يا حليل زمن زمان ماكينة الخياطة في الماضي لها دور أساسي في التطوير الاقتصادي وإعانة الأسر وللخياطة حضور في ذاكرة الطفولة مع المناسبات والعيد، وجيوب العيدية، وفي قديم الزمان يحول ثوب الكبير عندما يصغر إلى أحد الصغار، بسبب قلة الموارد والعوز.خاطت إبرتها ملابس أفراح، عيد وزفاف، وخطوبة، ومدارس.. وبين هذا وذاك كان للإبرة والخيط مكان ووجود لم يختفِ هذا الوجود أو يضمحل إلا بعد دخول الآلة بدلاً من الإبرة والخيط في شل الدلال الممزق «المشك» وخياطة الملابس الجديدة بطريقة سريعة وعصرية ووضع الإبرة والخيط الأشياء التراثية والفلكورية على رفوف الذكريات، وهذه آلة تاريخية عاصرتها «حبوباتنا، وجدة المهدي،» وتبخترن بثياب عرس جميلة تفننت خياطة ماهرة في ذاك الزمان بخياطته وكانت «ماكنة الخياطة» سيدة عصرها وأكثر شهرة من «ست البيت» في يومٍ ما لم يكن للكهرباء وجود أو انتشار على مجال واسع تعمل بواسطة التحريك اليدوي وتضيء بالفانوس، و تقوم الخياطة بتحريك «الجرخ» من خلال دواسة وُضعت أسفل هيكل الماكنة ورُبطت إلى «قايش » ينقل الحركة من الدواسة إلى باقي أجزاء الماكنة فتبدو وكأنها تعمل آليًا وتتحرك الإبرة صعودًا ونزولاً تسحب خلفها خيطان أحدهم من الأعلى والآخر من أسفل الإبرة يخرج من آلة صغيرة تسمى «الما كوك» واشتهرت الخياطات وضرب بهن المثل مثل «أم عباس» رمز من الخياطات الماهرات، وكان للعيد موسم لا تخطئه العين وزحام بيت الخياطة ومواعيد الاستلام.. كما أن جهاز العروس وأهم قصة «فستان الوقفة» وثياب من يحضرن الزفاف لا بد من قيام الخياطة بإنجازها في وقت محدد ياما أجِّلت أعراس بسبب عطل الماكنة أو مرض الخياطة سبب تأخيرها عن جهاز العروس وكم حسناء بكت حسرةً لعدم حضور عرس أختها أو صديقتها بسبب تأخير خياطة ثوبها. وللأطفال فرحتهم بالعيد لها طابع خاص في انتظار الفستان «أبو جيوب للعيدية» على باب الخياطة ربما تستمر لساعات طويلة من الليلة ونحن متظرين!! آمال خياطة نعيد الذكريات ونفتش رفوفها عن ماكنة الخياطة وعن بعض التفصيلات والموضة وتجربتي للخياطة كنت بستمتع بابتكار قصات الموضة للعروس حسب القماش والحجم يلعب دورًا اساسيًا وافضل العروس «النحيفة» في ميزة القصة .. ومن اشهر القصات «الدهباية وعشرة بلدي وست الفريك .. والرحط خاص بالعروس».. علمًا ان ماكنة الخياطة استقرت في بيوت الاغنياء في بداية عهدها كدليل على التحضر والقدرة وفي بيوت اخرى لتكون وسيلة رزق تعيش عليها الاسر وتخلت عنها اغلب البيوت ولم تشاهدها نساؤهم الا في بيت الخياطة واستمر هذا الحال لزمن طويل ياريت تعود تاني.. الحاجة فاطمة: يا حليل زمن زمان ذكرتينى فستان الوقفة «فستان الرحط» في عشرينات القرن الماضي كنت طفلة صغيرة وكان اهلي يسكنون قرية «الحاج عبدالله» على اطراف مدني كانوا يستخدمون الابرة والخيط في خياطة الملابس وكانت «البكره والكنيدره والوشيعه» اضافة للابرة هو ما تحتاج إليه الام لخياطة ملابس عائلتها ولم تكن هناك ملابس جديدة كل يوم وقد يصمد الثوب او الدشداشة لمدة سنة وقد يحول ثوب الكبير الى احد الصغار بسبب قلة الموارد والعوز وعدم وفرة المعروض من القماش وهكذا كان حالنا مع الملابس زمان لكن بعد سنوات بدأت تنتشر ماكنة الخياطة واعلان بعض النساء عن انفسهن كخياطات بالاجرة وكانت احداهن في الكاظمية التي كنا نحن سكان ريفها نزورها بين فترة واخرى لا تقل عن اسبوع على اقل تقدير لشراء احتياجاتنا، وصادف ان احد اقربائنا كان ايسر حالاً زواج ابنه وبدلاً من ان تتعاون نساء اهل العريس واهل العروس على خياطة جهاز العروس ارسلوها الى خياطة بالكاملين وانجزتها في اقل من اسبوع وهكذا عرفنا درب الخياطة وماكينتها وتحولت الابرة والخيط للترقيع او تثبيت ازرار او غيرها، حتى وصل بكم الامر اليوم لاستيراد ملابس جاهزة فمبروك عليكم. الحاج مصطفى.. كان في كل مدينة سوق اسمه « سوق الترزية» بمعنى سوق الخياطين، يحتوي السوق على محلات ودكاكين بحجم مناسب لسكان المدينة والقرى المحيطة بها وكان لكل دكان اقمشة خياط يعمل امام متجره ومن يشتري منه في الغالب يخيط القماش عند هذا الخياط، وكانت مهارة الخياطين تختلف من واحد الى آخر واغلبهم كان اختصاصهم خياطة الدشداشة اما «الصاية والجاكيت» فلها «خياطينها المختصين» ولهم محلات كبيرة ومؤثثة بشكل جيد وكانوا يحاولون تأخير تسليمها لصاحبها لتظل معلقة في المحل وهذا نوع من الدعاية كانوا يعملونه لأنفسهم واشتهر منهم الكثيرون فكان «الباكستاني» و«جاسم» وغيره مثل ما اشتهر «احمد حسن» خياط البدلات الحديثة قبل ان يفرض نفسه المستورد كبديل حتمي لرخص سعره وجودة قماشه وحسن خياطته.