السواقة، الله يكرم القارئين والقارئات، في هذا البلد المصيف «قَلِع» ولا توصيف لها بغير ذلك، ومسألة أفضلية حق المرور لمن؟ هذه انتهت كموضة عابرة في الزمن الغابر ونكتة من نكات العهد المروي. ويا حليل لما كان الشخص يسرق الشارع فننبري له وندبج عنه المقالات ونشهر به على صفحات الأيام والصحافة «ما كان في غيرها».. ونحن ننبه لخطورة تلك الظاهرة الدخيلة على قيمنا وأخلاقنا الحميدة.. واليوم يا عجائب الزمان.. تشهر بمن؟ وتقيس سيئاته بمن والجميع يتدافعون بالمناكب الحديدية وكأنهم في كبري رمي الجمرات مع أن الحج لم يحن زمنه بعد كما إن كبري الجمرات قد انصلح حاله كثيراً ولم يعد مشكلة؟ تسرق الشارع، تلهط الشارع، تخنق الشارع، وذلك بأن توقف سيارتك بطريقة لا تسمح بمرور ركشة أو موترسيكل، وتهمبت الشارع كأن تقف متعارضاً لأنك من أقصى اليمين تريد أن تدلف إلى أقصى اليسار، أو تكلفت الشارع بأن تفتح مسارات جديدة لم تخطر على قلب بشر، أو تغازل الشارع بأن تدخل برأس سيارتك من طريق جانبي رويداً رويداً.. وتضع الآخرين أمام الأمر الواقع. وسائق الحافلة الذي يعلق «مقشاشة» في مقدمة سيارته يعلن أنه سيقش الشارع من الركاب. والآخر الذي يعلق ما يشبه الإبرة يعلن إنه سيخيط الشارع يميناً وشمالاً. والذي يرسم علامة الجمجمة في الخلف يعلن إنه سيموت الشارع.... وهكذا. والرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :« إعطوا الطريق حقها» فإنه من حق الطريق عليك ألا تستولي عليه من غيرحق وأنت تقود رأس بمقطورتين. لا يتسع لطيبة الذكر «التيكو». والحافلات وما أدراك ما الحافلات.. فإنهن شايلات، مدافرات، معافرات، معفرات، ثيبات ليس فيهن أبكار.. وكأنهن صنعن ثيبات وذلك بجامع الدخان في كل.. وقس على ذلك أشباهه من أمجادات وهايسات مهيصات. لقد رأيت حافلة تفعل بالطريق كل ما يمكن أن تفعله من موبقات مهلكات وما في بوديها شبر إلا وبه طقة سمكرة ولا تريد أن تموت كما يموت البعير. إنعدمت معالم الشارع بالرغم من المجهودات الي تقوم بها السلطات في سفلتة الشوارع وولادتها ولكن يبدو أن ولادة الشوارع تكون أحياناً متعسرة فشارع السجانة امتداد شارع الحرية أنت لا تعرف هل هو ماشي ولا جاي وإذا أوقعك حظك العاثر وأوقفك في تقاطع الحرية مع الإمدادات الطبية فإنك لامندوحة واقف هناك حتى يهنق حمار الوادي ولا أحد يعرف متى يهنق حمار الوادي. والذي رفع شعارًا يقول «إن السواقة ذوق وفن» نسي أن يضيف كلمة «ومافي» وأقول لكم بكل تأكيد إنه لن تنصلح حركة المرور في الشوارع ما لم ينصلح سلوك المواطن السودان الذي يريد أن يستولي على كل الشارع يصول ويجول من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ومن أقصى اليسار إلى اليمين وكل مؤهلاته يد تخرج وقد تشبحت أصابعها متدلية بعد أن تكون قد انفصلت عن رسغها لتعمل مكان الإشارة. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل.. وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع.