسوقي وتلميذه محمد عثمان عبده البرهاني، ومن أوراد وأذكار هذه الطريقة، وكالعادة فإني أرحب بأي تعقيب علمي يسير بمقتضى المناقشة الموضوعية، فالمحاورة العلمية التي يحيطها أدب الحوار وهدفها الوصول إلى الحق هي الطريق الوحيد الذي يجب أن يسلكه المختلفون في معتقداتهم ومناهجهم وطرائقهم. وقد توقفت في الحلقة الماضية عند قول إبراهيم الدسوقي في ديوان: ابتسام المدامع «ص 279»: مريدي لك البشرى إذا قمت بالوفا إذا كنت في هم أغثك بهمتي، وهذه النتيجة هي من الأمور الأساسية في الدعاوى الكاذبة التي ادّعاها الدسوقي لنفسه، إذ المقصود أن يسلّم المريد ويتجه إليه في رخائه وشدته ويدعوه من دون الله، فهو يقول إذا كنت في هم أغثك بهمتي، والرب الخالق المعبود يقول «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ»، ومن يطلع على ما طبعته هذه الطريقة في منشوراتها يجد أن الدسوقي ادّعى أموراً كثيرة هي من خواص الربوبية ومن ذلك في نفس الديوان «ص311 312»: لذ بالمقام وناده يا سيدي يا منقذ المظلوم والحيران يا صاحب السر المقدس نظرة أنجو بها فالدهر قد أضناني كم من كروب فرجت من سركم وجبرتم كسر الفقير العاني ولم يكن غريباً أن يقول شيخ الطريقة البرهانية محمد عثمان عبده البرهاني في كتاب تبرئة الذمة «ص263»: «وكل ذلك دليل بين على استبدال صفات العبد بصفات الرب»!! والمقصود إضعاف المريد وإحكام القبض والسيطرة عليه، وقد قال البرعي في ديوان رياض الجنة: سيب غيرو وليه روح قبال تفنى وتروح سلم له وكن طروح كالجسد المافي روح، وقال: لأوامرو استسلم ولا تقول أبداً لم، كن ثابت عندهو في كربك أندهو بتغيثك جندهو!! وللوصول إلى غاية الاستسلام هذه حتى الوصول بالمريد للدعاء من دون الله والوقوع في الشرك بصرف ما يجب صرفه لله لهؤلاء الشيوخ، وبدعائهم في ما لا يملكه إلا الله وهو الشرك الأكبر الذي لم يكن يقع فيه المشركون الأولون، فإنهم إذا مسهم الضر وإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. وكيف بأتباع الطريقة البرهانية يتبعون الشيخ محمد عثمان البرهاني ومن معتقده الذي نشرته الطريقة قوله في ديوان شراب الوصل «ص3»: أجود على أم لترحم طفلها فرحمة من في الكون من بعض رحمتي ويقول: وأنفخ في روع المريد فينتقي جواهر علم الأولين بنفختي ويقول: تخط يميني محو شقوة تابعي ومرتعي الكرسي واللوح خلوتي قلتُ: وهكذا يتم الضحك على عقول من لا علم عنده فيتبع هذه الطرق ويبايعها، وهذه حقيقة شيوخها وواضعي أورادها ومناهجها، فإنهم يفترون على الله الكذب ويدّعون أموراً إدّعاؤها مشاركة لله في ربوبيته، والكذب فيها من الأمور الواضحة الجلية لكنّ هؤلاء القوم لهم من الأساليب التي يجيدون بها صنع أغشية على أعين من يتبعونهم، ويصل البرهاني إلى هذا المقام إذ يقول في شراب الوصل «ص9»: وحدي حد الله والحد مطلع لدي وما ضلت بذاك سفينتي فجبريل ميكال عزرء جنودي في التصريف هم تحت إمرتي أرأيتم ؟!! أرأيتم ؟!! وصل محمد عثمان البرهاني في ديوانه المطبوع الذي يوزعه البرهانية إلى أنه يتصرف في الملائكة ومنهم جبريل وميكال وملك الموت!! أدع التعليق في هذه الجزئية للجهات المسؤولة عن طباعة الكتب والنشر فإنها تستطيع أن تصنّف هذه المادة ضمن المواد المحظورة والتي تتعرض لمقدسات المسلمين بالانتقاص والاستهزاء والسخرية. وفي الكتاب نفسه «ص66» قال: والسماء عندنا أبوابها لو فتحناها فماء منهمر وقال «ص62»: تلكم النار من هداي أنارت جانب الطور فاهتداها الكليم، وهكذا يشارك قول بعض الختمية لما قالوا: نار الخليل خبت من ريق تفلتنا ونار موسى أضاءت من محاسننا!! أي قرآن تدعي نصرته وخدمته هذه الطرق وهي تستبدل أخباره المحكمة بدعاوى هؤلاء المفترين على الكذب؟! ولو أردت تتبع دعاوى شيخ الطريقة البرهانية لأخذ ذلك مقالات شهر كامل أو تزيد، لكني أعرض موجزاً تعريفياً أفتح به آفاق بعض من خدعوا بهذه الطريقة ليرجعوا إلى هذه الكتب التي تنشرها طريقتهم وليحكموها على كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وقد قال في نفس الديوان «ص 121»: العرش والكرسي واللوح لي إرثاً وذا نسباً أراه موقراً .. وهكذا هو يقلد شيخه إبراهيم الدسوقي في افتراءاته على الله في دعاوى الوصول للعرش بل في هذا البيت يدعي أن العرش والكرسي واللوح له، فيا له من مفتر كذّاب !! تعالى الله عن قول شيخ البرهانية علواً كبيراً، والمؤسف أن تطبع كتباً كهذه وتنشر بين المسلمين ويحصل بها الضلال والإضلال. وتأملوا هذه الدعوى الفارغة الفاسدة الكاذبة من محمد عثمان البرهاني لما يقول في نفس الديوان «شراب الوصل» «ص 148»: وحقاً ليس لي أبداً مثال وفوق العرش ذو العرش المجيد وكم من هيبتي دكّت جبال وفي يمناي قد نزل الحديد!! أين أنتم يا أتباع الطريقة البرهانية؟! ما موقفكم من هذه الكفريات؟! والشطحات والخزعبلات التي لم يجرؤ إبليس على إدعائها؟! ولما كان يجتمع أتباع هذه الطريقة على أوراد موحّدة كان من المناسب إلقاء الضوء على أذكارهم وأورادهم، ولك أن تعجب أن محمد عثمان عبده شرع لأتباع طريقته أوراداً كان صريحاً لما قال إنه لم يجدها في كتاب وإنما تعلّمها من الأقطاب في الرؤيا !! وبعضها وجده مدفوناً في «أزيار» وصناديق خشبية !! ولذلك لا تستغرب أن يستبدل البرهانيون الأذكار والأوراد التي ثبتت عن النبي عليه الصلاة والسلام من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وغيرها إلى قولهم في ذكرهم وترديدهم: «بها بها بهيا بهيا بهيات بهيات بهياتٍ..» و «وكرب كدٍ كدٍ كردد كردد كرده كرده ده ده ده الله». ولبيان الأوراد والأذكار في الطريقة البرهانية ومهمات أخرى ستكون حلقات هذه السلسلة خمساً إن شاء الله.