تستقبل ولاية الجزيرة الذكرى السادسة والخمسين لعيد الاستقلال المجيد والتي تأتي والسودان يمر بمتغيرات كثيرة على كافة الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وقد كان لهذه الولاية الدور الرائد في إشعال الثورة وتأجيج جذوة النضال حتى نال السودان استقلاله من قبضة المستعمر البغيض. وتأتي خصوصية هذا العيد والبلاد بعد انفصال جنوب السودان في مشهد يدل على تحضر أبناء هذا الشعب في قبول إرادة أهل الجنوب بأن تكون لهم دولتهم الخاصة وتأكيداً لمعاني الدين الحنيف في تنفيذ المواثيق والعهود ونحن حينما نحتفل بهذه الذكرى الخالدة لابد أن نحيي المناضل أحمد خير المحامي الذي جعل من الجمعية الادبية منبراً خرجت منه دعوته لقيام مؤتمر الخريجين كما نحيي المناضل حماد توفيق الذي قال قولته المأثورة«خير لي أن أكون ضحية للاستعمار لا مطية له».. كما نزجي التحية إلى الأستاذ عثمان وقيع الله عبد الله من مدينة رفاعة والذي صمم أول عملة سودانية والجنسية برسم وحيد القرن وجواز السفر السوداني والعلم السوداني القديم بألوانه الثلاثة وطوابع البريد. والأستاذ محمد عثمان عبد الرحيم أمد الله في أيامه مؤلف قصيدة«أنا سوداني» النشيد الحماسي الرائع الذي يؤديه الفنان الراحل العطبرواي، والراحل مولانا مدثر علي البوشي أول وزير للعدل في أول حكومة وطنية والذي قدم قصيدة «أرى ما أرى» أمام الحكم الإنجليزي في ساحة المولد. والأستاذ صالح مصطفى الطاهر ناظر المدرسة الاهلية بمدني والذي تم نقله إلى عطبرة بسبب نشاطه السياسي وهو من الرعيل الاول في الحركة الوطنية. كم نتذكر الراحل الشيخ عبد العال خوجلي الأمين العام لنادي الخريجين والذي كان ذا مقدرة فائقة وعزيمة على حشد الجماهير والتعبئة للمظاهرات ضد المستعمر وتم اعتقاله وسجنه عدة مرات، وأنشأ عبد العال كيانًا باسم حلقات القرآن الكريم اجتمع فيه أهل مدني وضواحيها على اختلاف أعمارهم وانسباهم وكسبهم في الحياة ووصل عدد الحلقات القرانية ما يقارب ثلاثمائة حلقة قرآن. وعندما نتحدث عن الاستقلال لابد أن نذكر الشيخ ابوزيد احمد أحد رموز مدينة ودمدني والذي كان من خلال موقعه كرئيس للمحاكم القروية يقف في صف أي مواطن سوداني عند اصطدامه بالانجليز وله في ذلك مقوله شهيرة «حاربوا بطريقتكم ودعوني أحارب بصداقتي» وقدكان له دور في تعليم أبناء ودمدني والسودان من خلال إنشاء المدارس الأهلية. ووقفته عندما تم التصديق بمدرسة ثانوية عليا في منطقة ما فتدخل الشيخ ابوزيد وتبرع ومعه الكارب ,والشيخ عبد الباقي أزرق طيبة وكورينا، بجزء من أراضيهم لتشييد مدرسة حنتوب الثانوية.. التي خرجت أجيال قادة السودان في جميع المجالات وأصبحت منارة من منارات التعليم تؤكد معاني البذل والعطاء من اجل إنسان السودان بمختلف ألوانه وحسناته ومناطقه. هذه الذكرى تدفعنا إلى أن نقف وقفه متجردة لنجرد ماقمنا به خلال مايفوق نصف قرن من الزمان والناظر إلى ولاية الجزيرة وحال مشروع الجزيرة والذي يحتاج إلى نقد للذات فقد دمرنا هذا الصرح نتيجة للصراعات الشخصية والتكتلات الجهوية وتقديم الذات على المصلحة الوطنية فأصبح حال ولايتنا يرثى له وتأخرت من ركب الولايات الأخرى وهذا بمثابة خيانة كبرى لهذه الرموز التي قدمت لهذا الوطن وولاية الجزيرة على وجه الخصوص في تجرد ونكران ذات. ونحن إذ نحتفل بهذه المناسبة لابد أن نتذكر الكلمات التي قالها الراحل الزعيم إسماعيل الأزهري «إن شعبنا قد صمم على نيل الاستقلال وهو مصمم على صيانته وسيصونه مادامت إرادة الشعب هي دستورنا فسيمضي في طريق العزة والمجد والله هادينا وراعينا ومؤيدنا وناصرنا وان ينصركم الله فلا غالب لكم والسلام»