{ يسمع مفاوضونا من نظرائهم الجنوبيين كلاماً منمقاً، فيضحكون حتى تبين نواجذهم، وأيضاً يضحك مفاوضو الجنوب عندما يولّهم مفاوضونا ظهرهم، ومع الضحكة مدّت لسان طويل؟! إنهم يعتقدون - وهم على حق - أنهم يستغفلون جماعتنا.. آخر لسان مُدّ طويلاً بعد الهجوم على ديم منصور جنوبي الكرمك، كان اغتيال الحركة الشعبية لإبراهيم بلندية رئيس برلمان ولاية جنوب كردفان، ومعه (5) آخرون، حيث كانوا يتفقدون مناطق مشروع هبيلة الزراعي.. { المحامي الذي لا يخشى الله ولا يتوانى في استغلال كل سانحة لتعطيل العدالة باعتبار ذلك (شطارة)، مثله مثل وفد جنوب السودان المفاوض الذي طلب أمس الأول من الوساطة الأفريقية رفع جولة المفاوضات إلى الثاني عشر من يوليو الحالي، ليتسنى لهم المشاركة في الذكرى الأولى لاستقلال بلادهم؟!.. عاد وفدنا (مبسوطا) من تعاون وفد جوبا ليجد أن دماء "بلندية" ورفاقه تسيل أنهاراً تحكي أبشع صور الغدر.. آخر نشاطات "بلندية" كانت لدعم السلام في منطقة جبال النوبة التي ترتع فيها الحركة الشعبية.. "بلندية" قال إن مبادرة وفد قيادات جبال النوبة استهدفت واستصحبت وجهات نظر كل القواعد فى كيفية ايقاف الحرب.. "بلندية" قال عن مخاطر التصفية بسبب تبني مثل هذه المبادرة: (نحن لا نخشى هذا المصير نظراً لأن المبادرة استصحبت الرأي الكامل لأبناء جنوب كردفان الذين لا يقل عددهم عن الأربعة ملايين نسمة في الولاية أو مدن السودان الأخرى).. الزعيم النوبي "دانيال كودي" رئيس الحركة الشعبية جناح السلام قال قبل أيام إن العميل "عبد العزيز الحلو" الذي باع قضية أبناء النوبة بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودة يسعى لتصفية كل قيادات النوبة؟! فكان اغتيال "بلندية" أقوى دليل لحديث "كودي"، وهو القائد السابق في الحركة الذي يفهم تماما تلك العقلية المسكونة بثقافة الاغتيال السياسي.. هناك من يقول إن الاغتيال السياسي ظاهرة ليست جديدة، بل تعود إلي عصور ما قبل التاريخ، وتكاد تقع في جميع دول العالم دون استثناء.. لكن نستطيع أن نقول إن هذه الظاهرة لا وجود لها في العقلية السودانية على الاطلاق.. لكن ثمة من يحاول إدخال ثقافة الاغتيال السياسي في السودان.. ويبدو أن الحركة الشعبية التي هي في الأصل منتج أجنبي حيث نشأت وترعرعت في دول مجاورة تستشري فيها هذه الثقافة المقيتة ماضية في نشر الذعر بين خصومها السياسيين، وما كان اغتيال الشهيدة "مريم برنجي" أمينة المرأة بالمؤتمر الوطني في يامبيو في أكتوبر من العام 2009م إلا دليلاً قاطعاً على اعتماد الحركة الشعبية نهج الغاب وأسلوب التصفية الجسدية.. { نهج الاغتيال السياسي الذي تسير عليه الحركة هو محاولة يائسة القضاء على رموز وقيادات جبال النوبة خاصة بعد تنامي الوعي لديهم بعبثية السير في استراتيجية الحركة التي لا تستصحب البتة قضية جبال النوبة.. تظن الحركة أن ذلك النهج الخسيس يمكن أن يكون مدخلاً لتغيير قواعد اللعبة وفتح الأبواب أمام اعتزال العمل السياسي والخنوع وإضعاف قدرة الناشطين من أبناء الجبال على الصمود واستدامة العمل السياسي الحر.. فضلاً على أن أسلوب الاغتيالات يمكن أن يستدرج عبره الكثير من الكوادر إلى دائرة المواجهة والصدام حتى يتوفر الغطاء اللازم لاستمرار تنفيذ المخططات الظلامية. { آخر الكلام: يُحكى أنه في يومٍ من الأيام قرر جميع أهل إحدى القرى أن يصلوا صلاة الاستسقاء.. تجمعوا كلهم للصلاة.. لكن أحدهم كان يحمل معه مظلة، فتلك هي الثقة.. التصديق هو أن يكون إحساسك مثل إحساس الطفل الذي عمره سنة عندما تقذفه أمه في السماء فيضحك.. لأنه يعرف أنه ستلتقطه ولن تدعه يسقط.. هذا هو التصديق.. في كل ليلة نستعد للخلود إلى النوم، ولسنا متأكدين من أننا سننهض من الفراش في الصباح، لكننا مازلنا نخطط للأيام القادمة.. هذا هو الأمل.. إذا جلست في الظلام بين يدي الله استعمل أخلاق الأطفال.. فالطفل إذا طلب شيئاً ولم يعطه، بكى حتى يأخذه.. فكن أنت هذا الطفل واطلب حاجتك.