يعتزم حزب المؤتمر الوطني تنظيم مسيرة مليونية للرد على المطالبين في الاحتجاجات الأخيرة بإسقاط النظام. هذا ما نشرته تاق برس على موقعها الإخباري الإلكتروني على لسان القيادي بالحزب عبد السخي عباس أمس.. عبد السخي قال إنهم بصدد تسيير مسيرة فيها ملايين كثيرة للرد على المطالبين بإسقاط النظام. عبد السخي سبقه آخرون على هذا التصريح لكنهم لم يكشفوا عن هوياتهم، إذ جاء في بعض المواقع منسوبا إلى مصادر أو قيادات حزبية، مما يعني أن حزب المؤتمر الوطني يعد ويحشد للمسيرة المليونية على ذات نهج (الرد بالسد). ما الرسالة التي يرغب الحزب الحاكم في إيصالها إلى الناس؟ وماذا يريد أن يقول؟.. ثم ما الشعار الذي سيردده ملايين المناصرين له عبر المسيرة؟ بل من يفكر للحزب؟ نعم.. يستطيع المؤتمر الوطني أن يخرج الملايين في مسيرته.. ويستطيع أن يصل بها القصر الجمهوري ومجلس الوزراء والبرلمان في سهولة ويسر دون أن تعترضه أي قوة نظامية؛ بل ستجد المسيرة من يفتح لها الطرق والشوارع؛ لكن ما لا تستطيع مسيرة الحزب الوصول إليه هو كيف تقنع الناس بعدم الخروج للتعبير عن معاناتهم اليومية. كان على حزب المؤتمر الوطني أن يغلق دوره على نفسه لحين خروج البلاد من الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها سياساته الفاشلة طيلة السنوات الماضية، وألا يدخل في هذا العمل الاستفزازي لاستعراض القوة ردا على من لهم مطالب مشروعة بغض النظر عن شعاراتهم التي عبروا بها عن هذه المطالب. كان على قيادات الوطني التي أقنعت حزبها بتسيير مسيرة الرد أن تدرس كل الاحتمالات المتوقعة قبل أن تجر الحزب إلى مواجهة مع الرأي العام بما يقود إلى مزيد من الاحتقان. صحيح أن صفوف البنزين قد انتهت، وأن صفوف الخبز انخفضت قليلا، لكن الصحيح أيضا أن الازمة الاقتصادية ما زالت تخنق البلاد. ما تم من معالجات لا يعدو أن يكون غير معالجات جزئية لإطفاء الحرائق لأن المعالجات الكلية للمشكلات الاقتصادية المعقدة، تحتاج إلى تنفيذ البرنامج الاقتصادي بشكل دقيق، ولو أننا نلاحظ أن الحكومة بدأت تنحرف بشدة عن مسار ذلك البرنامج ورجعت لنفس نهجها في التعامل مع سد الفجوات بطريقة رزق اليوم باليوم. إذا كان حزب المؤتمر الوطني لا يستطيع المحافظة على مقاره التي كانت محل استهداف للمحتجين.. وإذا كان الحزب يُسيّر البلاد بسياسات اقتصادية فشلت في تحقيق الاستقرار، فمن الأجدى أن تفك الحكومة الارتباط معه، وذلك من خلال التوافق على تشكيل حكومة تسيير أعمال من تكنوقراط أو أي صيغة يمكن الاتفاق حولها مع القوى السياسية الأخرى تمهيدا لانتخابات شفافة.