الفترة الطويلة التي سبقت تشكيل الحكومة بعد الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة عقب انفصال الجنوب جعلت كثيراً من قيادات المؤتمر الوطني تتطلع للوصول إلى كرسي الوزارة خاصة من الشباب بعد الإشارات التي صدرت بأن الحكومة القادمة ستكون أكثر شباباً وبعض هؤلاء لم يكتفِ بالتطلع بل سعى سعياً حثيثاً للوصول إلى كرسي الوزارة والبعض وجد ضالته في بعض الصحف التي أصبحت تروج لبعض الأسماء أو تشير لبعض الشخصيات بأنها ستكون من ضمن التشكيل الوزاري حتى أصبح الناس يفسرون الأمر بأن من ورائه هدف وغرض وربما مصالح. إنني أعتقد أن من يسعى لأن يكون وزيراً أو المتطلع لذلك أو المكنكش في الوزارة أو في المنصب الذي هو عليه ليس لأنه الأقدر على الإبداع أو الإنجاز بل إنه يسعى لذلك من باب الوجاهة للحصول على مكسب مادي أو اجتماعي، وإذا نظرت إلى من هم حولك ستجد أن كثيراً من المبدعين إنجازاً وعطاءً منزوين بعيداً عن الأضواء لا يتحدثون عن إنجازاتهم ولا يرضون حتى حديث الآخرين عنها، فهؤلاء هم الذين يستحقون أن يكونوا وزراء أو في مناصب سيادية. أخي القارء الكريم الإنقاذ عندما جاءت إلى سدة الحكم رفعت شعار «نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع» لقد رفعت وقتها شعار قوي وجميل وهادف، لقد حددت الهدف بوضوح شديد، فهل كان هذا الشعار صعب تحقيقه في وطن تتوفر فيه كل متطلبات ذلك الشعار سواء كانت زراعية أو صناعية حتى لو كان تحقيق ذلك في حده الأدنى فقط كسرة وملاح ومتطلباتهما، ودمور ودبلان وساكوبيس وشقيانة للكراع؟ أكثر من عشرين سنة ولا زلنا نستورد الطماطم من دول الجوار، أكثر من عشرين سنة ولا ننتج أكثر من 25 في المائة من احتياجنا من القمح، انظر إلى ما عليك الآن من ملابس هل ما على جسمك أي شيء مصنوع في السودان، «كدي» عاود النظر وقول بصراحة هل عليك ما هو مصنوع في السودان حتى الطاقية التي على رأسك؟! أليس عيباً أن نستورد زيوت طعام ونحن كنا نكتفي ذاتياً من الزيوت ومن أكبر الدول الإفريقية تصديراً للحبوب الزيتية. طيب يا أخي إذا كان نحن ما أكلنا مما نزرع بعد عشرين سنة من رفع ذلك الشعار ولم نلبس مما نصنع فماذا ينفعنا أن يكون لدينا وزير زراعة أو وزير صناعة؟«ما تقول لي ما نحن بننتج عربات ونصنع طيارات!» وإذا كان وزير الزراعة يقعد في كرسي الوزارة 4 سنوات وفي النهاية السودان يستورد طماطم وزيت وفول مصري يبقى وزير ما نافع!! هل تعلم أخي الكريم أن جوال الفول المصري الوجبة الرئيسية لكل سكان المدن في السودان أصبح بمليون جنيه بالقديم وجوال البصل أكثر من 200جنيه؟! «يعني ربع الفول 08 جنيهاً وربع البصل 02 جنيهاً». في إعتقادي أن وزارة الزراعة ووزارة الصناعة أهم وزارتين من مجمل الوزارات وأن جميع الوزارات الأخرى تعتبر داعمة لهاتين الوزارتين وإذا استطاعت الحكومة أن تحقق متطلبات شعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع