وحدث الذي كنا نحذر منه مراراً وتكراراً في شمال كردفان، وهو نية الحركات المتمردة نقل الحرب إلى كردفان واتخاذ مخلب ومسرح جديد بعد أن تأكد إخمادها في دارفور. بالأمس حدث الاعتداء على محلية غبيش، وهو الفعل المتكرر. وواهم من يظن أن الأمر بعيد عن نشاط رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ.. وواهم من يظن أن ندوات وأنشطة هذا الرجل المشبوهة في تلك الفيافي مجرد نشاط روتيني لرئيس حزب مغمور ينشط حتى يخرج إلى السفح، ومن واقع الحال وتمظهرات الحادثة هناك تنسيق محكم ضمن مخطط ما يسمى بتجمع »كاودا« وإذا تمددنا بالحديث قليلاً نقول إن ابراهيم الشيخ صورة أخرى ل »عرمان« و»باقان« و»الحلو« و»عقار« فهؤلاء يتفقون في كل شيء فهم أصحاب المشروع »السودان الجديد« وما يسمى بقضايا الهامش. وبكل المقاييس نستطيع أن نقول كل الذي ينوي إبرهيم الشيخ فعله في شمال كردفان قد مكنته الظروف من تنفيذه، بفضل الربكة وضعف البناء السياسي هناك. إبراهيم الشيخ مهّد لهذا الهجوم وهيأ له المسرح وعبأ الناس من خلال »ندواته«، انظر لأكثر من أسبوع رجل يحوم بعرباته والساوند سيستم، والمأساة أن كل هذا يحدث وتحذيرات الإعلام لكنه »فايت« على »أضان« المسؤولين هناك خاصة السياسيين، فنجد معتمد غبيش »أحمد الفكي الزين« قد صادق على كل الأنشطة في محليته وغادرها إلى الأبيض بحجة مناقشة الميزانية التي أُجيزت في غبيش من قبل مجلسها التشريعي، وظل يتابع عبر الموبايل وبعض الهتيفة هناك. إبراهيم الشيخ أقام أنشطته في مواقع محرم عليها النشاط السياسي »المدارس والأندية الثقافية«، وخرجت الجماهير من داخلها رغم أنها حكومية وملك للشعب. وفي مثل هذه الظروف الأنفع والأفضل التصديق ل إبراهيم الشيخ بندوة في »الأبيض«، وهنا لا أدعو لتكميم الأفواه أو حرمان المعارضة الراشدة من أداء نشاطها، لكن أدعو للحرمان والضغط، بل محاربة كل من يريد زعزعة الأمن والاستقرار وتدمير النسيج الاجتماعي. فهؤلاء أصبحوا من مهددات الأمن القومي في المنطقة ويجب محاربتهم.. وهؤلاء أضافوا مهددات جديدة وهي »البطالة« والعوز بتشريدهم للناس في مناطق التعدين الأهلي ونهبهم وتجنيدهم قسراً، وهذا النشاط في الماضي سد فراغاً للشباب العاطلين عن العمل، وأصبح مورداً للدولة والمواطن ودخل الميزانية العامة، لكن مصيره مهدد في وجود هؤلاء النهابين. وسبق أن حذرنا من خطورة إهمال هؤلاء المعدنين الأهليين واقترحنا تأمينهم ونشاطهم، لكن لا حياة لمن تنادي.. وظللت أحذر من خطورة ما يدعو له إبراهيم الشيخ ومقارناته التي تفتقد أحياناً للمنطق والمصداقية من واقع البلاد، ومعلوم أن مجتمع الريف مجتمع ضعيف هش ويسهل التأثير عليه بخطاب عاطفي ممجوج!! الاعتداء على ود بندة هدفه خلق فرقعة إعلامية وإبلاغ رسالة بأننا موجودون في الميدان، وهم من خلال الاختراقات الصغيرة مثل هذه أحسب أنهم يتحاشون المناطق الكبيرة والمواجهة المباشرة. هم يريدون فرقعة ثم العودة إلى «كراكيرهم»، فمثل هذا الفعل يحتاج إلى تماسك الجبهة الداخلية في الولاية والمركز، وكلمة صادقة وقوية من أبناء هذه المناطق التي ظلت هدفاً لهؤلاء، فبالأمس قاد المجموعة محمد البليل عيسى نائب »خليل«، وسبق أن أحدث ذات الاختراق دون أن تكون لأبناء المنطقة كلمة واضحة والمركز كذلك، إذ أن تأثيرات هذا كله تقع على المواطن الغلبان هناك في تلك الأصعدة. وسبق أن حذَّرنا حينما انفجر «تانكر» في موقع التعدين، ولم يجد الناس من يحميهم من لهيبه.. وهؤلاء ود »البليل« يهاجمهم ويأخذهم قسراً إلى الصحراء للتدريب.. أيها القوم افيقوا دام فضلكم.