وأخيراً فاذكر أن هذا كله امتحان في الدنيا، فكيف بامتحان الآخرة : «يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ».(الحج :آية 2) .ولتجعل عمل الدنيا كله من أجل الآخرة. واجعل امتحان الدنيا نفسه من أجل امتحان الآخرة. وطلبك العلم من أجل الله حتى ولو بدأته لغير الله، ولتكن كما قال الامام الغزالي رضوان الله عليه : «طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله !». واعلم أن ذلك من خير عبادات الدنيا، وقال: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» رواه البخاري، وقال : «فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب» رواه البخاري، وقال: «من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله به طريقاً إلى الجنة» رواه البخاري. واتق الله، واصْفُ له، حتى يصْفُ لك العلم. قال تعالى: «يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً». (الأنفال: آية29) أي نوراً تفرقون به وتميزون به بين الحق والباطل، وقال تعالى : «وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً » .(الطلاق :الآية2) . وقد شكا الإمام الشافعي، رضوان الله عليه ، ضعف تحصيله العلم لشيخه وكيع، فأوصاه بأن يتقي الله، وأن يجتنب المعاصي حتى يتلقى النور: شكوت إلى وكيع سوء حفظي فارشدني إلى ترك المعاصي وأعلمني بإن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي! فاصف، للعلم، واجعله رائدك، هدانا الله واياك، وجعلنا من حملة العلم ومن مسخريه لخدمة قضية الدين والإيمان. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.