في الخامس عشر من ديسمبر 2013م اعلن الرئيس سلفا كير ميارديت، رئيس جمهورية جنوب السودان، عن احباط محاولة انقلابية، اتهم بها نائبه المقال رياك مشار ومجموعة من مناصريه. وقد قاد هذا الإعلان إلى نشوب نزاع مسلّح بدأ في العاصمة جوبا، ودخلت جمهورية جنوب السودان فى مواجهات تشابكت فيها كل عناصر الصراع على السلطة والثروة فضلاً عن الانقسامات القبلية. خلفيات الأزمة في يوليو 2013م عندما أعفى الرئيس سلفا كير نائبه رياك مشار تفجّرت النزاعات بين القيادات الجنوبية، بصورة علنية، بعد أن أعلن رياك مشار، عقب إعفائه من منصبه، أنّه ينوي الترشُّح لمنصب الرئيس في الانتخابات المزمع إجراؤها في عام 2015م، ووقف إلى جانب مشار في إعلانه هذا عددٌ من المسؤولين السابقين الذين أطاحهم الرئيس سيلفا كير في إطار جهده للتخلّص من القيادات التاريخية التي قادت معه حرب التحرير، ومن أبرز هؤلاء باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية، ودينق ألور وزير الدولة الأسبق لخارجية السودان قبل الانفصال، وربيكا قرنق أرملة مؤسّس الحركة الراحل جون قرنق. الأثر على اقتصاد السوداني واجهت جمهورية السودان مزيداً من العقبات الاقتصادية، بسبب توقّف ضخّ النفط مرةً أخرى نتيجة الصراع الدائر في الجنوب. وتعذر على الحكومة اتّخاذ أيّ إجراء اقتصادي لسدّ الفجوة، مثل فرض مزيد من الضرائب، خاصة بعد تظاهرات سبتمبر الماضي. ولا يبقى بذلك أمام حكومة السودان سوى طلب العون المالي العربي، في وقتٍ لم تعد الحكومة السودانية تتمتّع فيه بقبولٍ عربي واسع. من جهةٍ أخرى، قاد احتدام الصراع على حقول النفط في ولاية الوحدة وفي ولاية أعالي النيل اللتين لهما حدود طويلة مع السودان، إلى نزوح عددٍ كبير من المواطنين الجنوبيين إلى أراضي جمهورية السودان، مما يحمِّل حكومة السودان أعباء مالية وإدارية وأمنيّة، لا قبلَ لها بها. وقد أخذت ولايات النيل الأبيض وجنوب كردفان في السودان، في استقبال جموع الفارّين من الحرب في دولة جنوب السودان. كما قاد الاضطراب في المنطقة الحدودية إلى التأثير سلبياً في انسياب التجارة الحدودية التي يستفيد منها البلَدان. وكانت هذه المنطقة قد شهدت العام الماضي توتراً كبيراً بين الشمال والجنوب، وشهدت أيضاً اتهام حكومة السودان حكومةَ جنوب السودان بدعم الجبهة الثورية التي تحارب حكومة الخرطوم في ولايتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وأدّت تلك النزاعات إلى إيقاف ضخّ النفط عبر أنابيب الشمال، مما قاد إلى تدهورٍ شديد في الحالة الاقتصادية في الجنوب. وبدأت جهود الوساطة ومبادرات المصالحة تظهر تدريجياً، ففي 19 ديسمبر الماضى أعلن تحالف المعارضة السودانية فى الشمال وفى خضم الأزمة السياسية والإنسانية الطاحنة التي تواجهها دولة الجنوب، اعتزامه إرسال وفد إلى دولة الجنوب لتقديم مبادرة تهدف لنزع فتيل الأزمة فى دولة الجنوب، وهو ما عبر عنه كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي الذي أكد أن تدهور الأوضاع فى الجنوب سوف يلقى بظلاله على السودان، لا سيما في ما يخص قضية استمرار تدفق النفط. وتزامن مع تلك المحاولة، توارد تقارير عن قيام سلفا كير باللجوء لزعيم الإسلاميين فى شمال السودان حسن الترابي للوساطة بينه وبين خصومه الأقوياء داخل حزب الحركة الشعبية خاصة رياك مشار وباقان أموم ودينق ألور، لا سيما في ظل العلاقة التي تربط بين كير والترابي، فى محاولة لإيقاف تدهور الأوضاع فى جنوب السودان. وفرضت الأوضاع المتدهورة فى جنوب السودان، حزمة من التداعيات السلبية التي ألقت بظلالها على دولة الشمال. تزايد المهددات الأمنية يرى مراقبون أنه من أخطر ما نجم عن الصراع في الجنوب ليس إفشاله لحملة الحكومة السودانية العسكرية في بسط سيطرتها على جنوب كردفان فحسب، بل منح فرصة للحركات المسلحة، فالتقدم الذي أحرزته القوات الحكومية في قتالها ضد المتمردين لم ينجز مهمته بالكامل، حيث سارعت القوات المتمردة لاسيما تلك التابعة لحركة العدل والمساواة إلى استغلال أجواء الصراع الجنوبي، فانحازت إلى جانب الرئيس سلفا كير ضد مشار في القتال الذي دار في منطقة بانتيو الغنية بالنفط، فمكّنها لعب هذا الدور من الحصول على مساعدات عسكرية ولوجستية مهمة من حكومة جوبا لإعادة إمداد قواتها في جنوب كردفان. ويرى مراقبون انه ليست هى المرة الاولى التى يقوم بها جهاز الأمن والمخابرات بتحذير دولة الجنوبب بسسبب ايوائها المتمردين ضد حكومة السودان، حيث ابان الفريق اول محمد عطا ان القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ستلاحق المتمردين فى اى مكان، الأمر الذى جعل عدداً من المراقبين يقولون إن دعم حكومة الجنوب للحركات المسلحة خاصة قطاع الشمال جعل القطاع فى المفاوضات الاخيرة يرفع سقفه التفاوضى لتصعيد جناحه العسكرى والسياسى.