الصراصير مشكلة حقيقية في المدن التي شيدها الإنسان. من سيدني بأستراليا إلى القطب الشمالي تجد الصراصير منتشرة في أي مكان يقطنه البشر.. وقد بدأ الإنسان حرباً على الصراصير منذ أزمان بعيدة إلا أن الغلبة كانت دائماً للصراصير.. للآن لم نسمع أن مدينة من المدن قد استطاعت أن تخلص سكانها من الصراصير والسبب يعود الى تلك القدرة الفائقة التي وضعها الله سبحانه وتعالى في تلك الصراصير على التأقلم مع جميع الأجواء واكتساب مناعة ضد كثير من المبيدات الحشرية.. ومن ناحية أخرى فإنه لا يفيد أن تقوم بمفردك لترش منزلك بالمبيدات الحشرية طالما أن المباني التي تجاور منزلك تعج بتلك الحشرات فسرعان ما تتسلل إلى منزلك عائلة من الصراصير وتبدأ في تعمير المنزل من جديد.. وقد اعتادت الشركات التي تنتج المبيدات أن تعلن من وقت لآخر عن مبيد جديد تدّعي أنه يملك كل الفاعلية في إبادة الصراصير ولكن بعد أن يروج استعماله لعدة سنوات سرعان ما يفقد فاعليته تلك وتكون الشركة قد جهزت مبيداً جديداً، والواقع يقول إنه ليس في مصلحة الشركة إنتاج مبيد له الكلمة الأخيرة في إبادة الصراصير.. لأن الصراصير لو أبيدت لأغلقت الشركة مصانعها وأعلنت إفلاسها.. فتصور تلك الحشرة الصغيرة كم يقف خلفها من علماء واختصاصيي الحشرات والكيمياء الحيوية والكيمياء العضوية والشركات الموردة للمواد الخام والمشتقات البترولية والعضوية التي تُستخدم لإنتاج تلك المبيدات؟ جيش كبير من الناس يكسب رزقه من وراء تلك الحشرات وليس في صالحهم أن تنقرض الصراصير.. كما أن هناك عدداً كبيراً من البوذيين والهندوس لا يوافقون على قتل الحشرات بل هم حلفاء لتلك الجيوش الكبيرة من الصراصير الموجودة في منازلهم وأماكن سكنهم … ولهذا جاء الناس الذين تهمهم مكافحة تلك الحشرات بأساليب جديدة وتكون مقبولة من تلك الفئات حليفة الصراصير ومن بين تلك الأساليب أسلوب خلط الطعام بمادة البيكنج بودر… أو بايكربونات الصودا كما يعرفها الناس.. وتلك المادة تخلط في العادة مع الدقيق حتى تجعل الخبز ينتفخ عندما يوضع في الفرن.. وعملية الانتفاخ هذه تحدث من خروج غاز ثاني أكسيد الكربون.. وفي الحالات التي نشرب فيها مياهًا غازية فإننا نتجشأ حتى نُخرج ذلك الغاز من معدتنا ولكن الصرصار لا يستطيع أن يتجشأ ولذلك تنتفخ بطنه حتى تنفجر … والذين يعترضون على قتل الصراصير تقبلوا هذه الفكرة على أساس أن الصرصار هو الذي يقتل نفسه وذلك لأنه شره في التهامه للطعام المحتوي على تلك المادة.. ولو لم يكن شرهًا لما انتفخت بطنه حتى انفجرت وعليه فإن الصرصار وحده هو المسؤول عن مصيره الذي يستحقه. ولكن المعركة لا تنتهي عند هذا الحد … بل ستستمر وستظل شركات إنتاج المبيدات الحشرية تطل علينا من وقت لآخر بمبيد جديد ذي قوة رباعية.