نذكر جيداً أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان استفتاء جنوب السودان قبيل إجرائه كان الشغل الشاغل لهذه الإدارة حتى إن المراقبين وحتى عامة الناس أصبحوا يتندرون متسائلين ألم يعد للبيت الأبيض أي أجندة سوى هذا الاستفتاء. ونذكر جيداً كذلك الاهتمام الذي حظيت به نتيجة الاستفتاء وكيف هلل لها البيت الأبيض، ونذكر كذلك روح الود التي اتسمت بها سياسة واشنطن تجاه السودان في تلك الأيام والتي كانت بمثابة شهر عسل. ولكن بعد أن تبوأ سلفا كير وأعوانه مقاعد سلطة دولتهم الوليدة رأينا كيف تغيرت السياسة الأمريكية تجاه السودان «180» درجة. وأن سلطة الدويلة التي لم تبلغ الفطام قلبت ظهر المجن للدولة الجارة في الشمال التي كان المتوقع أن تُظهر لها حسن النوايا وتبدي لها رغبتها في أن يكون بينهما تعاون وثيق إلا أن ما حدث كان محبطاً فقد أظهرت هذه الحكومة تآمراً كان يصعب فهمه في البداية حيث كان المتوقع أن تركز هذه الدويلة التي لم تبلغ مرحلة الفطام على تأسيس دولة تفتقر للبنيات الأساسية والخدمات والتنمية وإيواء أبنائها العائدين من السودان وكافة دول العالم الذين لم يجدوا سوى القتل والمجاعة فقفلوا راجعين من حيث أتوا. ولكن في النهاية لم يعد الأمر لغزاً محيِّراً خاصة بعد دخول إسرائيل وتعمقها في الدويلة الوليدة وكأنها شقيقة وليست صديقة فحسب وظهرت كذلك في المسرح أمريكا كداعمة بالسلاح بشكل علني بعد أن كانت تدعمها في الخفاء قبل الانفصال. وهناك زال التساؤل لماذا لا تركز هذه الدويلة جهودها على إعمار وتنمية بلادها بدلاً من أن تتآمر على الدولة الجارة الكبرى. ولكن وضحت الحقيقة أنها مدفوعة من هاتين الدولتين وأنها تنفذ أجندتهما ضد السودان وهذا ما رأيناه في جنوب كردفان والنيل الأزرق واحتضان ودعم حركات دارفور المسلحة في إطار مخطَّط السودان الجديد وإسقاط نظام الإنقاذ. وكان الجميع يتساءلون لماذا لم يكن رد فعل السلطة في الشمال بحجم هذه المؤامرات المتعددة حتى حدث ما حدث في جنوب كردفان والنيل الأزرق وبقاء حركات دارفور في هذه الدويلة وتشكيلها ما سُمِّي بتحالف كاودا والحركة الثورية ولكن هذا التساؤل قد زال حين حذَّر وزير الدفاع الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين الجنوب من أن يتحول إلى مطية لأعداء السودان قائلاً: نحن قادرون على تحطيم أعدائنا مهما كانوا وشعارنا.. «اكسح وامسح» وإننا نمتلك القوة والذراع الطويل لكسر شوكة الأعداء. هامش: هنا تنفس الجميع الصعداء بعد أن كان اليأس قد ملأ نفوسهم خاصة وقد رشح أن الجيش السوداني هو أكبر جيوش إفريقيا.