الفقر في بورتسودان ينكره الذين شيّدوا القصور في أحياء بورتسودان الراقية ليس فقط من رواتبهم الضخمة ولكن من ريع استثماراتهم التي لا يستحون من إعلانها «بصفاقة» مخالفين بذلك ليس دساتير البلاد، ولكن مخالفاتهم الفجة لأخلاقيات الحكام الميامين الذين تولوا الحكم من قبل ليس فقط في بلاد المسلمين بل أيضًا في كل البلاد التي تحترم شعوبها فيجوعون معهم إذا جاعوا ولا يميزون أنفسهم فيشربون الماء مجانًا ويروون بها حدائقهم والناس يشترونه بأغلى الأثمان وكانوا ينيرون منازلهم بمولدات الشعب ووقوده بينما ربما تظل المستشفيات مطفأة. أسألوا عن بورتسودان كبارها الذين عاصروا حكامها الإنجليز وسلوا كهولها الذين عاصروا حكاماً وطنيين أفذاذاً ثم سلوا شبابها لماذا تركوا بورتسودان وهاجروا في أرض الله؟ ماذا يفعل الفقراء بمنتزهات على البحر ومهرجانات السياحة ومنتديات للاستثمار.. من يستثمر في بلاد يساوي ثمن الدولار الواحد فيها ما يقارب الدخل اليومي للمعاشيين؟ أعرف مستثمر أدخل مليون دولار العام الماضي وبدلها بما يعادل الثلاثمائة مليون جنيه سوداني وعندما أراد أن يرجعها اليوم بالدولار لم تساوي له غير ستمائة ألف دولار وهو لا يدري كم ستساوي نقوده غداً أو بعد غدٍ. أنا أدرى ما هو الحال الاقتصادي الذي يخيم على بورتسودان وسوق بورتسودان ومؤسسات بورتسودان وأتوجه بسؤال بسيط لمن يريد أن يبرئ نفسه أمام الله ومن ثم أمام الشعب كم تبلغ الإيرادات الناشئة عن الإنتاج في الولاية؟ كم تبلغ الكتلة النقدية اليومية المتداولة في سوق بورتسودان؟ وكم تبلغ إيرادات الضرائب والرسوم التي تتم جبايتها في نفس الفترة؟كم يبلغ الصرف اليومي على تصريف أمور الحكم في الولاية؟ وكم يبلغ بالمقابل الصرف على الصحة والتعليم يوميًا.. ما هو متوسط دخل الموظف الدستوري في الولاية الشهري وما هو دخل موظف حديث التخرج بالولاية؟ أرجو أن نتلقى هذه الإجابات لنحكم هل بورتسودان فعلاً فقيرة أم أنها أفقرت؟ حفظكم الله وأضاء بكم الحوالك، وأرجو أن لا يعتبر أحد ما قلناه هنا اتهاماً لبرئ بل أننا كتبنا من واقع ما نشاهده ونحسه في مدينة بورتسودان التي لم يخرجنا منها إلا ما حل بها من تردٍ قبل ربع قرن وما زال يفتك بها لك الشكر.