والأجواء السياسية ملبدة بغيوم بعد فشل محادثات أديس أبابا بمساريها بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور، والإعلان عن اتفاق نداء السودان بين الجبهة الثورية وتحالف قوى التجمع الرافض للحوار ورئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، وبطء وتيرة الحوار، وفصل جديد من الاعتقالات السياسية نفذتها السلطات، عقد تحالف أحزب المعارضة المحاورة مؤتمراً صحفياً حول تطورات الوضع السياسي الراهن ظهيرة أمس الإثنين بدار حزب منبر السلام العادل، أداره القيادي بالحزب ساتي محمد سوركتي، تحدث فيه نائب رئيس حزب الإصلاح الآن حسن رزق الذي سرد مشوار الحوار من أوله في يناير الفائت وصولاً إلى خريطة الطريق واتفاق أديس، اللذين اعتمدا من المؤسسات الإقليمية والدولية كالاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي والترويكا، وبدا رزق الذي تحدث باسم الأحزاب المحاورة، غير راضٍ عن اتفاق نداء السودان بقوله إن الاتفاق لم يخرج عن مضامين خريطة الطريق واتفاق أديس، وأوضح أن ميزة الاتفاقين الأخيرين أنهما بمشاركة الحكومة مما يكسبهما وزناً وذلك بخلاف نداء السودان الذي تم بين المعارضة المسلحة وغير المسلحة. وانتقد مسيرة الحوار التي وسمها بالبطء، محملاً الحكومة الوزر الأكبر في هذا البطء، بسببها تأخر اللقاء التشاوري في أبريل، وتالياً اعتقال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي لفترة شهر، واستمر في نقده للحكومة، مشيراً إلى أن وضع خريطة الطريق لم يأخذ وقتًا يذكر، لكن اعتقال رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ ونائب رئيس حزب الأمة مريم المهدي عطل الحوار، ومن بعد جاء المؤتمر العام للمؤتمر الوطني ليمد في تعطيل الحوار، وأخيرًا تأخر التحاق ممثلي لجنة السبعتين بأديس للحوار حول خريطة الطريق جراء عدم توافق الحكومة مع مفاوضيها في المنطقتين ودارفور. ولم يعف رزق أحزاب الحوار من وزر تأخر الحوار في مرحلة اختيار ممثليها في آلية السبعتين، ولكنه ألقى باللائمة الأكبر على الحكومة. وهاجم رزق الحكومة واتهمها بعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في خريطة الطريق واتفاق أديس، وبالرغم من نجاح أحزاب الحوار في سعيها لإطلاق سراح المهدي والشيخ ومريم وعدد من الطلاب إلا أن بقية السجناء السياسيين ما زالوا قيد السجن، بل وعادت الحكومة للاعتقالات مجددًا ومنهم من تجاوز الثمانين، في إشارة إلى الاعتقالات الأخيرة للسياسيين وقيادات المجتمع المدني التي عادت من أديس عقب توقيعها على نداء السودان، ومنها فاروق أبو عيسى وفرح عقار وأمين مكي مدني، وخص رزق بالذكر دكتور محمد علي الجزولي الذي اعتقلته الحكومة بوصفه من المتشددين، وشدد رزق على أنهم ضد أي عتقال سببه الرأي السياسي، مضيفاً من حق الفرد أن يكفر بالله وأن يعبد الأصنام إن شاء، وقال ما زلنا ننتظر الرد بشأن قائمة ال «64» سجيناً سياسياً التي سلمناها للسلطات. أما الوطني فرده أنه يتفق معنا في أمر السجناء، ولكنه يعود ليقول إن لتلك الأجهزة قوانين وهي تتصرف بموجبها ولا نتدخل في عملها. وأوضح رزق أنهم لم يقبلوا بهذا الرد، لأن كل السلطات الأمنية تحت رئاسة رئيس الجمهورية، فضلاً عن أن الحركات المسلحة تتحدث عن ألف سجين، داعياً الحكومة للقيام بعملية تبادل الأسرى مع الحركات. وبشأن الرقابة على