قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها». خليل إبراهيم القيادي السابق بالحركة الإسلامية والوزير لأكثر من دورة بأكثر من ولاية وأحد أمراء المجاهدين بالإستوائية والذي لم يؤسس لفتنة دارفور «رعاة ومزارعين» المشتعلة منذ أمد بعيد والتي كانت تجد الحلول دومًا في إطار ضيق ومحصور بحكمة السلاطين والشراتي والعمد.. جنح بها البعض قبل اليوم لتكون صراعًا «بين العرب والزرقة» ضاربين بالدين وقيمه عرض الحائط حتى ولغ فيها بولاد بكل تديُّنه والقرآن الذي في جوفه فكانت نهايته التي لم يتعظ بها خليل «بل كان أكثر المنادين بإعدام بولاد» ومع ذلك لم يعصمه دينه من الانغماس في الفتنة التي حاربها ابتداءً ثم انقلب ليعطيها من التهويل والتدويل بُعدًا لم تبلغه مشكلة الجنوب المختلف معنا دينًا وثقافة ولغة ومصيرًا.. نشهد لإخواننا الجنوبيين أنهم حاربونا «نحو خمسين عامًا» حرب رجال لرجال بكل قيم الحرب وأخلاقها حيث لم يرمونا يومًا واحدًا بالإبادة الجماعية أو التطهير العرقي أو الاغتصاب الجماعي أو الإكراه الديني ولم يعملوا على تدويل القضية ولم يسلكوا بها مسالك الجنائية وحتى علاقاتهم مع اليهود والنصارى كانت على استحياء وسرية.. أما المتمرد خليل فقد سلك كل مسالك الشيطان وسحب معه الآخرين من المتمردين حتى غدت أكاذيبهم وافتراءاتهم وفي أقل من عام واحد مادة رئيسة في كل وسائل الإعلام العالمي بكل وسائطه ولغاته. كنت في زيارة للفاشر عقب المفاصلة وصادف حضوري يومها تدشين الكتاب الأسود حين اعتلى منصة الحشد الكبير الشيخ إبراهيم السنوسي لينطق بكل جرأة و.. بكل ما ورد في الكتاب الأسود من كذب وافتراء وفتنة وبهتان والذي لم يخرج للعلن يومئذ.. ومن يومها انطلقت الفتنة المكتومة حينًا والمتفجرة حينًا آخر بين كل أهل السودان ولا تزال.. فتنة هتكت عروضًا محصنة وأزهقت أنفسًا بريئة وشردت شيوخًا رُكع ويتّمت أطفالاً رُضع ورمّلت نساءً حرائر وأدخلت البلاد والعباد في نفق مظلم بعدما هدمت الخلاوي وأنشأت الكنائس وجاءت بمبشرين عملوا على تنصير مسلمين في دارفور.. دار المحمل.. دار القرآن... التي ما كانت بها كنيسة واحدة ولا نصراني واحد من بنيها ولا مسيحي قاطن فيها.. الآن ماذا تقول أيها الشيخ الثمانيني أبا الشهيد عبدالله وبأي وجه تلقى الله؟!. أما الشيخ الترابي التسعيني الآخر شقيق الشهيد عبد الخالق الترابي الساجن نفسه في دائرة «حالقة الدين لا حالقة الشعر» من الحسد والحقد والشحناء والبغضاء تجاه إخوانه وأبنائه لأجل لعاعة الدنيا متنكرًا لتاريخه مستخفًا بدينه «ثوابته ويقينياته» ساخرًا من الحور العين ناكرًا لعذاب القبر ونعيمه جاحدًا الشهادة والشهداء متوسلاً بكل معلوم من الدين بالضرورة لليهود والنصارى وأهل الهوى من مسلمي دارفور حتى انزلق بهم خارج قيم المروءة والأخلاق الإنسانية وثوابت الدين العصية. أيها الشيخان.. الآن وقد ضيعتم خليلاً وإخوانه ومن قبل فرطتم في بولاد الحافظ لكتاب الله.. إمام مسجد البركس بجامعة الخرطوم.. وإمام المجاهدين بمعسكر الجبهة الوطنية بليبيا أواسط سبعينيات القرن الماضي.. بولاد الذي إن تسمع لبكائه