لا أحد يتكسب بموت أحد أو يجعله مادة للفرح والتشفى كما حاولت بعض الأقلام والتيارات بالداخل والخارج فى التعليق على مصرع خليل ابراهيم زعيم العدل والمساواة من أيام خلت، لأننا نرتكز الى معانى وقيم ديننا الحنيف وهدى نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الذى قال فى هذا الشأن «كفى بالموت واعظا»، ومن بعده موروثنا وأعرافنا التي نشأنا عليها فعبرة الموت أن نقف عندها ونقرأ أنفسنا وحصادنا من خلالها!. ولكن بالمقابل هنالك من تأذى بكسب خليل، ومنا من رفع يده بدعوات وأيدى ابتهلت الى خالقها أن يعيد الله لحمة السلام ونعمة الاستقرار الى دارفور، وأن يخلص الله مواطنى هذه الولايات من ويلات الحرب وتجارها وسماسرتها الذين امتهنوا هذه الصنعة وأحسنوا فى التبارى فى ايجاد الجراح الغائرة وتعميقها من وحى الدماء والأشلاء والدمار الذى أوجدوه وصاحب حريق العدل والمساواة ومجاميع الحركات التى قامت وانشطرت كما الأميبيا فى مدن وأرياف هذه الرقعة من أرض الوطن !. نعم هنالك تاريخ لا يُنسى من الآلام والمرارات لم يقف عند قتل الأبرياء من المدنيين فى المدن والأرياف النائية فحسب، بل امتد الى تدمير البنية التحتية وعطل فرص الإعمار والتنمية وقعد باقتصاد البلاد وجعل سكان هذه المناطق يتسولون الدول والحكومات والمنظمات الأجنبية عبر معسكرات اللجوء والنزوح التى أوجدتها الحرب هناك!. لا أحد ينسى كيف انتشر الحريق قبل أكثر من تسعة أعوام وكيف استشرى خطله وبات مهددًا للأمن والسلم المجتمعى، بل امتد ليؤثر على سلم الاقليم واستقرار القارة بكاملها بالنهج السيىء الذى رسمه والتجربة المليئة بالأحقاد والنعرات العرقية والجهوية التى كرسها فى واقع الناس وحياتهم !. كم هى قاسية الحرب وتبعاتها ولكن الأقسى منها أن يكون من يقوم على أمر تدشينها حربا الاستخبارات العالمية وعملائهم من دعامات الاستكبار والهيمنة والصليبية والصهيونية العالمية والكنائس، بكل مخططاتها وبرامجها وأهدافها فى تمزيق البلاد وتفتيت الكيانات المجتمعية لأجل مصالحهم حصريًا!. ولئن كنا بالفطرة لا نطرب للموت على أى وجه كان، كذلك لا تفرحنا الحروب ومراراتها التى جلبت العار والخيبة لقادتها من واقع حصادهم المرير ونتائجه المدمرة !. وليس مطلوبًا الينا أن ننظر الى مصرع خليل بعيون رجاله ومن سار على ركبهم فى الممارسة والوجهة وتبعاته النفسية والمستقبلية عليهم، ولا بأعين مناوى وعبد الواحد أو عرمان وباقان أوالحلو وعقار فكلهم فى القتل شرق، وفقده بالنسبة اليهم جميعًا هو فقدان للأمل والمصير المشترك، لأنهم لا يتعظون بهلاكه والمصير الذى انتهى اليه طالما احلامهم تعلقت بالريادة والسلطة وحب النجومية والشهرة حتى وان كانت على الأشلاء والجماجم كما كان تاريخ الخليل !. فاننا حينما نستعرض سيرته لا تبارحنا صورة الحريق الذى التهم ولايات دارفور الكبرى والأرواح التى مضت الى ربها والخراب الذى عم كل شبر، ولا تغادرنا صور الطائرات المهشمة فى مطار الفاشر، ولا التخريب الذى طال الأسواق والممتلكات العامة والجامعات وكل حى وقرية، ولا صور الخطف والنهب والسلب، ولا حكايات الاغتصاب والتفسخ الذى لازم حربهم الضروس، ولا الصور الشوهاء لأفعال