خلال ملحمة الأمطار الغزيرة من عام 1995 وفي تعليقها على قوافل الدعم الشعبي لقوات الدفاع الشعبي قالت إذاعة (البي بي سي) البريطانية إن محافظة أم بدة قدَّمت قافلة لدعم المجاهدين حين وصل أولها لمقر الدفاع الشعبي بالخرطوم لم يتحرك آخرها من أم بدة تحمل على ظهور الشاحنات زادًا للمجاهدين يكفي لإطعام دولة إفريقية لمدة عام كامل. وفي مشاهد تقشعر منها الأبدان.. تسابقت جميع ولايات السودان ومؤسساته ومنظماته وواجهاته ورجاله ونسائه لدعم الدفاع الشعبي بالذهب العيني والمال النقدي والمواد الغذائية والطبية والإيوائية فضلاً عن اصطفاف الملايين من الشيوخ والشباب والشابات والطلاب والطالبات متطوعين بأنفسهم للتدريب والقتال، إضافة للدستوريين والقياديين والموظفين والفنيين بمختلف درجاتهم وتخصصاتهم الشيء الذي حسم كبريات الملاحم والمعارك التي خلدها التاريخ بمداد الدماء وأشلاء الشهداء.. الدفاع الشعبي الذي أحيا في الأنفس عزة المسلم وأيقظ فيها كوامن الدين الجهادي عبر استدعاء آيات القتال.. (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير..) )يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض.. أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة.. فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل..) (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم.. فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.. فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء.. واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم.. إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين..) (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون.. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون).. وأحاديث الرسول الأعظم (ص) (من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة).. (رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها).. وسؤاله (ص) عقب صلاة الجمعة لذلك الصحابي الذي تخلف عن السرية التي ودعها (ص) بعد صبح تلك الجمعة ورد الصحابي للرسول (ص) بقوله (قلت أصلي الجمعة خلفك يا رسول الله ثم ألحق بهم .. ورد الرسول (صلى عليه وسلم).. والله لقد سبقوك بمسيرة خمسمائة عام). الخطباء والمنشدون والشعراء الذين شرخوا الحناجر بالتكبير والتهليل وأدمعوا الأعين وأدموا القلوب وهيجوا المشاعر وألهبوا الأحاسيس وفجَّروا شلالات الكرامة وبراكين الغضب لله والدين والوطن بكلماتهم القوية وألحانهم الشجية استصغارًا لجبال المآسي ووديان المحن وتوقًا للمعالي في الدنيا والآخرة وتخليدهم للرجال والمواقف والملاحم بقولهم.. (وكت نجمع... يمين الدنيا كل الدنيا.. ترخى أضانا عشان تسمع..) (قسمًا لن نبرحها إلا بعز النصر أو نصر الشهادة..) (هبي هبي رياح الجنة.. نحنا الدنيا دي ما مسكنا..) )لن نُذل ولن نُهان.. ولن نطيع الأمريكان..) (لسنا بطير مهيض الجناح.. ولن نُستذل ولن نُستباح). مشاهد التدريب في الميادين للرجال والنساء.. وصور التسابق للشاحنات للحاق بالمتحركات ووداع الأمهات للبنين بالجرتق والزغاريد.. والأداء البطولي والرجولي بمسارح العمليات وتوثيق ثباتهم ووصاياهم عبر إعلام الدفاع الشعبي وبرنامج ساحات الفداء(محبوب الملايين من المستضعفين من كل ملة ودين) وبثه للعالمين بقدر ما مكن للدين وثبت القلوب وحقق البهجة والطمأنينة للمسلمين والمستضعفين بقدر ما بث الرعب والهلع في قلوب المستكبرين والمأجورين والمنافقين فضلاً عن تدمير معنويات المتمردين ما جعل قيادتهم تحقنهم بعقاقير الهلوسة وتطعمهم الحبوب المنشطة لدرجة أن بعضهم تصليه نارا حتى تندلق مصارينه تحت رجليه ولا يزال يندفع نحوك حتى يسقط تحت رجليك جثة هامدة بلا حراك.. ولقد وجدنا كثيرًا من تلك الحبوب والمنشطات في جيوبهم. أعراس الشهداء والتفاف الشعب السوداني حولهم وثبات أهليهم وابتهاجهم بهم واستعراض سيرتهم المختلفة كلياً ما بين شهيد وشهيد والمتفقة جميعها على صدق التدين والإقدام وارتباطهم الوثيق بكل من حولهم تنبئك أنهم ذرية بعضها من بعض.. وكل شهيد هو مشروع كتيبة تحمل اسمه وتواصل مسيرته مما يجعل بحر المجاهدين «فوار موار» متلاطم الأمواج لا ساحل له ولا نهاية له إلا الكوثر.. من ركبه لن ينزل إلا هنالك ومن اعتصم بغيره غرق ولو بلغ عنان السماء يا (خليل إبراهيم وعبد العزيز عشر وأحمد آدم بخيت.. والآخرين). التحية لشهداء الميل 73 شرق الاستوائية (الشهيد المعز عبادي والشهيد حسين دبشك وإخوانهم) والذين رفعوا التمام لسيد الأنام في 16/11/1995 فكان خير احتفال بعيد الدفاع الشعبي. التحية لشهداء الدفاع الشعبي (محمود شريف.. أحمد عبد الله الكلس.. محمد أبكر صبيرة.. محمد أحمد عمر.. أحمد البشير الحسن.. عوض عمر السماني.. ماجد كامل.. علي الشفيع سعد.. علي عبد الفتاح.. هشام عبد الله.. زين العابدين إبراهيم.. الصادق أبو عسيلة..عمر اوهاج)... والشهداء المثاني (دهب وسفيان فيصل.. أنس وأمين الدولب.. الشيخ وأبو عبيدة الفادني.. معاوية والطيب بانقا.. منصور وإبراهيم شمس الدين.. علاء الدين وسيف الدين شرفي.. حاج نور وابنه عبد الله.. محمد قمع وابنه بكري)... وسبعة عشر ألف شهيد. التحية للدفاع الشعبي الذي ساند القوات المسلحة بمئات الألوية والكتائب والسرايا بعدما قام بتدريب أكثر ثلاثة ملايين من الشعب السوداني شارك منهم في مسارح العمليات الحربية أكثر من مائتي ألف مجاهد بعضهم شارك عشرات المرات في مختلف الجبهات والمتحركات.. وقدم أكثر من سبعة عشر ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمعاقين ولا يزال ممسكًا بالبندقية وحارسًا للقضية ضد كل عميل وخائن مأجور داخل دواوين الدولة أو خلف الحدود. الدفاع الشعبي في عرسه الثاني والعشرين لا نقول قد بلغ الرشد فهو والله وبالله وتالله قد ولد راشدًا وسيظل راشدًا إلى يوم القيامة.. ويا خير راع للدين والقيم وحافظاً للعهد والميثاق.