اعتادت سمية ان تطعم اطفالها يوميًا قبل ان تصلها رائحة طعام الجيران التي تأتي خليطًا للمشاوي والمندي وغيرها من الطيبات.. هي تعتمد سياسة اشباع المعدة حتى تقتنع.. فعندما تصل روائح المشاوى لابنائها الذين اكلوا صحنًا كبيرًا من الكسرة بما تيسر من طعام لن تصلهم الرائحة بنفس القوة التي تحدث عندما تكون المعدة خالية فالنفس تستنشق وتتمنى ولكنها لن تتداعى.. فكل شيء يبدأ بمعدة خالية.. عندما يرتفع ازيزها الداخلي وتعجز عن اسكاته تلجأ لوسائل غير مشروعة.. فهي ترى ان اطفالها.. اذا صبروا على الافطار فسيكون الغداء صعبًا لذا دربتهم على القناعة فكيف لأرملة لها ثلاثة ابناء ان تعلمهم كيف يكون الصمت امام اغراء الكلام.. بالحيلة هي تدفع عجلة حياتها معهم تتوقف احيانًا لتمسح عرقًا غزيرًا يتساقط من وجهها وتواصل.. جارهم ثري ويفيض اكله وتمتلئ قمامتهم بكل الاطايب.. يومًا اشارت صغيرتها نحو كيس ممتلئ بالتفاح تعفن والقي في القمامة فتساءلت: الا يحبون التفاح يا امي؟متى اكلنا تفاحًا اخر مرة؟ يومها قصدت سمية اقرب فكهاني واشترت موزًا وقدمته لصغيرتها قائلة: احببت اللون الاصفر دائمًا لانه يشبه لون ملابسك! مازالت سمية تمشي وتمسح العرق وتطعم اطفالها قبل ان تصل رائحة الجيران.