في اليوم الأول الذي خرج فيه الشعب السوري يطالب بالحرية والإصلاح السياسي والتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة قبل ما يقارب العام ووقتها لم يهتف الشعب يريد إسقاط النظام بل يريد الإصلاح فقط، في ذلك اليوم كنت قد كتبت مقالاً نصحت فيه للنظام السوري ألا يحذو حذو الأنظمة التي أسقطتها شعوبها عندما رفضت الاستجابة لمطالب الشعوب في التحرر والمشاركة في تقرير مصير بلدانهم واختيار سلطاتهم ولم تكتفِ بعدم الاستجابة لمطالب الشعوب فحسب بل سعت لاتهامهم بالإرهاب والعمالة للأجنبي فرفضوا الإصلاح فكان مصيرهم الرمي في مزبلة التاريخ تطاردهم لعنة الفقراء ودماء الشهداء من الأطفال والنساء، والنظام السوري لم يتعظ برصفائه من طغاة العرب وولغ في دماء شعبه وأمعن في قتلهم نساءً وأطفالاً شيبًا وشبابًا وأضاع فرصة المماهاة والتعايش مع الربيع العربي وثوراته التي لا تستثني بلدًا وقد صبر الشعب السوري على طغيان الأسد وابنه أربعين عامًا يعُد عليهم أنفاسهم ويحرمهم من أبسط حقوق الإنسانية بل يجعل من البعثية منهاجًا للحياة إكراهًا وهي فكرة بشرية محضة يعتريها ما يعتري البشر من الضعف والخطأ.. إنه الطغيان «إن الإنسان ليطغى». نظام بشار كان يحظى بتقدير واحترام لدى الكثير من أبناء العالم العربي لاحتضانه لقيادات المقاومة الفلسطينية الذين رفضتهم معظم العواصم العربية ولتصنيفه ضمن محور الممانعة للمشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة ولوقوفه مع غزة في الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل ومشاركته في قمة الدوحة إبان ذلك العدوان حتى تبين للجميع أن كل ذلك كان ظاهريًا فقط ومن يقتل شعبه لا يحمي الشعوب الأخرى لذلك فقد النظام التأييد من الشعوب العربية وأنظمتها. الثورة الشعبية السورية التي شارك فيها كل السوريين وتجاوزوا فيها الطائفية المذهبية والجهوية فالسوريون جميعًا عربًا وكردًا وشيعة وسنة ومسلمين ونصارى كلهم جنبًا إلى جنب في وجه الطاغية بشار وزبانيته هذه الثورة أخرجت المشروع الصفوي المتدثر بالمقاومة في كل من لبنان وإيران حيث وقفا مع الجلاد في وجه الضحية مما افقدهما المصداقية لدى الشعوب المتطلعة للحرية والكرامة التي كانت مهدورة من قبل الأنظمة الدكتاتورية في البلدان العربية وأصبحت النظرة لحزب الله فيها كثير من الريب وان لم يعدل من مواقفه تجاه ما يجري في سوريا فانه ربما يصنف من الأعداء. الحكومة السودانية ما زال موقفها ضبابيًا تجاه الثورة السورية السوريون كانوا غاضبين على الحكومة السودانية لوصفها للثورة السورية بأنها مؤامرة تستهدف استقرار سوريا وأمنها وهي نفسها الأسطوانة التي يكررها النظام السوري ليتجاهل بها مطالب شعبه. في مشاركتنا في مؤتمر الأمة الذي يتكون من عدة تنظيمات سياسية من عدة دول عربية وحضور الندوة التي أقامتها المنظمة العربية للحريات والحكم الراشد في استانبول بتركيا التقيت بعض القيادات السورية فعبروا عن عدم ارتياحهم لموقف الحكومة السودانية التي تتبنى الإسلام وتقف مع نظام علماني المسؤولية قتل الأبرياء وانحاز للشعب السوري في ثورته فخفف على السوريين قليلاً ثم جاء تقرير الفريق أول الدابي والذي برر للطاغية قتله وعنفه ضد شعبه حتى وجد النظام فيه مادة إعلامية دسمة يعرضها في كل وسائل إعلامه لينال من خلالها شهادة براءة من دم الشهداء على ارض سوريا. الموقف الصيني والروسي واستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن لحماية نظام الطاغية وتوفير الغطاء له ليمعن في القتل وسفك دماء الأبرياء اوجد حالة من الغضب الشعبي تجاه الصين وروسيا مما يهدد مصالحهما في المستقبل ليس في سوريا وحدها وإنما في كل الدول العربية ويبدو أن الدولتين روسيا والصين لم تتعظا من مواقفهما تجاه النظام الليبي حتى خسرا ثقة الشعب الليبي والشعب السوري الذي قدم ويقدم ارتالاً من الشهداء في مواجهة ارتال من الدبابات والمجنزرات سوف ينتصر حتمًا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.