المنظمات الأجنبية التى عاثت فى الأرض الفساد، ولا تبارحنا صور الخيانة للوطن وترابه وسيادته ونحن نرى غزوة أمدرمان الفاشلة ومخلفاتها وآثارها على قواتنا المسلحة وأمننا القومى وأعداد الأبرياء الذين فقدوا أرواحهم !. نعم نحن نتعظ بهذا الموت عندما تكون عدالة السماء ومساواتها بقصاص ربانى موعود، لا القصاص الذى ظل يكيل به خليل لخصومه بالتصفية الجسدية !. اختلف الناس حول كيفية المصرع والطريقة والآلية التي تم بها، ما ان كان على أيدى القوات المسلحة وهذا دورها وواجبها المقدس فى الدفاع عن النفس وحماية الأرض والعرض والممتلكات، أم كان ذلك على طريقة الناتو كما قال الترابى ربيب خليل وسنده، حتى يسلب النصر عن جيشنا فهذا شأنه وتقديره، ولكن تبقى الحقيقة فى هلاكه بما يوجب الوقوف والتأمل على تبعات العناد والإصرار على المضي باجندة الأجنبى وخرابه كيفما كانت فاتورتها واسقاطاتها على مستقبل البلاد برمتها والمواطن فى دارفور! نعم لقد عانت البلاد وشقيت بمسيرة خليل الموغلة فى الحرب والمراهنة على نصر زائف ووعود جوفاء كم تعلق بها غيره فكان هلاك قرنق على تلكم الشاكلة، وكان من قبله مصرع عبد الله أبكر وبولاد وغيرهم ولن يكون مصير خليل بنهاية المطاف طالما هنالك تمرد على الدولة وسلطانها وأخذ للحقوق باليد والسلاح على نحو ما كانت شعارات العدل والمساواة وخطابها السياسي الجانح، وبرامجها الممعنة فى العرقيات ودعواتها الصريحة فى تمزيق البلاد وما خلفته من أدبيات !. انتهى خليل فى شخصه ولكن بعض أهل بيته وقبيلته سيراهنون على المضي فى طريقه لكنه لن يوصلهم الى غاية والبلاد قد توجهت صوب السلام وركائزه قد قويت لا مساومة فيها أو عدول عنها !. نعم لقد جاء خطاب الرئيس فى أعياد الاستقلاد مناديًا بقايا هذه الحركة حيث خاطب فيهم صوت العقل والحكمة ان بقيت بموت خليل، أن يعودوا الى الرشد والصواب بتغليب الحوار والتسوية السلمية على غيرها من الخيارات، فان استجابوا على نحو ما قبل به الآخرون ممن انضموا الى ركب السلام ومسيرته فى دارفور فهذا ما نأمله وننشده فى تخطى تأليه زعيم كان قلبه ويده وعينه فى السلاح والقتل والدمار كى يحطم الوطن الكبير !. ولئن أبى هؤلاء وبعضهم ما يزال ينظر الى الميدان ولا يرى عبره وعظاته فى هلاك الخليل، فبذلك ستطول المعاناة والشقاء كى يصار الى طموحات الأشخاص على حساب هموم وقضايا انسان دارفور !. وعندها حق لجيشنا أن يبسط يده وآلته على كامل تراب الوطن ويقطع اليد و اللسان والرقبة التى تمتد اليه كائنا من كان !. نعم كلنا يتطلع أن تتجاوز هذه الحركة مصرع خليل وتتوجه نحو السلام بارادة وطنية وأجندة صادقة تعزز مطلوبات الأمن والاستقرار فى دارفور، هذا ما نأمله وندعو اليه صادقين، فأى نوايا تخالف هذا المقصد وغاية السلام والأمن اليقين أنها الى فناء وهلاك على نحو ما مضى خليل وهو يحمل على رقبته كل هذه التركة المثقلة من التبعات فى تدمير خارطة الوطن ومخططات تقسيمه الخارجية التى كم نفذها وقد مضى الى ربه ولكن مخلفاتها ستظل تاريخًا يقرأ حتى وان استبان خلفه مخاطر هذا الطريق !. اللهم لا شماتة ولكن لطفك على أمتنا وبلادنا أكبر من أن ترهن بموت هذا أو مولد حركة متمردة !.