بيني وبين دمشق قصة حب تكتب فصولها أمام باب الحارة الدمشقية، وهذا الطراز المعماري القديم الذي كثيراً ما جعلني أكتب أجمل كتاباتي فيها. المدينة تمثل عندي مرفأ انسانيا يجسد العنفوان العربي والأصالة التي تبدأ من سوق الحميدية في طرازه المعماري البديع ولا تنتهي عند جبل غاسيون بشموخه وكبريائه. زرت دمشق قرابة العشر مرات، وأعرف ريفها قبل وسط المدينة؛ لأن ريف دمشق هو السهول المفتوحة على الحب والبساطة والخضرة الممتدة على مد البصر! أعرف انسان دمشق وأدرك كم هو رائع وانساني ونبيل وهادئ! ولكن يا ترى هل كان هذا هو الهدوء الذي سبق العاصفة... عاصفة الثورة السورية في دمشق وريفها وحلب واللاذقية وحمص ودرعا وغيرها من المدن والقرى السورية التي انتفضت على هذا الحكم الجائر والنظام المستبد الذي جثم على صدر الشعب السوري! ومؤسف أن هذا النظام وعلى رأسه طبيب العيونبشار الأسد مازال مستمسكاً بحبل السلطة والأطفال والنساء يموتون في وضح النهار! وتمتلئ السجون بالمعتقلين الذين يتعرضون لأقسى وأبشع أنواع التعذيب وكلنا يدرك كم هو نظام البعث عنيف ووحشي! سئمنا من حكاية المؤامرة والعملاء! ومن حقنا أن نعرف بأي ذنب قتل الأطفال والنساء قبل الرجال، وبأي ذنب عذب المعتلقون؟ وبأي ذنب شرد آلاف السوريين الأحرار؟ ومؤسف أن نظام بشار الأسد يضع الأمن مقابل الحرية ويمارس بعض ألاعيب لا تخفى على الداني والقاصي، وهو القول إن العصابات المسلحة هي التي تقتل الناس، ولا نفهم لماذا لا تظهر هذه العصابات في بعض مظاهرات الذين يسبحون بحمد النظام! ان نظام الطاغية بشار وصل درجة من الطغيان لا تنفع معها غير الثورة الشاملة التي تقتلع هذا النظام من جذوره! وينشر بشار صوره في كل أنحاء سوريا وبعضهم ينشرها في الفنادق والمطاعم ومحلات بيع الكنافة مكتوباً عليها (بشار إلى الأبد)! تقرباً أو خوفاً! ولكن جاء اليوم الذي مزق فيه السوريون هذه الصور وهتفوا بملء الصوت (ارحل... ارحل... يا بشار). وفي عنفوان هذه الثورة السورية الباسلة كنت أتابع مواقف الفنانين السوريين لايماني بأن الفنان هو ضمير الأمة، وأن الفن رسالة الصدق ورسالة ضد الظلم والجبروت والطغيان! كنت أفهم صمت بعض الفنانين في سوريا في اطار بطش النظام وتنكيله بالمعارضين ولكن الفنانة السورية أصالة نصري، لفتت نظري بموقفها الشجاع وانحيازها لأهلها وناسها ودمشقها. أصالة وقفت في خندق الثورة السورية وهذا موقف ليس بمستغرب من فنانة مثل أصالة نصري، وأذكر أنني أجريت حواراً مع أصالة أثناء زيارتها للخرطوم قبل عدة سنوات ووقفت على المبادئ والقيم الأصيلة التي تحملها ! الآن أصالة في صف الثورة السورية رغم محاولات نظام الأسد التضييق عليها وتشويه مواقفها والتشويش على كلماتها، ولعل أخطر ما ورد في موضوع أصالة الوثائق الأمنية التي تسربت من السفارة السورية بالقاهرة وفيها خطاب يدعو لعدم التعامل مع أصالة وزوجها (وما خفى كان أعظم)!! وفي عتمة هذه الأحداث تبرز بعض القنوات الفضائية التي فضحت جرائم النظام السوري كقنوات الجزيرة والعربية و( BBCعربية). وهذه القنوات أكدت قوة تأثير الاعلام وقدرته على قيادة الرأي العام وفي المقابل سقط الاعلام السوري في الامتحان وانحاز لنظام الأسد ضد الشعب السوري في أسوأ ما يكون الانحياز وعندما يقتل العسكر الأبرياء في جسر الشفور وريف دمشق ودرعا يتحدث إعلام النظام عن مهرجان الزهور في دمشق. في المرحلة القادمة يجب أن ينزل فنانو سوريا إلى الميدان وينحازوا إلى شعبهم.. أين أنت يا أيمن زيدان وأين أنت يا اسحق فضه؟. أين أنتِ يا أمل عرفة؟ انزلوا للساحات وعبروا عن الارادة السورية والثورة السورية والحرية والكرامة و(الموت ولا المذلة) كما يقول الثوار الشرفاء في سوريا! كان موقف الفنانين في ثورة الياسمين بتونس واضحاً كالشمس في صف الثورة، وانحاز الفنانون في مصر لشعبهم وفنانو سوريا المطلوب منهم الوقوف في وجه الظلم حتى تشرق شمس الحرية في سوريا!. والمطلوب من الفنانين في السودان دعم أشقائهم في سوريا بالمواقف والكلمات، فربما كلمة أخطر من الطلقة والمطلوب أيضاً التنديد بمواقف الفريق الدابي الذي نرجو أن ينسحب فوراً من دمشق مع مواقفه المترددة، والدابي هل هو في مهمة أمنية أم مهمة علاقات عامة؟! ان شمس الحرية في دمشق قربت أن تشرق لأن الطاغية بشار وأعوانه وذبانيته أكملوا كل فواصل مسرحية العبث وانكشف الغطاء للعالم.. والله سبحانه وتعالى (يمهل ولا يهمل) و(الظلم ظلمات يوم القيامة) فهل يريد بشار أن يؤسس حكمه على أشلاء الجثث؟. شكراً لشهداء الثورة السورية الذين كتبوا قصة الحرية بدمائهم الزكية، وأرجو أن يفهم بشار أنه سوف يغادر الكرسي في القريب العاجل، والخلاص الوحيد أمامه الآن هو أن يوقع على المبادرة العربية. (ارحل... ارحل... يا بشار)! [email protected]