أسوأ ما يمكن أن يحدث لصحفي أن يبحث عن كلمات يعبر بها عما يريد قوله ولا تسعفه اللغة ليقول ما يريد دون أن تمتد يد الرقيب الذاتي لتمنع وتغير ليس خوفاً من بطش أو إيقاف من كتابة كما حدث مع العديد من الأقلام النظيفة الصادقة التي لم يتماشى كلامها مع أهواء البعض رغم أنهم لو يعلمون الأكثر نفعاً وصدقاً!، والذين لو سمعت كلماتهم بعين العقل والحكمة لما آل إليه الحال الآن.! فالصدق قسوته مخيفة لكنها منجية! والصحفي ضمير أمته وسفيرها في وجه الظلم والجبروت، وحين يصمت هذا الضمير أو يراوغ فالأولى له أن يسكت، ولأنني اخترت الكلام فإن أكثر شيء محير في أمر (ناس المؤتمر الوطني) أنهم يصدقون فعلاً أن هذا الشعب لن يتحرك، وكأنهم يملكون أسرار إطباقهم على أنفاسه التي لا نعرفها!، فنحن لا ندري لماذا تظنون أن الشعب سيسكت عليكم يا هؤلاء؟!هل تعتقدون أن لكم حصانة فوق العادة؟! هل حقاً يصبح السخف ملازماً لتفكير البعض لدرجة المراهنة على شعبية هذا أو محسوبية ذاك؟! أي شعبية تلك لحكومة لا تستجيب لشعبها ولا تدري احتياجاته ولا تعرف كيف تخاطبه وأية لغة يستحق؟، أية شعبية يمكن أن تكون لشخص يعلن أن حكومته فاسدة ولا يرفق ذاك التصريح بإعلان تنحيه؟! هل بلغت هذه الحكومة كل ذاك القدر (من تخانة الجلد)؟! ولا تعلم أنها باتت منتهية الصلاحية؟!، هل هؤلاء جادون أم أنها (حالة الفرعنة) التي يعيشونها، والتي تجعل المثل القائل (يا فرعون مين فرعنك)...إلخ. يا هؤلاء فات أوان النصح، والانتقادات، فالنصح لم يكن من أجل بقائكم الذي لم يكن يعنينا ليعنينا الآن، ولكنه كان من أجل عيون السودانيين وللمساهمة في رفع المعاناة عن كاهلهم الذي أثقله الفقر وحنته الحاجة، بينما تصرون على أن تتعاملوا مع هذا الشعب بتلك العنجهية والاستعلاء وتقولون (أضرب رأسك في الحيطة)، لقد طفح الكيل من كل السياسات الخاطئة والإصرار القاتل على أنكم الأفضل وما دونكم هباء!، كذبة استمرت قرابة ربع قرن من الزمان ولم تنتج إلا الفقر المدقع والغلاء وكل أمراض المجتمع من رشوة ومحاباة ومحسوبيات، ولسان حال الجميع يلهث بالشكوى ولا (وجيع)!، وكل هذا (فوق كم)؟ وما زلتم تجرون شوككم المسموم فوق ظهور الناس على طريقة (جلدا ما جلدك أعمل فيه البدع)؟.. ولم تجدوا ما تعتذرون به للشعب إلا بإرسال المزيد من العنجهية كرسائل التخويف التي كانت أجالها سخفاً تلك التي أرسلها والي الخرطوم بعصابته ذات العصابات الحمراء لتخويف الناس بالردع.. ردع يا سيادة الوالي؟!، ردع الشعب السوداني الصامت على سلب حقه واهانته والثراء على حسابه ومساومته باسم الدين؟ ردع المواطن الذي يطالب بحقه في عيش كريم رغد؟! ردع الناس لأنهم ملوا من وجوه متكررة شاخت وهي تتمسك بكراسيها؟!! بالله دعكم من النبرة الاستعلائية والثقة المضحكة، ومن تلك الرسائل التعسة وارحلوا حافظين ما تبقى من مياه على وجوهكم.. إن تبقى منها شيء!