الصحافة قال رزق إنها لا تزال قائمة سواء القبلية أو البعدية، ولا بد من رفعها، وكذلك يجب وقف منع السياسيين من السفر للخارج. وقال طالبنا الحكومة بتوفير الضمانات الكافية للحركات المسلحة خاصة أنهم يرون أن الحكومة اعتقلت القيادات التي كانت تحاورها في إشارة للمهدي، فكيف بمن صدرت في حقهم أحكام بالإعدام، في إشارة لرئيس الجبهة الثورية وأمينها العام. ودعا لتعليق تلك الأحكام. ومضى رزق في حديثه وهو يبدو كمن يستشعر العجز وقلة الحيلة بقوله، لأننا نبحث عن غاية كبرى نتحمل ما هو جار عسى أن يعودوا لرشدهم، في إشارة للحزب الحاكم وحكومته. وتطرق لمنع الجهات الأمنية لأنشطة طلاب المعارضة بالجامعات، وقال إن الأمن يسيطر عليها، ودعا لإبعاد الأمن من الجامعة. وعن حق الأحزاب في ممارسة أنشطتها السياسية تحدث عن قرار رئيس الجمهورية«158» عن حرية الأحزاب في تنظيم أنشطتها السياسية والتعامل معها بحياد تام، فضلاً عن دعوته لوسائل الإعلام للتوازن بين الأحزاب وعدم القيام بأية حملات دعائية لحزب دون الآخر، بينما يقرر الواقع أن الأحزاب ممنوعة من إقامة مناشطها ومسيراتها السلمية وأن كل وسائل الإعلام الرسمية مجيرة للحزب الحاكم، وقال نحن لا نطمع في بث مؤتمراتنا بالكامل، ولكن على الأقل أن يصل رأينا كما هو للناس. وبطبيعة الحال، لم يكن لرزق أن يتجاوز الانتخابات التي صارت قاب قوسين أو أدنى، مشيرًا إلى أن الناس يساقون لها سوقاً، وجزم بأنها لا تعنيهم في شيء طالما أنها لم تخرج من طاولة الحوار. وفيما يختص بالتمرد قال رزق أخبرنا الحكومة أنها لن تستطيع إنهاء التمرد، وإن نهايته لا تتأتى إلا بالحوار والاتفاق، منوهاً إلى أن الحرب تلتهم «70%» من الموازنة الشيء الذي دفعهم لا تخاذ قرار للاتصال بالحركات المسلحة والأحزاب الرافضة للحوار دون موافقة الحكومة. وانتقد رزق المعارضة التي أصابها الضعف لعدم توحدها مما دفع الحكومة للامبالاة بها، كما صارت أكثر تمزقاً وشتاتاً بعد اتفاق نداء السودان الذي تجاهل الأحزاب المحاورة، وعاب على قطاع الشمال دفعه لمقترح الحكم الذاتي في المنطقتين، ووصفه بأنه سيفضي إلى الانفصال، وزاد: معظم الأحزاب المحاورة لا تقبل بذلك أبداً، وأكد حرصهم على الحوار، مستدركاً بأن للحوار ثمناً لا بد أن تدفعه الحكومة والمعارضة. حزب التضامن السوداني الديمقراطي وهو من أحزاب الحوار، وزع على الصحافيين بياناً خلاصته أن الوطني لا يملك الإرادة لإدارة حوار شامل يؤدي للتغيير المنشود، وحمله مسؤولية أي تطورات تراكم الأضرار على البلاد. وفي رده على أسئلة الصحافيين قال رزق سنظل نكرر ما نقوله، وعندما تحين اللحظة الحاسمة سنرفع يدنا عن الحوار، ونرجو ألا نصل لهذه المرحلة. وفي سؤال «الإنتباهة» عما إذا كانت أحزاب الحوار ستلجأ للمؤسسات الإقليمية والدولية التي اعتمدت خريطة الطريق واتفاق أديس للضغط على الحكومة للوفاء بما التزمت به، أوضح أن المؤسسات الدولية تضغط على الحكومة بالعقوبات الاقتصادية وغيرها التي أضرت بالمواطن. أحزاب الحوار رفضت نداء السودان، وتبدو يائسة إلى الحد الذي ترجو فيه ألا يأتي الوقت الذي ترفع فيه يدها عن الحوار، والحكومة ماضية في الانتخابات، والجبهة الثورية عادت لنشاطها العسكري عقب انهيار المفاوضات، ويلوح في الأفق فصل جديد من فصول الجنائية الدولية، ترى ما الذي يحمله الغد لحاضرٍ.. هذه هي ملامحه؟