الأخ العزيز أحمد طه الصديق في بداية رسالتي أريد أن أسجل إعجابي الشديد بكتاباتك والتي تعالج مواضيع حساسة وأسلوبك الذي يلفت النظر للمشاكل التي تمر بها البلاد. أخي رسالتي لك بخصوص معمل استاك القومي وحسب علمي البسيط أعتقد أنه المعمل الوحيد المعتمد للدولة للتحقق من جميع العينات بمختلف أنواعها. أخي دعتني الظروف في يوم من الأيام للذهاب إليه بغرض فحص عينة لاخت زوجتي وهي كانت مصابة بمرض السرطان، وكانت في أمس الحاجة الى عملية نقل دم واخذنا معنا المتبرعين وعموماً تمت عملية فحص الأنسجة بالدم وتسليمنا الدم. هذه كانت مقدمة لكلامي. أريدك أخي أن تسجل زيارة إلى معمل استاك وبعدها قيم كلامي البسيط هذا، منذ دخولي وكنت أنظر إلى المعمل الذى يتحدث عنه الناس بأنه المعمل الوحيد المعتمد للدولة للتحقق من جميع العينات بمختلف انواعها وأيضاً المعمل الوحيد الذي تعتمد الدولة تشخيصه وتحكم بعد ذلك على القضايا. أولاً انا عندي قناعة بأن أي موسسة حكومية لا يكون نسبة الأداء فيها أكثر من «50%» وانت تعلم السبب لذلك عند ما رأيت شكل المبنى من الخارج والاوساخ والنفايات الطبية «مجدوعة» خارج المعمل بطريقة سيئة جداً وأيضاً العربات الحكومية المعطلة والعربات الخاصة بالتبرع بالدم خارج المعمل وحجم الإهمال الذي أصابها، حزنت على بلدي وطافت بخاطري المعامل التي أراها في التلفاز ويحسبها المرء انها فنادق وليست معامل. أخي لست صحفياً لذلك اعذرني على حديثي ولكن يعلم الله أنه نابع من قلب مجروح على وطن لا يوجد فيه رقيب على مثل هذه المؤسسات الحكومية المهمة. وختام حديثي وفقك الله في إصلاح حال البلاد من خلال كتاباتك الهادفة في صحيفة «الإنتباهة» والله من وراء القصد وهو الهادي الحكم العدل عامر عبد المجيد من الرصيف نشكر الأخ عامر على هذا الرسالة الصادقة والتي تؤكد أن الحس الوطني والضمير الديني في بلادنا لم يتلاشى بالقدر الذي يتصوره الكثيرون، رغم التآكل المريع في البنية الاجتماعية حيث اللامبالاة والفساد بكل أنواعه، لكن هناك من يتألمون من هذا التردي الكبير ويحاولون مثلك بالكتابة في الصحف عسى ولعل ينصلح الحال. وأنت بالطبع لن تكون الوحيد الذي آلمه الحال في المعمل الطبي القومي العريق، وقد يكون المعمل يعاني من شح الإمكانات المادية لكن إزالة أكوام النفايات الطبية والسيارات المعطلة تبحث عن من يبعث فيها الحياة أو على الأقل يقوم بإبعادها خارج اسوار المعمل. وقبل فترة كشفت الرقابة الصحية عن وجود فنيين أجانب متخصصون في البيطرة يعملون في أحد مختبرات الفحص التابع لمستشفى خاص، وكنت قد أشرت إلى ذلك في عمود سابق. وظل كثير من المرضى يعانون من تضارب النتائج في المعامل الطبية، وقبل فترة ليست بعيدة استلمت زوجتي نتيجة الدم بنسبة «90%» فطلبت الطبيبة إعادة الفحص من جديد ثم كانت النتيجة بعد ذلك «75%» فقط، وهذا نموذج من كثير. وقد ذكّرني هذا التخبط في الفحوصات الطبية اسكتش درامي قامت ببطولته الممثلة المخضرمة فائزة عمسيب، حيث أورد المقطع أن امرأة أرادت ان تختبر قدرات معمل فحص طبي بعد أن تكررت فيما يبدو نتائجه الخاطئة «والشاطحة» فقامت بصب ماء في قاروة الفحص وبعد فترة قليلة نادى فني الفحص قائلاً :« يا حجة تلاتة صلايب سكري» فقالت له بسخرية«تلاتة صلايب ماسورتكم». ونخشى أن تتحقق نبوءة تمثيلية فائزة عمسيب، فيقول الفحيص لأحدهم عندك أبو الجعران في الدم بينما يقول آخر يشاهد ظل عربة قلاب مسرعة منعكسة عبر النافذة في انبوبة الاختبار «يا حجة عندك قلاب كبير بلساتك دبل».