من إكرام الله على أهل السودان أن أحيوا شعيرة الجهاد والاستشهاد بعد اندثارها في مفهوم الأمة مع ثقافة الاستسلام والخنوع والبُعد عن قيم الدين وسيرة السلف الصالح، ومع بزوغ فجر الإنقاذ كانت مؤسسة الدفاع الشعبي مولوداً شرعياً للقوات المسلحة السودانية وسندها الحقيقي حاملاً لمشاعل النور ورايات النصر في مسيرة قاصدة وسنوات من الجهد والمجاهدة بلغت سن الرشد وتجاوزت العشرين عامًا قدَّم خلالها الدفاع الشعبي خيرة الصادقين منهم من مضى لله شهيدًا مستبشراً بإخواته المنتظرين لتمضي مواكب المجاهدين في تجرد وصدق وعزيمة لا تلين ونكران للذات وإخلاص في العمل والمثابرة وشكلوا مع قواتهم المسلحة أعظم لوحات النصر والكبرياء للوطن.. اثنان وعشرون عاماً دخل فيها الدفاع الشعبي كل بيت وصال في كل الميادين حرباً وسلمًا، صانعًا للوطن أعظم الملامح وأفضل المشاهد البطولية عانق كل حر ومسح دمعة اليتيم ورأسه وواسى أمه وزرع الأمل وكتب على صفحة التاريخ إشراقات مضيئة من مواقف الرجال وأسس لتجربة رائدة فجرت الطاقات وشحذت الهمم وقادت الناس إلى رحاب الجهاد وأعلت لا من أو أذى من قيمة الولاء للعقيدة والوطن فاستنفر الشباب لساحات الجهاد وميادين البناء وسارت القوافل في كل دروب الوطن تنشر العلم وتداوي الجراح وترسخ للسلام والتعايش بين أبناء هذا البلد فانخرط في معسكرات التدريب الشيب والشباب والرجال والنساء بكل أعراقهم وسحناتهم وشعاره في ذلك جهاداً لله وحماية لراية الحق وردًا للظلم والتأكيد على هوية الأمة وإشاعة الفضيلة وكان النداء خفافاً عند الفزع لنصرة الضعفاء. هذا هو سهم الدفاع الشعبي في مناطق النزاعات والمناطق المتأثرة بالحرب بمشروعات العون الذاتي وقوافل الدعم الاجتماعي والتدريب والتأهيل في كل محاور العمل التربوي والصحي وتمليك وسائل الإنتاج والمشروعات الصغيرة ومن أهم ما قدمه للوطن صهر الجميع في بوتقة واحده فتلك المؤسسة لا تعرف القبلية أو الحزبية إنما كانت أبوابها مشرعة لكل أهل السودان بكل قبائلهم وانتماءاتهم وكان الدفاع الشعبي حاضراً مع القوات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني في كل الميادين يحبط مخططات الأعداء في دارفور أرض القرآن، عمل على تثبيت دعائم الأمن ورتق النسيج الاجتماعي وفي معسكرات النازحين بجنوب كردفان مع القوات المسلحة والأمن الوطني أعطى للتمرد درسًا سيظل في ذاكرتهم ما كانت لهم عين تطرف وكان في النيل الأزرق عندما غدر العملاء والخونة بحاضرة الولاية واستباحوها كانت كتائب المجاهدين والدبابين والقوات الخاصة في المقدمة فطاردوا فلول التمرد وطهروا النيل الأزرق من دنسهم فكان النصر. والدفاع الشعبي خلال مسيرته المباركة ظل صامداً بشبابه المجاهدين والطلاب الدبابين والعلماء المتقين والدعاة المرابطين والمرأة بزاد المجاهد والزراع بحصاد أرضهم الطيبة والتجار وجهادهم بالمال كان الدفاع الشعبي بإرثه الجهادي منارة تُنير طريق الوطن ومدرسة تخرج الجيل الرائد الحامل للواء العزة وبكتائبه المجاهدة من الأهوال وحتى البشارة ومن معاركه العظيمة منذ صيف العبور والميل أربعين وحتى معركة سالي والكرمك ظل هو صمام الأمان مع القوات المسلحة يأتمر بأمرها وتحت قيادتها يشاركها الخنادق والبنادق لكل من تسوِّل له نفسه المساس بأمن واستقرار هذا البلد ومع العام الثاني والعشرين يكون الدفاع الشعبي قد نضج فكره واكتمل عوده واستوى سوقه ليعجب الزراع وليغيظ قوم أرادوا أن يطفوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره. وفي هذه الذكرى المباركة لا بد من تجديد العهد مع الشهداء الذين تركوا لنا عهدًا أن لا يخلص للدين والوطن وفينا عين تطرف وعهدنا أن تظل تلك الراية مرفوعة والقضية حية والمؤسسة الجهادية قوية متماسكة رشيدة في منهجها متجردة في عملها.. عهدنا أن يبقى السودان مركزاً للإشعاع الحضاري ومنارة للأمة تسترشد بها لمعالم الطريق. ويجيء العيد الثاني والعشرون ممزوجًا بطعم الثورات العربية المجاهدة الرافضة للذل والهوان والتبعية والانكسار ثورات خرجت في ساحات التغيير بأدبيات الجهاد فكانت طلائع المجاهدين من ثوار ليبيا ودفاعهم الشعبي أصحاب الانتصار على قوى الظلام والطغيان فأعادوا لليبيا مجدها وجهادها الذي قاده شيخ المجاهدين عمر المختار. والتحية في أعياد الدفاع الشعبي للمجاهدين الصامدين في سوريا واليمن مع دعواتنا لهم بالنصر والتمكين، والتحية في يوم احتفال الدفاع الشعبي لمن أسَّسوا هذا البنيان الجهادي العريق الدفاع الشعبي ووضعوا بصماتهم في سجل تلك المسيرة نذكر منهم الشهيد/ عبد القادر علي، والشهيد علي الروي والمجاهد كمال إبراهيم والمجاهد إبراهيم عبد الحفيظ، والتحية للقابضين على جمر القضية المرابطين على خنادق المجاهدة الشاب المجاهد/ عبد الله الجيلي المنسق العام الذي استطاع أن يؤسس لقوات ذات كفاءة قتالية عالية كما أنه عمل على ترقية وتطوير الدفاع الشعبي وجعل من المؤسسة الجهادية رقماً لا يمكن تجاوزه وسلام على أركان حربه في المركز والولايات الشيخ المجاهد/ عبد الرحمن محمد موسى والمجاهد/ عادل السماني والمجاهد/ عبد العال خليل، والمجاهد/ عبد الرحيم النذير ومجاهدي الولايات صديق حماد في الجزيرة وعوض الرضي في النيل الأزرق ومحمد عبد العزيز في القضارف ومحمد الفاتح في كسلا وبقية العقد الفريد ولقدامى المجاهدين المفتي ومحمد بشير وعارف السر وملاس أوهاج وغيرهم من الأخيار، وفي القيادة العسكرية القادة السابقين الشهيد العميد/ عمر الأمين كرار واللواء ركن أحمد العباس واللواء ركن محمد الحسن الفاضل واللواء ركن محمد عبد العزيز ولضباط وضباط صف قيادة الدفاع الشعبي الذين يشكلون أعظم تجسيد لشعار جيش واحد شعب واحد.