لقد حكم الله على اليهود بالذلة والمسكنة واللعنة والغضب بعد أن قابلوا نِعمه بالجحود، وأنبياءه بالتكذيب، وأوامره بالعصيان، وآياته بالكفر حيث حكم الله عليهم بقوله: « ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُو بَغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَكَانُواْ يَعْتَدُونَ» فالله قد حكم عليهم بالذِّلَّة والمسكنة لأنَّهم نقضوا عهودهم مع الله وكذَّبوا رُسله وقتلوا فريقاً منهم وكفروا وفسقوا ورفضوا الإيمان بالله، وعاشوا على سفك الدماء والقتل والاستيلاء على حقوق الآخرين، وأراضيهم وممتلكاتهم «فَبِمَا نَقْضِهِم مِيْثَقَهُمْ لَعَنَّهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظَّاً مِمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ». وقد اقتضت سنة الله أن ترتفع عنهم الذِلّة والمسكنة في فترات من التاريخ ويتحقق لهم نفوذ وسلطان، وقوة وبأس، وذلك عندما تبتعد الأُمة الإسلامية عن مقومات خيريتها، وأسباب وجودها، وأُسس عزتها وكرامتها المتمثِّلة في جعل شريعة الله نظاماً وكتابه دستوراً، ودينه منهج حياة ومُوجِّه سلوك، فحبل الناس ممدود إليهم من المسلمين أنفسهم بضعفهم، وتمزُّقهم وبُعدهم عن دينهم ومصادر قوتهم، واستكانتهم وخضوعهم لأعداء دينهم واتخاذهم اليهود والنصارى أولياء يستشيرونهم ويتقرَّبون إليهم، كما أنّ الحبل ممدود من قوى الشر والإلحاد في الشرق والغرب يعززونهم بالقوى البشرية، والكفاءات العلمية، والمساعدات المادية والاقتصادية والعسكرية، وحبل الله ممدود إليهم لحكمةٍ يعلمها وقَدَرٍ يُقدِّره، ولكنه سينقطع ذات يوم ليتحقق حكم الله الدائم والتشريد والغضب «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ العَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» إنّ على المسلمين أن ينظروا لصراعهم مع اليهود من المنظار الذي ينظر به اليهود إليهم، وهو منظار الدين والتوراة في زعمهم، فالقرآن بيَّن لنا طبائعهم حقيقتهم ومواقفهم من الأنبياء ونقضهم الدائم لعهود الله ومواثيقه، وإذا كان ذلك موقفهم الدائم مع الأنبياء فإنَّنا لا نأمن لهم عهداً ولا نأمن لهم ميثاقًا. وليس المسلمون وحدهم الذين يرددون صفات اليهود، فالمسيحيون قد عانوا ولا يزالون يعانون منهم، يقول عنهم القس «مارتن لوثر»: «لقد لقَّنهم آباؤهم وحاخاماتهم منذ نعومة الأظفار الكراهية السامة لكل غريب عن ملَّتهم لا يدين باليهودية، وما برحوا حتى يومنا هذا يمضون دون كلل تلك الكراهية المجسّدة في كل فرد منهم، حتى إنَّ الكراهية تغلغلت كما جاء في المزمور 109 في أجسادهم ودمائهم فسيطرت عليهم، وغلَّفت عظامهم وأدمغتهم، كذلك يستحيل عليهم أن يتخلوا عن طبائعهم المتأصلة فيهم كالتكبر والغرور، والجشع والحسد، لذلك لا مفرَّ لهم من بقائهم على ما هم عليه، طمّاعين حاسدين مُرابين إلى أن تحلَّ الساعة التي يُبيدون فيها أنفسهم بأنفسهم أو تقع المعجزة». ويقول «مارتن لوثر» أيضاً: «إنَّ أول ما ينتظره اليهود من «مسيحهم المرتقب» مبادرته إلى ذبح جميع شعوب الأرض وإبادتها، مستخدماً سيف الانتقام الدموي» اليهودي» كما حاولوا أن يفعلوا بنا نحن المسيحيين وكما يودون لو استطاعوا تكرار المحاولة بنجاح». ويواصل «لوثر» تحذيره للمسيحيين من اليهود فيقول: «فلتكن أُيُّها المسيحي على ثقة من أنّه ليس هناك من عدوٍ لك مبين بعد الشيطان سوى اليهودي السام ببغضائه، القاسي بحقده، الطافح الناضح بالجشع والطمع والشراهة، الذي يسعى بكل جهده، ويتمنَّى من كل قلبه ليكون يهودياً حقيقياً بكُلِّ ما في الكلمة من معنى». فإذا كان هذا هو موقف اليهود من المسيحيين الذين آووهم في بلادهم وحكَّموهم في أمورهم، ومدَّوا إليهم يد العون والمساعدة في باطلهم واعتداءاتهم فيكف يكون موقفهم من المسلمين؟. كلمة للأخ الدكتور محمّد عبد الله الريّح الشاعر «نزار قباني» الذي نشرت قصيدته في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم من الشعراء الذين أحفظ لهم كثيرًا بحكم حبي للأدب وبحكم تخصصي الدقيق في الأدب العربي الحديث وهو في نظري ظاهرة شعرية لم تتكرر في القرن الماضي ولا نظير لها في أفق هذا القرن مع كل التحفظات التي تقال وكلها لا تقدح في موهبته وعبقريته الفنية وتفرده ظاهرة إبداعية متفردة وكنت مثل سيادتك حفظك الله معجبًا بالقصيدة فرحًا بأنه قدم شيئًا اشبه بما فعل «ابونواس» الحسن بن هانئ آخر أيامه وذكرت ذلك في «مهرجان ملتقى النّيلين للشعر العربي» في الخرطوم في مايو2011 غير أنّ الشاعر الموريتاني «الشيخ أبو شجة» ذكر أنّ هذه القصيدة منحولة كتبها مريدو الشاعر «نزار» ليبيضوا صورته الخاتمة ولم يوضح أحد تاريخ ذهاب الشاعر للمدينة المنورة كما أننا لم نعرف له هذه القصيدة فيما نُشر له وإن كان هذا ليس بحجة كما أنني من خلال معرفتي المتواضعة لاأرى في القصيدة إلا أنفاس «نزار» ولكن روحه وفنه وخياله ومفرداته فالشك وارد ونأمل ان يتحقق بعض الباحثين الشباب فيفيدونا ويثبتوا إن كانت القصيدة أصيلة أومنحولة وأخيرًا نسيت أن أقول إنني من المعجبين بكتاباتك وبرامجك وآمل ان تكتب لقراء «الإنتباهة» تجربتك مع «سورة يس».