الشاعر الشيخ الأمين الضرير ابن محمد الذي ولد ضريراً بجزيرة توتيبالخرطوم في عام 1815م في أواخر عهد السلطنة الزرقاء، وكان عمره لا يزيد عن الثامنة حين حكم الأتراك السودان وقد اتجه به والده إلى التعليم الديني حيث تلقى العلم بحفظ القرآن الكريم في الخلوة، م اتجه إلى دراسة العلم عند الشيخ إبراهيم بن أحمد ولد عيسى بمسيد ود عيسى جنوبالخرطوم.. وقد مكّنه ذكاؤه ونبوغه المبكرّ من النجاح والتفوّق على أقرانه، مما جعله يحظى بتكريم أستاذه الذي منحه شهادته العلمية.. وقد منحها إياه الشيخ أحمد عيسى، ونالها أيضاً من شيخه الدرديري، وهو العالم الأزهري المعروف، شارح كتاب «المختصر» ومؤلف كتاب «أقرب المسالك».. واهتم الشيخ الأمين الضرير بالأدب إلى جانب تفوقه في العلوم الدينية، وهو الشاعر المبدع الذي نظم الكثير من القصائد العصماء، ويعتبر من الشيوخ العلماء المثقفين لحرصه ومواظبته على التزود بالعلم والمعرفة طيلة حياته، وكان شديد الاهتمام بالصحف والمجلات المصرية، ومنها مجلة «الوقائع» ومجلة «روضة المدارس» ومجلة «الجوائب».. وكان يتابع ما يُنشر فيها بانتظام، وقد نشر على صفحاتها بعض كتاباته الأدبية نثراً وشعراً.. وأشار إلى تلك الكتابات الأدبية الشيخ إبراهيم عبد الرازق في كتابه عنه، ومن أدلة نبوغه وتفوّقه في مجال الفكر.. والأدب، حصوله على الجائزة الأولى في إحدى المسابقات الأدبية التي أعلنت عنها مجلة «الجوائب» المصرية، مما أثار في ذلك الحين، دهشة كثير ممن يجهلون السودان ومكانته العلمية والثقافية، فأراد الشيخ الضرير إثبات نبوغ أبناء السودان بفوزه بالجائزة الأولى في مجال الدراسات الأدبية والعلمية! وفي العهد التركي تم تعيين الشيخ الضرير شيخاً لعلماء السودان، ودرس عليه كثير من طلاب العلم في الخرطوم، وتوتي، ورفاعة. وممن درس عليه العالم الشيخ الشاعر محمد عمر البنا والشيخ يوسف النعمة والشيخ أحمد عوض الله وغيرهم. ويذكر المؤرخون في مجال الأدب السوداني أن التراث الشعري والمؤلفات الأدبية للشيخ الأمين الضرير قد ضاع معظمه ولم يبق منه إلا.. القليل! وللشاعر الشيخ الأمين الضرير قصائد دينية عديدة، وله قصيدة مدح أرسلها للخديوي إسماعيل عندما أصدر قراراً لتأسيس «جمعية معارف مصرية» لنشر العلوم والثقافة برعاية وإشراف نجله توفيق، ويتحدث الشاعر في مستهل قصيدته عن عدم حظوة الأدب والأدباء بما ينبغي أن يكون لهم من مكانة، ثم يخلص في أبيات أخرى للحديث عما لاح للأدباء والعلماء من خير: فحاصل القول إن العلم قد سهلت أسبابه إد بدت للخير.. أعوان حتى يرى دهرنا فوق الدهور علا وأهله فوق أهليها الألى بانوا! المراجع: «تراث الشعر السوداني» تأليف الدكتور عز الدين الأمين و«معجم أدباء السودان» الصادر عن الهيئة القومية للثقافة والفنون بالخرطوم.