إذا صح أن هذا الذي نحن فيه هو كما ورد في حديث حذيفة بن اليمان صاحب السر الذي لا يشاركه فيه أحد من أنه خير وفيه دخن وأن دخنه هو في أقوام يهدون بغير هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنك تعرف منهم وتنكر.. إذا صحت هذه العبارة فينا وفي أهل الإنقاذ وأهل الحركة الإسلامية فإن المرحلة التي تأتي بعدها هي شر منها.. إذ أنها مرحلة تأتي بعد خير فيه دخن.. فلا بد إذن أن تكون شراً محضاً فإذا كان زمن الإنقاذ والحركة الإسلامية هو زمن فيه خير ويخالطه دخن.. وإذا كان الذي يأتي بعده شر منه فهنيئاً للإنقاذ وللحركة الإسلامية أن تكون أهون الشرين أو «أحسن السيئين» كما قيل عنها. قال «حذيفة» قلت وهل بعد ذلك من خير؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.. قال: قلت يا رسول الله صفهم لنا قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قال: قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. فإذا كان هذا السر يعقب خيرًا فيه دخن فمعنى ذلك أنه شر محض غير مختلط بأي درجة من درجات الخير. كما أنه يمثله دعاة على أبواب جهنم أي قريبون منها بسبب ذكر قيامهم على أبوابها وذلك لقبح أفعالهم وليس بعد الوقوف على الباب إلا الدخول. قال حذيفة: قلت يا رسول الله صفهم لنا. قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. فإذا كان هؤلاء القوم من جلدتنا فهم منا وإذا كانوا يتكلمون بألسنتنا فهم عرب مثلنا ومعنى ذلك كله أن هذا يحدث في بلاد العرب، والسؤال: لماذا اخترنا السودان والإنقاذ والحركة الإسلامية لنُنزل هذا القول عليها.. قلت إن أهل السودان هم أشبه أهل الإسلام بهذا القول والذي يحدث في بلاد السودان اليوم هو الأقرب إلى هذا القول وإلى الظرف الذي يدور حوله الحديث.. وسنرى عند قوله فإن لم يكن جماعة ولا إمام إن ذلك يحتمل بل يجب أن يكون في بلاد متفرقة لأنه لو وُجد جماعة وإمام فإن الأمر متوجه ومنصلح ولا دور لهذا الحدث أصلاً. وإذا كان الأمر فعلاً في بلاد متفرقة فالحديث عن أي دولة إسلامية أو جماعة إسلامية موافق ومطابق للإخبار النبوي قال حذيفة: قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. ومعنى هذا الكلام أن الجماعة والإمام من الأمور الجائزة شرعاً إلى قيام الساعة ولا مجال للتذرع بتغير الزمان والأحوال وتغير الناس فالقرآن صالح لكل زمان ومكان والمنهج هو المنهج حتى النفخ في الصور فإذا لم تقم الجماعة ولم يقم الإمام فالإثم والوزر على من قعد من ذلك من فرد أو جماعة أو دولة أو حكومة.. قال حذيفة قلت: فإن لم يكن جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك!! ويُفهم أن احتمال قيام الجماعة والإمام وارد مثل احتمال عدم قيامها فالواجب على المسلم أن يأخذ لكل حالة أهبتها.. وعلى الإنقاذ والحركة الإسلامية أن تتحرك في الساحة بفهم وتجاوب عن هذا السؤال المهم: هل هذا الحديث ينطبق على زمانها أم لا ينطبق؟ فإن كان ينطبق فلتلعم أنه ناتج عن تقصير منها لأن الناموس لا يتعارض مع الأمر والنهي فإذا كانت الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس فإن ذلك ناموس وحكم شرعي لأن هؤلاء الأشرار إنما كانوا أشراراً فما ذلك إلا لمخالفتهم لمقتضى الأمر والنهي إما بالفعل أو بالترك. وأنا أقول للإخوة في الحركة الإسلامية: انتبهوا فأنتم في درك وفي بلاء وفي فتنة.. فالفهم الفهم.. والجد الجد.. ويمكن أن تخرجوا من هذا الدرك وهذا البلاء وهذه الفتنة بالعمل بطاعة الله في كل صغيرة وكبيرة وبالتحوط والاحتياط من الوقوع في براثن الفتن وتصديق الإخبار النبوي بل نجهد أن يكون الإخبار بالشر معنياً به غيرنا.. والذي أستطيع أن أؤكده أن الإنقاذ والحركة الإسلامية تستطيعان اليوم إقامة دولة الإسلام وإقامة جماعة المسلمين على النهج الذي يرضي الله سبحانه وتعالى ويرضى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم. وأنا أقول ذلك لأن إقامة دولة الخلافة جائز وممكن وإعادة نمط خلافة الصديق أمر في المتناول.. وكذلك إقامة خلافة الفاروق وخلافة ذي النورين وخلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. ولو لم يكن ذلك جائزًا وممكنًا لما طالبنا الله سبحانه وتعالى بالتعبد على مثاله.. كل الذي يطلب منا لتحقيق ذلك هو الهمة والعزم والنية. ووالله لا أشك وما ينبغي لأحد أن يشك في أن الله سبحانه وتعالى لا يتعبدنا بالمستحيلات ولا بالأغاليط «وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون». ونحن حتى هذه اللحظة لم نقتنع بأن نعض على أصل شجرة لأن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يزال مفتوحاً على مصراعيه وأن الذي تعجز عنه الإنقاذ ليس من علامات آخر الزمان.. بل هو أمر ترفض الإنقاذ الالتزام به مع تمام المكنة منها للقيام به على أكمل وجه. والإنقاذ في حاجة إلى عشر قيادات إسلامية ملتزمة تتولى قيادة العمل التنفيذي لمدة عام واحد لتتأكد الإنقاذ أنها مخطئة ومقصرة وأن الخلافة الراشدة ممكنة وفي المتناول وأن عمر بن عبدالعزيز وعتاب بن أسيد ومسروقاً وأبا هريرة وسعيد بن عامر أشخاص حقيقيون وليسوا من الأساطير ولا من الخرافات. يا أهل الإنقاذ لا تكونوا آخر فتن الزمان وملاحمه ويا أهل الحركة الإسلامية لا تكونوا دعاة على أبواب جهنم ويا أهل السودان لا تكونوا أول ناقض لعرى الإسلام.. أقيموا الجماعة وأقيموا الإمام واستمسكوا بما يُعرف وآعرضوا عن كل ما ينكر تكونوا حجة على سواكم..