قرأت في كتاب من كتب التراث القصة التالية: كان رجلان يسافران على دابتيهما عندما وصلا إلى مكان في الطريق قررا المبيت عنده، في الصباح كان أحدهما يضحك وهو يشير إلى قمريتين تجلسان على غصن شجرة بالقرب منهما. فسأله الآخر عن سبب ضحكه فرد عليه قائلاً: قبل سنوات كنت أسافر مع أحد التجار وكان يحمل مالاً كثيراً، فقررت أن أغدر به وأقتله وأستولي على المال.. وفعلاً هجمت عليه وأوثقته بالحبال وهممت بقتله إلا أنه استحلفني ألا أفعل.. ولما رأى أنني مصمم على قتله قال لي أمهلني فترة حتى أشهد عليك القمريتين الجالستين على ذلك الغصن.. فوجدت ما طالبني به مدعاة للسخرية فسخرت منه ووافقت.. فتوجه الرجل إلى القمريتين قائلاً : أيّتها القمريتان، أرجو أن تشهدا على مقتلي، فقمت إليه وقطعت رأسه ودفنته بالقرب من ذلك المكان وعندما رأيت القمريتين تذكرت قصة ذلك الأبله. وهنا وثب عليه الرجل الآخر وهو يقول له: لقد شهدت عليك القمريتان فإن الذي قتلته هو والدي ونحن نبحث عن قاتله طيلة هذا الزمن، والآن سأقتلك كما قتلته. وفعلاً قتله. في عام 1987م صرح متحدث باسم المحكمة العليا في اليابان بأن المحكمة اعترفت بقانونية «شهادة» كلب بوليسي ساعدت حاسة الشم لديه على التعرُّف على رجل والحكم عليه بالسجن ثلاثة أعوام بتهمة الاغتصاب والإصابة. وأيدت المحكمة حكم محكمتي الدرجة الأولى والثانية والقائم على أساس حاسة الشم لدى كارل، أول شاهد من ذوات الأربع في تاريخ القضاء الياباني. ونظراً لعدم وجود شهود فقد اعتمد المحققون على حاسة الشم لدى الكلب وهو من نوع كلاب الرعي الألماني «جيرمان شيبرد» حتى وصلوا إلى كونيو مورا وهو موظف في الرابعة والأربعين من عمره واتهموه بإصابة طالبة يوم 8 أبريل 1981م في غابة تاكيو في جزيرة كيوشو الجنوبية، وقد تعرّف كارل على آثار حذاء وجد بمكان الحادث يتطابق مع آخر موجود لدى المتهم. وقد ادعى المتهم بأنه بريء وطعن محاميه في الحكم، مؤكداً أن حاسة شم الكلب لا تشكل دليلاً علمياً وأن الكلاب لا يمكن سؤالها ولا توجد وسيلة للتأكد من خطأ ارتكبه كلب. في الحالتين كان الشاهد حيواناً غير ناطق. أما الدرة التراثية الأخرى فتقول: عندما تأتي أمهما راجعة من الحقل بعد يوم في المرعى كان يسبق توأمه ويقصيه بعيداً ويستأثر هو بلبن أمه يرضع من ضرعها الأيمن والأيسر ولا يبقي لأخيه شيئاً... إلا بعض القطرات التي لا تصل إلى حلق أخيه.. وكان كل يوم يمر يزداد شحماً ولحماً على حساب أخيه بينما انزوى أخوه بعيداً يعاني من أنيميا حادة وكل أمراض فقر الدم.. وذات يوم كانت هناك وليمة وكان هناك مدعوون وكان لابد أن تكون هناك ذبيحة وبالطبع لايحتاج الأمر إلى تفكير كثير فقد وقع الاختيار عليه لأنه كان الأسمن والأشحم. فأخوه يعاني من أنيميا حادة جعلت ظهره يبدو مقوساً. واقتاده الجزار وذبحه وفي المساء كان يتصدرالمائدة وكان منظره مشرفاً مما جعل صاحب المنزل يخاطب ضيوفه مزهواً: تربيتي أنا بيدي... أما أخوه فقد ظل يعاني من فقر الدم وعاش لم يأبه به أحد أو يقرب ناحيته حتى أدركته شيخوخة الخراف.. وهكذا كلما ولدت النعجة توأماً وكان أحدهما يظلم أخاه ويستأثر باللبن كان هو أول من يذبح. تلك قصة من قصص التراث الشعبي كانت جدتي رحمها الله وأحسن إليها ترويها لنا فلم نتبين العبرة، منها إلا بعد أن شببنا عن الطوق ورأينا الظلم الذي يطلُّ برأسه من وقت لآخر في فضاء البشرية وفي معاملاتها.. فإذا كانت دعوة المظلوم ليس بينها وبين السماء حجاب فإن ليل الظالم أو نهاره قصير جداً لأن الله سبحانه وتعالى قد خلق العالم هذا في توازن تام... والظلم هو أحد العوامل التي تخلُّ بذلك التوازن... ولهذا فإن ذلك الخلل لا يمكن أن يدوم... فإذا شعرت بأن هناك ظلماً قد لحق بك، فعليك أن تنتظر لأنه لن يدوم طويلاً... فالظلم كارثة والكوارث عادة لا تدوم... فمثلاً الزلازل والبراكين والفيضانات.. كلها كوارث إلا أنها لاتدوم... آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشترِ ولا تهدِ هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع.