شيخ علي، قضية الفساد في أجهزة الدولة تمثل الحدث الأبرز الذي يحتل مساحة كبيرة من اهتمامات الشارع السوداني؟ «مقاطعاً» والله شوف، أنا لا أقول لك إن الإسلاميين يجلسون على أبراج عاجية ولا يدرون، لكنهم هم الآن في سدة السلطة، وهذا الفساد المثار إذا كان فسادًا ماليًا فهذا يكون باستغلال موظف لمنصبه ويُثري منه، سواء كان «أخو مسلم» أو غيره، وأغلب الناس الذين داخل السجون هم متعثرون. «مقاطعاً» هل تنفي وجود فساد وسط القيادات؟ والله «شوف» كلمة فساد هذه شعار يُرفع لتخويف الحكام، وأنا هسع خائف منها عديل كده. هل ما يحدث الآن من تحركات رسمية لمحاربة الفساد هو نتاج الخوف؟ أنا في تقديري الشخصي وحسب علاقتي بالمال، وأنا لي علاقة قوية بالمال أكثر من الترابي، والبشير، وعلي عثمان وغازي، أنا قاعد في البنك أتابع حركة المال، وأعرف الفساد المالي، وأقول إن الذين «أكلوا» المال دخلوا السجون. من الإسلاميين أم أنهم موظفون عاديون؟ من الإسلاميين وغيرهم، بل هناك أناس من عائلتي ومن الإخوان مطلوب القبض عليهم لأنهم أكلوا أموال الناس، ومع ذلك أقول إنه إذا كان المقصود من الفساد استغلال النفوذ المالي، الإخوان ليس لديهم يد في ذلك، وإذا كان المقصود هو استغلال السلطة وتوظيف عديمي الكفاءة ووضعهم في المناصب، واختيار هذا بالوساطة لأنه قريب عمر البشير أو علي عثمان هذا يسمى «فساد»، لكن أنا حتى الآن ليس لديَّ بيِّنة أن عمر البشير شغّل أهله في الحكومة. أكثر ما يؤخذ على حكومة المؤتمر الوطني أنها تركت الحبل على الغارب، ولم تتخذ الخطوات الكفيلة بحماية المال العام ومحاسبة المفسدين على النحو المطلوب؟ والله أنا شائف أن الناس الآن أمام شائعات تتصاعد، هذا نراه لأول مرة، «يضحك»، وأعتقد أن هناك شائعة ضخمة، وزاد الإعلام من تضخيمها، وكذلك حديث الناس. «قاطعته» هذا ليس كلام الناس ولا الإعلام، هناك تقارير رسمية من المراجع العام في كل سنة، ولم نسمع بمحاسبة؟ صحيح، هناك أناس أغنياء وبنوا قصورًا وأنا واحد منهم، وعندي بيت في الرياض، وكنت أسكن في الثورة الحارة الأولى في منزل من الطين، ولما سكنت في العمارات واشتريت «عربية» بالأقساط قيمتها خمسة وسبعين جنيهًا الناس كانت مندهشة: علي عبد الله اشترى عربية، وعندو بيت في العمارات، والعمارات كانت قبل الرياض والفردوس، والمنشية، وأقول إن أغلب الذين بنوا عمارات في السودان كانوا من المغتربين، فمايو شرّدت الإخوان كلهم فاغتربوا في الكويت والسعودية والدول الخليجية، و«الأخو» بطبيعة الحال عندما يعود من الاغتراب أول ما يفكر فيه هو أن يبني منزلاً عشان تكون له دار ملك، والحكّامات زمان «بشكِّرن» الشخص صاحب الملك، لذلك الإخوان الذين اغتربوا جاءوا وبنوا هنا عمارات من كدّهم واغترابهم. الناس الآن تتحدث عن آخرين لم يغتربوا؟ صحيح، هناك إخوان وزراء بنوا بيوتًا كبيرة، وما في داعي الواحد يذكر أسماءهم، وفي هذا الأمر قد تكون هناك شبهة فساد، ويجب أن يُساءلوا.. وهؤلاء لم يكن لديهم بيوت وعمارات قبل الوزارة! نعم ما كان عندهم، ويتوجب أن يواجَه هؤلاء بالسؤال من أين لك هذا؟