سلمت قوى الحرية والتغيير السودانية اليوم الخميس, الإعلان الدستوري للمجلس العسكري, للبدء في تكوين حكومة انتقالية لإدارة الفترة المقبلة . واقترحت في الإعلان الدستوري الذي نشر على نطاق واسع أن يدار السودان كدولة لامركزية متعددة الاقاليم, عبر ثلاثة مستويات " حكم اتحادي وإقليمي ومحلي " . وشددت على وقف العمل بالدستور الانتقالي 2005 . وحدد الإعلان فترة انتقالية أربعة أعوام واقترح مؤسسات حكم ,تتكون من مجلس سيادة, يكون رأسا للدولة ورمزا لسيادتها الوطنية, بجانب مجلس وزراء بسلطات تنفيذية عليا,وهيئة تشريعية وسلطة قضائية مستقلة . تضم قوى الحرية والتغيير السودانية، أحزاب معارضة وحركات مسلحة بجانب تجمع المهنيين ومنظمات مجتمع مدني. وتجاهل الإعلان أية إشارة لجهاز الامن ومهامه عند تفصيل مهام القوات النظامية التي حصرتها في الجيش والشرطة . واقترحت قوى الحرية والتغيير أن لا يتجاوز عدد الوزراء 17 وزيرا ومنحت مجلس الوزراء صلاحيات واسعة اهمها إعلان حالة الطوارئ ووضع السياسات العامة للدولة. وفيما يتصل بالبرلمان اقترح الاعلان الدستوري لعضويته ما بين 120 إلى 150 عضوا, وشدد أن لا تقل عضوية المرأة بداخله عن 40% واشارت لضرورة أن يتم التوافق عليهم بواسطة قوى الحرية والتغيير على أن يراعى تمثيل القوى المشاركة في التغيير . وتظاهر السودانيون بأعداد كبيرة في الخرطوم الخميس تلبية للدعوة إلى "موكب مليوني" للضغط على الجيش لتسليم السلطة للمدنيين، في ظل خلاف على تركيبة المجلس الحاكم. واتفق الطرفان على تشكيل مجلس مختلط بين المدنيين والعسكريين لإدارة البلاد، لكنهما يختلفان حول تشكيلة هذا المجلس، إذ يريد العسكريون أن يتألف من عشرة مقاعد، سبعة منها لممثلين عن الجيش وثلاثة للمدنيين. ويريد المحتجون أن يتألف المجلس المشترك من 15 مقعداً من غالبية مدنية مع سبعة مقاعد للممثلين العسكريين. ويرى تحالف الحرية والتغيير الذي ينظم الاحتجاجات أنّ الجيش "غير جاد" في تسليم السلطة للمدنيين بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على إطاحة الرئيس عمر البشير. ودعا التحالف إلى "موكب مليوني" الخميس مع تفاقم التوتر بين الطرفين. وحذّر المجلس العسكري أنه لن يسمح "بالفوضى" وحث المتظاهرين على تفكيك الحواجز المؤقتة التي أقاموها حول موقع الاحتجاج الرئيسي خارج مقر قيادة الجيش في الخرطوم. كما طالب المحتجين بفتح الطرق والجسور التي أغلقها المعتصمون خارج المقر الرئيسي لأسابيع، حتى بعد عزل الرئيس عمر البشير. وما زاد من حدة الخلاف، إعلان المجلس العسكري أنّ ستة من عناصره قتلوا في اشتباكات مع المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد الاثنين. وفي الاعتصام، ردّد المتظاهرون هتاف "سقط ما سقطت ... سنبقى"، فيما دوت أغاني ثورية من مكبرات صوت عملاقة في المكان. فيما استمرت الأجواء الاحتفالية في المكان من طلاء وجوه المشاركين بألوان العلم السوداني او أداء الرقصات الشعبية. واهتم آخرون بتوزيع المياه على المشاركين خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة في الخرطوم، ومن المتوقع ان يتوافد المزيد من المتظاهرين في وقت لاحق من النهار مع انكسار حدة الشمس. وقال احمد الربيع احد قادة التظاهرات "نتوقع أن تجتذب المسيرة حشودا كبيرا اليوم". -"البحث عن مشاكل"- عقد الطرفان مؤتمرين صحافيين الثلاثاء للدفاع عن موقفيهما. وقال محمد ناجي الأصم القيادي بتحالف الحرية والتغيير إنّ "المجلس العسكري الانتقالي غير جاد في تسليم السلطة الى المدنيين (...) ويصر على أن (يكون) المجلس السيادي (المشترك) عسكريا بتمثيل للمدنيين". وأكد أن "المجلس العسكري يمدد سلطاته يوميا"، مضيفا أن على المجتمع الدولي ان يدعم خيارات الشعب السوداني. وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، حذّر زعيم حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي الاربعاء قادة الاحتجاجات من استفزاز اعضاء المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، وقال انهم سيسلمون السلطة قريبا إلى إدارة مدنية كما يطالب المتظاهرون. وصرح المهدي "يجب أن لا نستفز المجلس العسكري بمحاولة حرمانه من شرعيته، أو حرمانه من دوره الإيجابي في الثورة". وأضاف السياسي المخضرم "يجب ألا نتحداهم بطريقة تجبرهم على اثبات نفسهم بطريقة مختلفة". بدوره، أكّد نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي أنّ المجلس العسكري "ملتزم بالمفاوضات لكنه (لن يسمح) بالفوضى". وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين الكباشي إنّ "القوات المسلحة يجب أن تبقى في المجلس السيادي" بسبب التوترات التي تضرب البلاد. واتخذت الاحتجاجات في السودان منحنى مختلفا عندما بدأ آلاف المتظاهرين في السادس من نيسان/ابريل تجمعا أمام مقرّ قيادة الجيش في العاصمة، مطالبين القوات المسلحة بمساعدتهم في إسقاط البشير. وبعد خمسة أيام، استولى الجيش على السلطة عبر مجلس عسكري انتقالي وعزل البشير، بعد أشهر من الاحتجاجات التي بدأت على خلفية زيادة أسعار الخبز. ومذاك، يرفض المجلس الدعوات إلى التخلي عن السلطة، ما دفع المتظاهرون لاتهام أعضائه بانهم لا يختلفون عن البشير. وفي تقدم حصل السبت، اتفق الطرفان على تشكيل جهاز عسكري مدني مشترك لتمهيد الطريق أمام حكومة مدنية. وأيدت حكومات غربية مطالب المتظاهرين، لكن دولاً عربية خليجية قدمت الدعم للمجلس العسكري، بينما دعت دول إفريقية إلى منح المجلس العسكري مزيداً من الوقت قبل تسليم السلطة للمدنيين. والاربعاء، أمهل الاتحاد الأفريقي المجلس العسكري السوداني مدة 60 يوماً إضافية لتسليم السلطة إلى هيئة مدنية والا فإنه سيعلق عضوية السودان.