{ كثيراً ما نبهنا للأوضاع التي يعيشها المبدعون في بلادي، وتحدثنا عن تجاهل الدولة لهم، وللأسف الشديد ما زالت المؤسسات المعنية بأمر المبدعين بمسمياتها المختلفة وفي مقدمتها (صندوق رعاية المبدعين )، غير قادرة على تقديم أي شكل من أشكال الرعاية والدعم للمبدعين، لتبقى مجرد لافتات موجودة في عدد من المواقع ولا وجود لها في أرض الواقع، وكثيراً ما نجد القائمين على أمر هذه الجهات المفترض أنها راعية للمبدعين، دائماً جاهزين للرد على عدم فعاليتهم تجاه المبدعين برمي اللوم على ميزانية الدولة التي لم تخصص لهم شيئاً من المال. { وأتعجب لبلد فيها كم هائل من المؤسسات الاقتصادية الثرية جداً شركات اتصالات وشركات بترولية وبنوك وغيرها من البيوتات الاقتصادية العامة والخاصة التي دائماً تستفيد من المبدعين بشكل أو بآخر في الترويج لمنتجاتها، لماذا لا يتم استقطاب أموال من هذه المؤسسات لتكوين رأس مال لتنفيذ مشروعات ضخمة لتدعم صندوق رعاية المبدعين الذي لم يستطع حتى الآن أن يرعى أي مبدع رعاية حقيقية. { لماذا لا تساهم الوزارات التي لديها موارد دخل في تحويل ما يقدمه المبدعون خاصة في مجالات الإبداع الكتابي بكافة أشكاله إلى منتوج إبداعي يفيد الجميع بعد تسويقه سواء بالنشر أو التعليب البرامجي أو الإنتاج الدرامي المشاهد والمسموع، ولماذا مثلاً لا نلزم المؤسسات الحكومية بشراء اللوحات التشكيلية المبدعة المركونة بالملايين في بيوت الفنانين التشكليين لتجميل جدران غرف مؤسساتهم وفي نفس الوقت تجميل أحوال التشكيليين. { ولأهمية أمر رعاية المبدعين تجدني دائماً ما أكرر تساؤلاتي.. لماذا لا يتناول المختصون في (الملكية الفكرية) قضية تفعيل (قانون المصنفات الأدبية والفنية) وبحث عن قوانين تلزم الأجهزة الإعلامية التي تتكسب من المنتوج الإبداعي عبر البرامج الغنائية، مثلاً بتخصيص جزء من الأموال التي تدرها عليهم الإعلانات ليردوا بها جميل هؤلاء المبدعين، كما نتمنى من الجهات المعنية بأمر الثقافة أن تشرع في تحريك ملف (الإدارة الجماعية للإنتاج الإبداعي) الذي اعتمدته قبل سنوات المؤسسات والتنظيمات الدولية المتخصصة وفعّلته حكومات دول كثيرة؟ { أخيراً وللمرة المليون أقول إلى متى تظل وزارة الثقافة الاتحادية والولائية عندنا مشغولتين عن مباشرة دورهما الرئيسي الذي يتمثل في (تنظيم ورعاية الحياة الثقافية والإبداعية)؟ ومن الواضح أن إهمال هذا الشأن والغفلة عنه ما زال ينعكس على المناخ الإبداعي العام.. ولذلك يبقى كقضية بارزة في كتابات وتعليقات المبدعين (المظلومين) في لقاءاتهم الإعلامية.. وآخر مثال لذلك الحسرة التي ظل يتحدث بها الإعلامي الكبير "حمدي بدرالدين" عن تجاهل الدولة له وعدم رد الجميل لما قدمه من إرث برامجي.. وما قدمه للإعلام وللإعلاميين من خبرات في مجال العمل الإذاعي والتلفزيوني. { للمرة المليون أيضاً أقول وبقلب موجوع ما أكثر الشكوى من الإضاعة لتراثنا الثقافي ومن التجاهل والتهميش والإهمال لمبدعين قدموا لهذا الوطن عصارة إبداعهم.. وما أكثر الشواهد على تجاهل المبدعين والانصراف عنهم إلى ما هو أقل أهمية من عطائهم. { أليس المبدعون أحق بالاهتمام من لاعبي كرة القدم وأحق بالترضيات من السياسيين؟ { الدولة الواعية هي التي تعطي المبدعين قدرهم.