أكد نصر الدين مفرح، وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني، أن الدولة المدنية ثمرة ثورة الشعب السوداني سيكون على قمة أولوياتها تحقيق التعايش والتسامح بين مكونات الشعب السوداني، وإدارة التعدد والتنوع في السودان بحكمة. وقال مفرح، في حواره مع «الاتحاد»، إن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ستساهم في صنع السلام، وإنهاء حالة الحرب والاستقطاب الحاد الذي عاشه السودانيون على مدى 3 عقود من الزمن. يذكر أن نصر الدين مفرح واحد من أصغر الشباب في الحكومة الجديدة، وأحد قادة الحراك الثوري في السودان، وهو ناشط ومتطوع في العديد منظمات المجتمع المدني بالسودان، ومدير مركز الاعتدال لمحاربة الغلو والتطرف، وعضو في العديد من لجان الصلح بين المجتمعات في عدد من الولايات السودانية. وتعرض مفرح للاعتقال أكثر من مرة، كما تعرض للتعذيب والاستجواب في سجون جهاز الأمن والمخابرات مرات عديدة، فأصبح معروفاً بالنسبة للشباب من أبناء جيله، ليس في الخرطوم وحدها، وإنما في الأقاليم أيضاً، حيث جاب ولايات السودان، وكان يذهب إلى الجامعات ويلتقي الشباب ويحفزهم على الصمود والمطالبة بالحقوق، عبر أساليب التعبير السلمي. وحول الرؤى والبرامج المستقبلية لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف التي تولاها مؤخراً، قال: «أحب أن أؤكد للعالم أجمع أن الله حبانا بمجتمع سوداني متنوع في كل سماته، متفرد في خصائصه، متعدد في أديانه وسحناته القبلية وثقافاته، وحتى في ألسنته ولهجاته ولغاته وألوانه». ويضيف «كسودانيين منذ الاستقلال وحتى الآن، أي ما يقارب 60 عاماً لم نتمكن من إدارة هذا التنوع والتعدد بطريقة سليمة، والآن يحدونا الأمل في بناء مستقبل الأمة السودانية، وفي طريق بنائنا لهذا المستقبل نرجو في المقام الأول أن يكون الأساس الذي نرتكز إليه هو كيف ندير هذا التعدد، وكيف تكون عندنا مساحات من الرؤى المتعددة من المناهج والرسائل المختلفة، التي تصب كلها في إطار واحد هو إطار التسامح والتعاون والترابط فيما بيننا، وأن ندرك أن مشتركات متعددة تجمعنا في هذا البلد أهمها أن المواطنة هي الأساس للحقوق والواجبات». وأوضح مفرح أن الرؤية الأساسية لديه في الفترة الحالية ستركز على إدارة التنوع، ونشر ثقافة الوعي والتسامح فيما بيننا، والرسالة المهمة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف هي الاهتمام برسالة الجانب الديني في البناء الروحي للإنسان والبناء الوطني وبناء مواطن صالح يرعى مصالح المجتمع والوطن. وقال مفرح: سنعمل على نشر ثقافة الوعي في إدارة التنوع والتسامح والتصالح، لاسيما في مناطق الحروب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وسنعمل على تعميق قيم الدين لدى الشباب ومواجهة قيم الغزو الفكري الخارجي المنحرف والمضلل للشباب. وقال وزير الشؤون الدينية السوداني: سنعمل على إقامة ندوات في كل ولايات السودان بمشاركة قادة الجماعات والطوائف والفرق الإسلامية لنشر قيمة الوسطية والاعتدال وضبط الخطاب الديني في البلاد، ولدحر الغلو والتطرف في الدين والمجتمع، وسنعمل كذلك على تطوير شؤون الحج والعمرة، لأنه حدثت بها مشاكل طيلة الثلاثين عاماً الماضية خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير. وأضاف: بالنسبة للأوقاف الإسلامية، سنعمل على حصرها وعلى ضبط إيراداتها وإنفاقها وتنميتها.. وسنعمل أيضاً على رعاية حقوق المسيحيين في السودان، وهم أقلية لابد من الاهتمام بقضاياهم ورعاية شؤونهم واسترداد حقوقهم، التي استولت عليها حكومة «الإنقاذ» السابقة، وسنعمل معهم من خلال كنائسهم لتعزيز روح التسامح الديني والتعايش، حتى نطور الوحدة والتلاحم بين أبناء الشعب السوداني. وشدد مفرح أنه سيعمل على رفع قدرات المرأة، لكي تؤدي دورها الرسالي والريادي في بناء المجتمع، لأنه طوال العهد السابق كان هناك تضييق على المرأة، وعدم إعطائها الحرية الكاملة المنضبطة لتؤدي دورها في بناء المجتمع. ورداً على سؤال حول تصريحاته التي دعا فيها يهود السودان للعودة لوطنهم، والتي اعتبرها البعض مغازلة لإسرائيل، قال مفلح إن الأمر ليس هكذا مطلقاً، وإنما كان حديثي رداً على سؤال وجه إلي حول رؤيتي لقضايا السلام والتعايش في السودان، فكان ردي أننا مختلفون ومتعددون في أدياننا وثقافتنا وملامح مجتمعاتنا، ولدينا القدرة على أن ندير هذا التعدد والتنوع، وقلت إننا متعددون في أدياننا، ولدينا الدين الإسلامي، والدين المسيحي، وكان عندنا يهود يسكنون معنا. وأضاف أن اليهود كانوا يشكلون كتلة اجتماعية واقتصادية في المجتمع، وكانوا يعيشون بسلام، ولكن مورست عليهم في حقبة حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري ضغوط في أعمالهم وحياتهم فهاجروا وتركوا السودان، وكانوا يمثلون جزءاً من ملامح الشعب السوداني المتعدد ويحملون الجنسية السودانية فسحبوا أموالهم وأولادهم وهجروا البلد، وحتى اليوم ما زال جزء من أحفادهم موجودين في السودان، وقد تصاهروا مع المجتمع السوداني وأصبحوا جزءاً منه، والآن تتشكل الدولة المدنية في السودان التي تسمح للإنسان بأن يمارس عقيدته وحريته في الاعتقاد أياً كان، وعلى هذا الأساس وجهت دعوتي للناس الذين كانوا يقيمون معنا إذا أحبوا العودة لبلادهم ليعيشوا معززين مكرمين في دولة السودان المدنية، التي تجعل المواطنة أساس الحقوق والواجبات، ولا تجور على أي مواطن. صحيفة الاتحاد الاماراتية