في ذلك الوقت تستطيع أن نقول للعالم أجمع طظ!! أحد وزراء الحزب الاتحادي الأصل الذي أصبح وزيراً سمعناه يتحدث عن ما حدث للزراعة من تردٍ وتخلف كنت أتمنى أن «يدوه وزارة الزراعة ليعدل من حالها ومع طولة لسانه حزبه جاب مساعد ومستشار لرئيس الجمهورية محتاجين في نفسهم للمساعدة والاستشارة». كتبنا كثيراً ونادينا بأن التربص بالسودان والعداء ضده لا يمكن مجابهته إلا بجمع الصف الوطني، إلا باتفاق كل القوى السياسية على كلمة سواء تتضافر فيها الجهود لهزيمة الأعداء الذين يسعون للنيل من السودان. وانضمام الاتحاد الديمقراطي كحزب عريق يجمع أهل الوسط في السودان شيء مطلوب ومرحب به. ولكن أن يأتي الحزب مشاركاً بأضعف عناصره، متردد في المشاركة، منشق في داخله، يتربص المعارضين للمشاركة بالمؤيدين لها لن يفيد ذلك استقرار الحكم ولن تكون مثل هذه المشاركة إلا خصماً على الاستقرار والتنمية والبناء. فانظر أخي القارئ الكريم إلى من قدمهم الحزب الاتحادي الديمقراطي فهل تجد فيهم فائدة تنفع الناس؟ أما حزب الأمة الذي كان الشارع يعول عليه كثيراً أصبح غير معروفة نواياه. تارة تجده قريب من الاجماع الوطني وأخرى تحس أن له أجندة لا تصب في مصلحة الوطن. تبرأ الحزب من مشاركة العقيد «م» عبد الرحمن على لسان والده الذي قال إن ابنه لا يمثل حزب الأمة في السلطة ولكنه لم ينفِ تمثيله لأسرة المهدي في السلطة فهذا واقع لا يمكن إنكاره. السيد الصادق سعى لإدخال ابنه القوات المسلحة منذ عهد نميري ورفض الرئيس نميري دخوله الكلية الحربية «لأسباب ذكرها» «رحمة الله عليه دائماً كانت له نظرة صائبة». فأرسل الصادق ابنه إلى الأردن للتدريب في كليتها الحربية على أساسيات التدريب العسكري وجاء عبد الرحمن إلى الوطن ليصبح ضابطاً في الجيش بعد ذهاب حكم نميري وكان ذلك في عهد حكم والده ولم تزيد معرفته على ما اكتسبه من الكلية الحربية الأردنية. الفكرة السائدة في الجيش أن السيد الصادق وأسرة المهدي تريد أن يكون لها وجود في القوات المسلحة يصل إلى رتبة قيادية يكون لها دورها في المستقبل. اليوم أصبح العقيد عبدالرحمن مساعداً لرئيس الجمهورية وبالتالي سيكون عقيداً متقاعداً على المعاش ولا مجال لرجوعه للقوات المسلحة بموجب قوانينها. وهذا لا يحقق ما سعى إليه آل المهدي. ولكن الملاحظ من التصريحات يؤكد أن السيد العقيد «م» عبدالرحمن الصادق مساعد رئيس الجمهورية أصبح مساعداً من منازله فحزب الأمة تبرأ من مشاركته والقوات المسلحة بعد تعيينه مساعد خرج منها ولن يعود ولا أعتقد أنها ترغب في عودته مرة أخرى. والجهة الوحيدة التي لها قاعدة عريضة ويمكن أن تقبله هي قاعدة قدامى المحاربين إذا كان سيادته ينتمي إلى قدامى المحاربين. وفي إعتقادي أن الأخ عبدالرحمن وهو مساعد لرئيس الجمهورية إذا تبنى ملف قدامى المحاربين وجرحى العمليات والمحالين للصالح العام منهم فإنه سيكسب كثيراً وسيجد الكثير الذي ينفع به الناس.