تعتبر مسألة التسول إحدى المشكلات الاجتماعية في العالم، وتختلف نسبة المتسولين من بلد إلى آخر حسب عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية، ولا يختلف اثنان في أن التسول من العادات السيئة في أي مجتمع من المجتمعات، حتى إذا أردت أن تنعت شخصاً بأقبح الصفات فإن كلمة متسول تأتي ضمن الكلمات المعبرة.. وهي مظهر من مظاهر التخلف الاجتماعي يمكن أن يسيء للوطن والمواطنين.. ظاهرة التسول انتشرت بصورة مقلقة في العاصمة القومية، حيث كثر المتسولون والمتسولات في المساجد، والطرقات، والأسواق و.. وفي كل مكان، إضافة إلى وجودهم المزمن في قلب الخرطوم في موقف المواصلات الذي أصبح مقر إقامتهم الدائمة.. (البيت الكبير) وقف تجاه هذه الظاهرة لمعرفة الآراء: يقول محمد «موظف»: لا يساورني أدنى شك في أن أغلب المتسولين هم من غير المواطنين وربما جاءوا إلى العاصمة لهذا الغرض خصيصًا، وأعتقد أننا بحاجة إلى دراسة أسباب هذه المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها، كما أن لتظافر وتكاتف جهود الجهات المعنية بهذه المسألة كمكافحة التسول والضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية دوراً رئيسًا في حل هذه المشكلة، فالوافد يعاد من حيث أتى والقادر على العمل يسهل له الطريق إليه والعاجز يساعد بطريقة حضارية، أما ضعاف النفوس غير المحتاجين فهم مرضى ينبغي معالجتهم عن طريق النصح والإرشاد والتوجيه ومن لم يرتدع منهم فالعقاب الرادع ينبغي أن يطبَّق عليهم. من وجهة نظر فضل إبراهيم «طبيب» يرى أن ظاهرة التسول هي ليست على المستوى المعيشي فحسب بل أصبحت تقنن بصورة حديثة مواكبة مع العصر حيث غذت المواقع الإلكترونية وقد تكون هنالك حاجة ماسة بالفعل للذين ينتهجون مثل تلك الظاهرة ولكن نجد البعض يستخدمها لأمر النصب والاحتيال.. والأوسع انتشارًا في الآونة الأخيرة هو النصب عبر التسول خلال المواقع الإلكترونية خاصة الذين يدعون (بالهكر) أي الذين يسطون على البريد الإلكتروني للآخرين كاشفين أشياءهم الشخصية، وقد حدث معي هذا عندما كنت أعمل مديرًا طبيًا في دولة الكويت وعندما فتحت بريدي الإلكتروني وجدت رسالة من أحد أصدقائي الأطباء وهو يطلب مني مبلغ عشرة آلاف دولار لحاجته الماسة ووصف لي عنوان البنك لكي أحول له هذا المبلغ وبالفعل حولت له المبلغ وعندما وجدت صديقي وسألته عن ما إذا وصله المبلغ أم لا فدهش وقال لي: «إنني لم أرسل لك أية رسالة ولم أطلب منك أي مبلغ» فعرفت حينها أنني وقعت في فخ النصب والاحتيال. تقول «الباحثة الاجتماعية» فاطمة محمد: تعاني الكثير من المجتمعات من بعض الظواهر السلبية المختلفة كالتفكك الأسري وارتفاع معدلات الجريمة والانحراف والطلاق والبطالة والتسول، وكما هو معروف فإن كثيرًا من الظواهر تظل بسيطة، أما إذا انتشرت وتطورت وأصبحت تشكل خطورة على المجتمع وتهدد أمنه واستقراره فتنعكس بآثار سلبية عليه، فإنها تصبح مشكلة يجب التصدي لها ومواجهتها.. وتضيف: يعتبر التسول آفة من أكثر الآفات الاجتماعية التي تثير الفوضى وتسيء للمظهر الاجتماعي العام للمجتمع.. ونظرا لأن المتسولين أصبحوا متكيفين مع الدور الذي يلعبونه وأصبحوا يورثونه لأبنائهم ولم يعد من السهل تغيير اتجاهاتهم، ويُعدّ التسول مشكلة شديدة التعقيد وعلى المجتمع أن يوجد الحلول المناسبة التي تساعد في الحدّ من انتشاره وإعادة تأهيل هؤلاء وتكييفهم مع الأنماط السلوكية التي يرغبها المجتمع حتى يتخلصوا من تلك الأنماط السلوكية التي تعودوا عليها وأصبحت تشكل خطورة على المجتمع ومواطنيه.. فظاهرة التسول من الظواهر الاجتماعية السلبية المنتشرة في كثير من المجتمعات مع وجود فوارق في مدى انتشارها وحدتها من مجتمع لآخر.