حركة الاحتجاج في السودان ولدت في ديسمبر بسبب نقمة شعبية على زيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف في ظل أزمة اقتصادية وتدابير تقشفية أنهى الاتفاق الموقع بين المجلس العسكري الحاكم وقادة المعارضة المدنية في السودان سبعة أشهر من أزمة سياسية كان لها وقع ثقيل على البلاد: ◄ رفع سعر الخبز ولدت حركة الاحتجاج في السودان في ديسمبر بسبب نقمة شعبية على زيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف في ظل أزمة اقتصادية وتدابير تقشفية، واتّخذت شكل اعتصام أمام مقرّ قيادة الجيش في الخرطوم منذ السادس من أبريل للمطالبة بتغيير النظام السياسي. وبعد الإطاحة في 11 أبريل بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد على مدى ثلاثين عاما، رفض الآلاف من المحتجين فضّ الاعتصام مطالبين بنقل السلطة إلى المدنيين. وبدأت أولى جلسات التفاوض مع قادة الاحتجاج في 20 أبريل. توصّل الطرفان إلى اختراق في 27 أبريل حين اتفقا على تأسيس مجلس مدني عسكري مشترك يحكم البلاد في المرحلة الانتقالية. لكنّ الطرفين اختلفا على تشكيلته إذ أراد كل طرف أن يشكّل ممثلوه الغالبية وكذلك على من يقود المجلس، شخص عسكري أو مدني. واحتشد المتظاهرون في العاصمة في الثاني من مايو مع إعلان قادة الاحتجاج أن الجيش غير جاد في تسليم السلطة. ◄ انهيار المفاوضات في 15 مايو، علّق الضباط المفاوضات مؤكدين إصرارهم على أن يزيل المتظاهرون المتاريس التي وضعوها في شوارع العاصمة. وفي العشرين من مايو وبعد إحراز تقدم، انتهت المفاوضات بين المجلس العسكري وقادة الاحتجاجات بشكل مفاجئ من دون التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيلة المجلس السيادي، الذي يُفترض أن يؤمن المرحلة الانتقالية لثلاث سنوات، قبل نقل السلطة إلى المدنيين. يدعم الإسلاميون من جهتهم الجيش، آملين في الحفاظ على الشريعة الإسلامية المطبقة منذ الانقلاب الذي أوصل عمر البشير إلى الحكم عام 1989. ◄ دعم من الرياض وأبوظبي والقاهرة في نهاية مايو توجه رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى مصر والسعودية والإمارات. وأعلنت السعودية والإمارات في أبريل مساعدة مشتركة بقيمة ثلاثة مليارات دولار. ◄ قمع دام في الثالث من يونيو، تم فض اعتصام للمحتجين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم. وقتل أكثر من مئة شخص بحسب اللجنة المركزية للأطباء القريبة من حركة الاحتجاج. في اليوم التالي، أعلن الجيش أن الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها مع قادة الاحتجاجات باطلة ودعا إلى انتخابات في فترة لا تتجاوز تسعة أشهر. وندد المحتجون ب"انقلاب". وخلُصت لجنة تحقيق شكّلها قادة المجلس العسكري إلى تورّط "ضباط وجنود"، لكن المجلس أشار إلى أنه أعطى الأمر بتطهير منطقة قريبة تمارس فيها تجارة المخدرات، لكن العملية لم تجر كما كان مخططا لها. ◄ وساطة من 9 إلى 11 يونيو كانت الخرطوم شبه مشلولة بسبب العصيان المدني الذي دعا إليه المحتجون. أعلنت الوساطة الإثيوبية التي بدأت في السابع من يونيو أن المجلس العسكري والمحتجين وافقوا على العودة قريبا إلى طاولة المفاوضات. في 12 يونيو عيّنت واشنطن الدبلوماسي دونالد بوث موفدا خاصا إلى السودان. وقد وصل إلى الخرطوم برفقة مساعد وزير الخارجية المكلف شؤون أفريقيا تيبور ناج. وفي 27 يونيو أعلن تحالف الحرية والتغيير الذي ينظّم الاحتجاجات في السودان أنه تلقّى من وسطاء إثيوبيا والاتحاد الأفريقي "مشروع اتفاق" سيتم بحثه. وفي 29 يونيو أبدى قادة المجلس العسكري استعدادهم لأن يكون المشروع أساسا لاستئناف التفاوض. ◄ تعبئة حاشدة في 30 يونيو أطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيّل للدموع على متظاهرين في ثلاثة أحياء من الخرطوم، في وقت نزل عشرات الآلاف إلى الشارع تلبية لدعوة الحركة الاحتجاجية إلى التظاهر. ودعا تجمع المهنيين السودانيين الذي يعتبر أبرز مكوّنات التحالف الذي يقود احتجاجات المتظاهرين في الخرطوم إلى التوجه للقصر الجمهوري مقر المجلس العسكري الحاكم. وتصدّت الشرطة لمتظاهرين اقتربوا من القصر بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وقتل عشرة أشخاص لترتفع حصيلة القتلى منذ فض الاعتصام إلى أكثر من 130 بحسب لجنة الأطباء القريبة من حركة الاحتجاج. وتحدثت السلطات عن 71 قتيلا منذ 3 يونيو. ◄ اتفاق في الخامس من يوليو وبعد يومين من المفاوضات تم التوصل إلى اتفاق بين المجلس العسكري وقادة المحتجين على هيئة انتقالية. وألغى المحتجون دعوة إلى عصيان مدني كان مرتقبا في 14 يوليو. وفي 17 يوليو وقّع قادة الاحتجاج في السودان والمجلس العسكري الحاكم بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي التي تحدد أطر مؤسسات الحكم. ووقع الطرفان على "الإعلان السياسي" بعد محادثات مكثّفة وهو جزء من الاتفاق السياسي بين الطرفين، ويتبقّى الاتفاق على الإعلان الدستوري. ونصّ الاتفاق على تشكيل مجلس للسيادة من 11 عضوا، 5 عسكريين يختارهم المجلس العسكري، و5 مدنيين، تختارهم قوى التغيير، يضاف إليهم شخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين الطرفين.