، وفي هذا انتهاز، وأعتقد الآن في شغل زي ده ماشي. هل تقصد أن هناك مساءلة وتحقيقات حول هذه الشبهات الآن؟ نعم هناك الآن مساءلة، فمثلاً (م) كان موظفًا عاديًا وكان وزيرا، فهو بنى قصرًا ضخمًا، يُسأل المال دا جبتو من وين؟. هل هناك مساءلة وتحريات في الوقت الراهن له او لغيره؟ هو طبعاً في القانون لا يولّى شخص أي منصب حكومي إلا أن يكون هناك إقرار ذمة، وبعد نهاية التكليف يُسأل من أين لك هذا؟ «إذا كانت هناك مظاهر ثراء»، ولازم يكون هناك إقرار ذمة، الآن إخواننا الحكام، تُثار ضدهم الشبهات، هسع أخونا وزير الخارجية ده متهم بأن لديه بيوت، وأخونا علي كرتي عدّ كم سنة هو؟، والخارجية فيها شنو بياكلوه هل فيها بنك، هل فيها مالية، بالعكس يا أخي فيها عبء ثقيل، لكن معليش الناس الراكبين عربات فاخرة وبانين طوابق، وهذا ذاته كلام مجتمع ساكت، وأريد أن أقول لناس «الإنتباهة» حقو ما تتأثروا بمثل هذا الكلام لأن إثارة هذه المواضيع تهد الدولة. هذه القضية الآن يأخذها الرئيس على محمل الجد وشكّل لها «آلية» فالأمر لم يكن حديث مجتمع فقط، والتحريات هي التي تبرئ ساحة من تحوم حوله شبهة الفساد؟ والله طبعاً الحاكم دائماً حسّاس ووضعه حسّاس، يتأثر.. هل تعتقد بعدم وجود فساد؟ بكون في فساد، أصلاً هذه طبيعة الأشياء، فمثلاً المرأة إذا شافت جارتها ساكنة في عمارة تقول ليك يا أخي ما تبني لينا عمارة مثلها، أولادك بموتوا، هكذا الشيطان، ولهذا الشخص يبحث عن وسيلة لجمع القروش وهناك ألف وسيلة لجمع المال. هناك إنكار لحالات الفساد، وأنتم في المؤتمر الوطني تتهمون الصحف بإثارة هذه الموضوعات، لكن هناك قيادات إسلامية أقرت بوجود شبهات فساد لدى قيادات الصف الأول والثاني والثالث بالحركة الإسلامية.. بم ترد على هذا؟ يا أخي لازم يكون هناك دقة في مثل هذا الحديث، فعندما تقول إن علي عبد الله عندو بيت في الرياض، وتروح تتحدث عن اتهامات كثيرة، فمثلاً يس عمر الأمام اتهمني عديل كده، وقال علي عبدالله «أكل» مال الأمير «يضحك» وهو لم يتحرّ الدقة. وبم رددت على اتهامات يس عمر الإمام لك؟ أنا طبعاً كنت مغتربًا في السعودية، أنا وحكمات «زوجته»، وكنت بطرح الأسهم لأني كنت في الطرح، وحصلت على مبلغ «200» مليون دولار، هذا نصيبي القانوني، مثلاً علي عثمان عندو بيت قديم وبيت جديد، لكننا لم نتحرّ الدقة حتى الآن عن البيوت دي لقاها وين، بل نتكلم ساكت، الحقيقة أن الكلام الذي يُقال دون إثبات يعتبر قذفًا يوجب الحد. ولهذا السبب الآن هناك آلية وتحريات ووثائق ومستندات؟ نعم هذا هو المطلوب، فإذا ثبت وجود فساد يجب أن يحاكَم المفسد، وإلا يجب محاكمة المدّعي بحد القذف. ما يقول شيخ علي في «مذكرة الأف أخ» وإلى ماذا يعزو ظهورها في هذا التوقيت بالذات؟ هي طبعاً عملية احتقان.. أعتقد أنها عملية احتقان فقط. في رأيك ما سبب هذا الاحتقان؟ والله حسب ما علمت أن هذه المذكرة وراءها المجاهدون من الشباب الذين كانوا دبّابين، وهؤلاء وجدوا إخوانهم الذين كانوا أمامهم حكامًا يملكون السيارات الفاخرة، وما فاضين ليهم عشان يقابلوهم ذاتو، ولو عايزين يقابلوهم ما بقدروا يقابلوهم. والمذكرة أيضاً تتحدث عن الفساد، وتصحيح المسار؟ «شوف» الإخوان يريدون أن يكون هناك مثل أعلى، هم يريدون أن يأتوا إلى علي عبدالله يشربوا معه الشاي، ويتونسوا معه، وهم ما عايزين منو حاجة، ولو عندهم مشاكل يطرحوها له ويوجههم لكن الحكام انشغلوا منهم شديد. انشغلوا بالسلطة وإدارتها؟ انشغلوا بالسلطة ليس من أجل السلطة، لأن السلطة مشغولية، وهل تفتكر أن عمر البشير الآن مرتاح، قطعاً ليس مرتاحاً. في رأيك ما حجم الأثر الذي ستُحدثه هذه المذكرة في المؤتمر الوطني؟ هو طبعاً بعض الإخوان يأخذون على أصحاب المذكرة أنها تجاوزت القنوات، وكان يجب أن تمر عبر القنوات المعروفة، وهؤلاء يؤخذ عليهم نشرها في الصحف، والناس سوف يستجيبون لها، فعلى الأقل ستعالج بعض الغبن وتدمل الجرح الذي نشأ وستجعل الناس ينتبهون. هل سيكون لها أثر في التصحيح؟ أعتقد أنها صحة وعافية وفي نفس الوقت ناقوس خطر، فهي دقت ناقوس الخطر تماماً، والخطر سيكمن في هذه المحطة. تقصد إذا تم تجاهل المذكرة؟ نعم إذا تم تجاهلها سيأتي الخطر، وإذا لم يجلس الناس، ويتحاوروا ويتناقشوا ورجعوا، ولا أقول إذا رجعوا إلى الله، لأني لا أشك إطلاقاً في إيمان علي عثمان، ولا في تعبده ولا صيامه، يعني هم أصلاً مع الله، فإذا لم يفعلوا ذلك فإن الخطر ماثل لكنها ستنبه الإخوان في المؤتمر الوطني إلى تصحيح المسار، والحكومة مشغولة والبشير مشغول الأربع والعشرين ساعة، وحتى علي عثمان مقابلته ما زي زمان، ومرة قلت ليهو لما تموت بجيك، قال لي ليه؟، قلت ليهو لأنك بتقفل بابك في وجهي، قلت له الترابي دا بيتو مفتوح أربع وعشرين ساعة، قال لي ده حصل متين، تجي في أي وقت. تقصد باب المكتب أم المنزل؟ الحقيقة مرات بجي في البيت، يقولوا لي دخل هسع، وما فاضي، أقول ليهم يا جماعة أنا علي عبدالله يعقوب، وعندما وجدته مرة في بيت عزاء قلت له تاني ما بجيك بس لما تموت بجي بشيل فيك الفاتحة، وأقول والله أخونا كان راجل فاضل وطيب «يضحك»، وبعد داك مشيت لقيت الباب «متاكا».. يقصد موارب قلت له برضو ما يا هو نحن دايرنو ينفتح عديل زي الترابي تماماً الأربع والعشرين ساعة «يضحك»، وهو قبل عتابي، وزمان وأنا أخو مسلم أمشي لأزهري، أطرق الباب يقول دا مين ويقولوا له دا علي عبدالله طوالي يقول دا ابننا افتحوا له الباب فنجد الماء والبلح وأنا ما جاي آكل معاه، ولا جاي آكل مع علي عثمان، ولا الترابي الحمد لله بيتي فيهو أكل أحسن من أكله وعندي طباخ أحسن من طباخو «يضحك»، الحقيقة أنا أعتقد أن المذكرة نبهت لأشياء مهمة وليس فيها خطر شديد بالعكس فيها نقد وإصلاح، والنقد عندما يأتيك من الداخل ينبهك لأشياء مهمة.