أخيرًا وبعد محاصصة راعت الجهوية والقبلية والشللية والابتزاز ولم تراع الكفاءة ولا السبق ولا الصدق... أعلنت الحكومة التى قيل إنها ذات كفاءات و قاعدة عريضة وتجانس تام .. فليشهد التارخ أنها ليست عريضة القاعدة ولا ذات كفاءات وغير متجانسة... وغدًا لناظره قريب. كيف تكون ذات قاعدة عريضة وأهل التصوف خارجها وهم أكثر أهل السودان عددًا وأعظمهم كفاءة وأصدقهم تدينًا... أهل الله... أهل العلم ... أهل الرقائق... أهل الزهد... أؤلئك الذين عرفوا أن أفقر أهل الجنة من له عشرة أمثال الدنيا... فاعتزلونا وفرحنا بذلك لجهلنا. كيف تكون عريضة والسلفيون خارجها وهم أكثر الناس حشدًا من بعد المؤتمر الوطني.. بل إن حشدًا واحدًا من مساجدهم يفوق عضوية عشرة من الأحزاب المجهرية التي تتكون منها الحكومة الحالية والذين أعطوا عشرات الوزارات بينما أعطي السلفيون وزارة واحدة «هامشية وغير خدمية وليست ذات أثر» رغم كفاءاتهم التي تملأ البلاد وصدق وطنيتهم ونقاء عقيدتهم.. هل لأنهم لم يحملوا السلاح ولم يظاهروا علينا أحدًا... هل لأنهم يصعب قيادهم من قبل أولئك الكباتن الذين يخرجون على الدين والشورى في جرأة يُحسدون عليها. كيف تكون حكومة كفاءات ومنبر السلام العادل خارجها بكل وطنيته التى لا يقدح فيها إلا منافق أو زنديق وتدينه الذي لا يقبل المداهنة وثاقب بصره الذي يتجلى كل حين.. وهل كان خروجه قبل اليوم من عباءة الوطني إلا لضيق الصدر وقصر النظر لدى بعض النافذين من إخوتنا بالوطني الذين يرفضون الرأي الآخر ولا يقبلون توجيهًا ولا يحتملون نقدًا ولا يريدون لأحد أن يرى غير ما يرون أو أن ينطق بغير ما يريدون.. منبر السلام صاحب المبادرات الوطنية عالية القدر والحساسية وفاتح الملفات المسكوت عنها «خوفًا لا حكمة.. وجهلاً لا علمًا» مثل «الوحدة والانفصال/نيفاشا وفخاخها/العلاقات السودانية المصرية/ اتفاقية مياه النيل/الثورات العربية/ مشروع الجزيرة» وغيرها كثير رغم التضييق عليه. أين المؤتمر الوطني وأماناته المتخصصة وكفاءاته النادرة وإمكاناته الضخمة ومسؤوليته الدينية والتاريخية من تلك الملفات وهو الحاكم المطلق والمفوَّض من كل الشعب السوداني تفويضًا لم يسبق له مثيل... لماذا التساهل والتفريط في الأمانة ... لماذا الاستقواء بالضعفاء من أحزاب العمالة والمخابرات والسفارات وأخرى مجهرية لم نسمع بها من قبل.. لماذا نجعل من النكرات أرقامًا ومن العملاء وطنيين... أليسوا هم من قتلوا إخواننا الشهداء ونكّلوا بنا في كل المحافل الدولية والإقليمية واستباحوا أعراضنا في همشكوريب والكرمك ودارفور.. بل وفيهم قائد افتراءات الجنائية ضد رمز عزتنا وقائد مسيرتنا وباني نهضتنا والذي تملأ صوره شوارع الخرطوم وينادى به مستشارًا لرئيسنا بعد كل هذه العمالة والانحطاط.. يا قوم أليس فيكم رجل رشيد... أليس فيكم رجل غيور... قاتل الله سلطة تجردنا من ديننا وكرامتنا!. ما عدنا نسأل إخواننا في الوطني عن غنماية تتعثر في وديان طوكر... فقط نسألهم عن عروض انتُهكت وأرواح أزهقت وأموال سرقت وكرامة أهينت ودين يُستحى منه في المحافل الدولية... ومع ذلك يجيئون بالفاعلين وزراء ومستشارين ومساعدين للرئيس في دولة الإباحية السياسية... أتبتغون عندهم النصر.. ليتكم كنتم معنا في ساحات المعارك لتعرفوا مدى ثباتهم.. أتخشونهم وقد أوصاهم كبيرهم ألا يدخلوا أيديهم «في الفتة الحارة» فكيف بهم في بلد مشتعل. أين الحركة الإسلامية الحاضرة جزئيًا ببعض رموزها الغائبة كليًا روحًا وريحًا وبرامج... أين الحكومة الرشيقة «بنت عشرين التي تجاوزت ستًا وستين» وما الفائدة من حكومات الولايات إذًا... و لماذا عودة بعض وزراء الكارثة الاقتصادية وأزمات السكر وفضائح البنوك والمتلاعبين بالدولار والمفسدين في المواصفات والجمارك وتجار الأزمات... وأين تقارير المراجع العام عن كل عام... والله ما عدنا ننتظر غير قيام الساعة وقد أُسند الأمر لغير أهله بعدما حورب الصالحون. اليوم أبكي ابني الشهيد معاوية وشقيقي الشهيد الطيب بانقا وابن أختي الشهيد مصطفى ميرغني المزمل وعمي الشهيد عبدالسلام سليمان سعد وابن عمي الشهيد أحمد البشير الحسن وابني عمي الشهيدين منصور وإبراهيم شمس الدين ...وثلاثًا وعشرين شهيدًا من خاصة أهل بيتي ورحمي... اليوم أبكي عشرات الآلاف من شهدائنا الأبرار من شباب وشيوخ السودان الأخيار... أبكيهم فردًا فردًا وأبكي ضياع عهودنا معهم حرفًا حرفًا حين يعقبهم على دولة المشروع الإسلامي قاتلوهم من العملاء والغوغاء والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما عاف الطبع. .....«عووووووووع». حدثنا الشيخ المجاهد أحمد علي الإمام أنه بُعيد المفاصلة عانى يومًا من الأرق والقلق وفتن بعض إخواننا فخرج عند الثالثة فجرًا من بيته ينشد الراحة عند قبر الشهيد الزبير محمد صالح بمقابرالصحافة... قال: حين دنوت من قبره رأيت رجلاً يجلس عند رأس الشهيد ويصدر أنينًا يمزق القلوب وتقشعر منه الأبدان فلما طالعته فإذا هو عمر البشير غارقًا في دموعه وأنينه... نعم هي والله أخي الرئيس الفتن التي حذرنا منها الرسول الأعظم «صلى الله عليه وسلم»: «... حتى إن الرجل ليمر بقبر أخيه فيقول.. يا ليتني كنت مكانك»...