اعتمدت البلاد بشكل رئيس على العون الخارجي المتمثل في المنظمات الاجنبية لمد يد العون للولايات المنكوبة، خاصة مع تعثر القطاع الاقتصادي وعدم امكانية الدولة مالياً للايفاء بالتزاماتها تجاه الولايات، الأمر الذي ساعد في انتشار المنظمات الاجنبية بالبلاد، وغض نظر الجهات المختصة عن المخاطر المترتبة عليها، ودرجت مفوضية العون الانساني على اعداد تقرير سنوي عن عمل المنظمات في السودان يشمل البرامج والمشروعات والانشطة، اضافة الى حجم الميزانيات ومصادر التمويل، وتكثيف العمل الانساني في السودان الذي بلغ حوالى «13» من وكالات الاممالمتحدة و «104» منظمات اجنبية ومئات المنظمات الوطنية، وتجاوزت ميزانية العمل الانساني مليار دولار سنوياً تم خلالها إنشاء «550» مشروعاً في قطاعات «الصحة، التعليم، المياه والإغاثة»، وكشفت تقرير صادر عن وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي عن وضع اتفاقية تلزم المنظمات في تنفيذ مشروعاتها بالرجوع للوزارة والموافقة عليها، ورصدت الوزارة عدد المنظمات الاجنبية المسجلة في السودان لعام 2014م التي بلغت «104» منظمات، وعدد المشروعات خلال النصف الاول من العام الحالي بلغ «455» مشروعاً، وعدد العاملين «2960» موظفاً 90% منهم موظفون سودانيون، وقالت وزير الرعاية والضمان الاجتماعي مشاعر الدولب في جلسة مجلس الولايات أمس حول بيان اداء المنظمات الاجنبية العاملة في السودان، ان وزارتها لم تتمكن من متابعة ملف المنظمات الاجنبية في بداية احالته لها، لكن تمت مراقبة لصيقة للملف بعد ظهور التفجيرات والصراعات المثيرة بالولايات، واشارت لوجود بعض التجاوزات في المنظمات الاجنبية والوطنية، مما دعا لفرض رقابة مشددة عليها ووضع ضوابط. واعتبرت الدولب انتشار المنظمات مؤشراً لوجود ازمة بالولاية وليس دليل عافية، ولفتت الى اكتمال اعادة صياغة كاملة للصليب الاحمر وفرض معالجة للوضعية السابقة والزام اللجنة بتقديم خطة عمل سنوية لانشطتها تعتمد بواسطة المفوضية، ولفتت لوجود العديد من التحديات المتمثلة في ضعف الميزانية المخصصة، وقالت إنها لا تتناسب مع حجم وحساسية العمل الانساني، كاشفة عن جملة الميزانية المجازة لعام 2014م بحوالى «18» مليون جنيه، واشارت لعدم وجود تنسيق بين المفوضية والأجهزة الحكومية ذات الصلة، وطالبت مجلس الولايات بتقديم الدعم الكامل لتنفيذ الخطة التي تقوم بها مفوضية العون الانساني بغرض توجيه التدخلات الانسانية والدولية والوطنية على مستوى المركز والولايات وفقا للخطط والأولويات الوطنية، بينما تخوف اعضاء مجلس الولايات من الآثار الجانبية السالبة المصاحبة للمنظمات الاجنبية وتدخلها في اوضاع البلاد الامنية والاقتصادية، وقالوا إن علينا توخي الحذر من «دس السم في الدسم»، واضافوا انها بالرغم مما تقدمه من عون ايجابي الا انها تعتبر سلاحاً ذا حدين مما يتطلب المتابعة الدقيقة لنتقي شرها ونتفادي مخاطرها على البلاد. وارجع عضو المجلس محمد اسحاق طرد المنظمات الاجنبية من ولاية النيل الازرق لعدم الاستفادة منها في مجالي التنمية والثروة الحيوانية، فيما انتقد عضو المجلس الفريق اول ركن آدم حامد موسى تعدد المنظمات الوطنية بشكل كبير والتصديق عليها من الوزارة دون وضع ضوابط مشددة، وقال: «لا يمكن ان يقوم كل شخصين مفلسين بعمل منظمة بغرض المنفعة الشخصية دون الوطنية». ويقول البرلماني بروفيسورعوض حاج على ان المنظمات الاجنبية ليس لها ولاء للدولة المعنية، وتتبع لمن يدفع اكثر، وتسير على المصالح دون الاخلاص للعمل. ووجه عوض بعدم السماح للمنظمات الاجنبية بالتعامل المباشر مع المواطن ليتم التعامل عبر المنظمات الوطنية منها، قائلا: «طالما تلك المنظمات تتدخل في شؤون بلادنا فنحن ايضا نتدخل فيهم». واجمع ممثلو ولايات غرب السودان على ان عمل المنظمات الاجنبية غيب مفهوم العمل الخيري والتكافلي، وشددوا على ضرورة مراجعة قوانين عمل المنظمات لتساهم في اصلاح الولايات الطرفية التي تتصف بضعف البنيات التحتية وتفتقر لمؤهلات التعليم، لافتين إلى ان طلاب المدارس فيها يفترشون الأرض لعدم توفر الإجلاس.