بالقرآن تبكي وتنتحب ونداوة صوته يقشعر منها بدنك ثم يلين حتى تتمنى ألا يسكت ولو ختم المصحف.. بولاد الذي كان أخونا «محمد سعيد المعلم» وبعض إخوانه يسافرون أكثر من خمسمائة كيلو متر كل خميس على ظهور الشاحنات عبر الصحراء ليستمتعوا بصلاة التهجد والقيام خلفه طيلة سنوات الإعداد للجبهة الوطنية في ليبيا.. بولاد ينتهي به المقام بعد قيام الإنقاذ التي بُشِّر بها وشارك فيها خارجًا عليها ومجندلاً برصاص إخوته.. تمامًا مثل خليل الذي لم يرعوِ بعد عشرين عامًا من هلاك بولاد بذات الطريقة وعلى ذات الطريق.. طريق نقض البيعة ومحاربة الشريعة التي لم يقل أحد إن تطبيقها قد بلغ المثال المنشود والكمال المورود.. طريق الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين.. طريق الشيطان الذي قال للإنسان اكفر.. فلما كفر قال إني برىء منك إني أخاف الله رب العالمين. أما حزننا نحن المبتلين بحبهم وببغضهم.. ليس لفقدهم فلطالما فقدنا كثيرين غيرهم.. لكنه حزن دامع ودامٍ.. فبأي وجه يلتقي خليل الآن ومن قبله بولاد إخوتهم الشهداء الزبير محمد صالح وإبراهيم شمس الدين وعبيد ختم وعبد السلام سليمان سعد وحاج نور ومحمد أبكر صبيرة وعوض عمر السماني ومحمود شريف ومحمد أحمد عمر وعمر أوهاج وعلي عبد الفتاح وآدم ترايو وهشام عبد الله وعبد المنعم الطاهر والكلس وعمرالأمين كرار وعبد الخالق عبد الله الترابي وعبد الله إبراهيم السنوسي وعثمان حسن أحمد البشير.. وأكثر من خمسين ألف شهيد كانوا معهم في ذات الخندق.. وهل تراهم يلتقون. حزننا الدامع والدامي عليهم.. هل تكفي حسناتهم لرد مظالم ارتكبوها وأنفس روّعوها وأُسر شردوها وأطفال جندوهم أو يتّموهم ونساء رمّلوهن وأرواح بريئة قتلوها والله يقول إنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا.. وهل يحتملون أوزارهم. حزننا الدامع والدامي عليهم.. كيف يقفون بين يدي الله.. وبأي حجة ينطقون عن الدين الذي داسوا عليه بالنعال ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.. عن القرآن الذي تحمله صدورهم ويمزقه رصاصهم.. عن الفتنة التي هي أشد من القتل وقد نشروها في طول البلاد وعرضها دون أن يطرف لهم جفن. أيها الشيخان لا تبكيا خليلاً الذي ضللتماه حتى مات على سوء الختام.. ولكن أبكيا أنفسكما واتقيا الله واستغفراه وتوبا إليه ولا تأخذكما العزة بالإثم وأنتما من القبر قاب قوسين أو أدنى.. ولا يغرنكما بالله الغرور.. ولتكن دعوة كل منكما لأخيه «انج خليلي فقد هلك خليلك». اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبِّت قلوبنا على طاعتك وارزقنا حسن الختام.. شهادة منك تجمعنا بها عندك بمن نحبه ويحبك.. يا كريم.. البارحة: الصادق المهدي يقول إن الترابي تحدث معه بشأن التخطيط للقيام بانقلاب.. الترابي يصيبه الهلع ويقول إن الصادق «كضاب».. الصادق يصيبه الرعب ويرد قائلاً: «كان ذلك عام 1988م».. التاريخ يرد قائلاً: «عام 88» كان الصادق حاكمًا للسودان.. المنطق يقول هل يعقل أن يقول الانقلابي للحاكم تعال ننقلب عليك.. الحقيقة تقول هذه هي العقول التي كانت تحكمنا.. ولا تزال تتوق لحكمنا..