{من المؤسف جداً أن السادة أعضاء البرلمان (نواب الشعب) صاروا خلال الآونة الأخيرة ينتقمون لذواتهم الفانية، لا للشعب، وأمامنا أكثر من دليل فاضح ومنتقص من قيمة ومقام التجربة البرلمانية العريقة في السودان، وقد مارسها أجدادنا وآباؤنا كما ينبغي، قبيل إعلان الاستقلال وخروج الإنجليز من البلاد . {إذا رفض وزير المالية منح إعفاءات جمركية لسيارات نواب الشعب، هددوا بسحب الثقة عنه، مع أنهم كما قال رئيسهم الشيخ الورع الزاهد البروف "إبراهيم أحمد عمر" لم يطالبوا بسحب الثقة عن الوزير عندما زاد أسعار الغاز !! {وإذا اعتذرت شركة (كومون) عن استقبال بعض النواب للسفر عبر صالاتها الفخيمة الراقية التي لا تشبه بأي حال من الأحوال بقية صالات المطار أو أي صالة في أي مطار بالدول المجاورة، بما في ذلك قاعات الدرجة الأولى بمطار "القاهرة" ومطار "جدة" الدوليين، إذا اعتذرت للنواب بأدب، لأنهم لا يريدون أن يدفعوا الرسوم، كما يدفع مديرو الشركات ورجال الأعمال والسياسيون الذين يرغبون في استراحة هادئة قبل السفر، هاج نواب الشعب وماجوا من وزير العدل الأسبق "عبد الباسط سبدرات" إلى رجل الأعمال "حسن صباحي" إلى الملياردير المستقل "أبو القاسم برطم"، وقبلهم صاحب القضية الأساسي المحامي "محمد الحسن الأمين" الذي احتك مع موظفي (كومون) ذات سفرية، فتوعد الشركة بالويل والثبور وعظائم الأمور !! {بالله عليكم .. والبلد تعاني من مشكلة اقتصادية مزمنة ومعقدة، و(الدولار) بلغ ما بلغ من أرقام فلكية، هل كل ما عندكم لشعبنا الصابر المغلوب أن تطالبوا بالسيارات المعفية من الجمارك، أو طرد شركة (كومون) من المطار، لتمروا أنتم (مجاناً) عبر تلك الصالات، بعد أن تؤول لشركة حكومية أو شركة مساهمة عامة (ما عندها سيد) ؟! {من يستحي لنواب الشعب إن لم يستحوا ؟! {ثم ما هذا التساهل في إطلاق أرقام عجيبة ومتضاربة عن عائدات شركة (كومون)، فالسيد "حسن صباحي" يقول إن الشركة تجني (380) مليار جنيه، تعطي منها الطيران المدني (38) ملياراً فقط !! {والسيد "برطم" يؤكد مرة أنها تتحصل على (220) مليون جنيه في اليوم، وفي بعض الصحف (220) مليون دولار في السنة !! {وبالتأكيد كل هذه الأرقام وغيرها مجرد تأليفات وتضريبات خاصة بالآلات الحاسبة للسيدين "برطم" و"صباحي" وأصحابهما، ولا أدري إن كان لهما حق الاجتهاد أم عليهما إثم التجني ؟! {(كومون) وبلا شك شركة ناجحة وتقدم خدمات جليلة وبجودة عالية غير متوفرة في الكثير من مؤسساتنا الاقتصادية والتجارية والسياحية، فإذا تأخرت عن إنجاز بند من بنود العقد المبرم بينها وشركة المطارات في ما يتعلق بصالة المغادرة، فما على الطيران المدني سوى إلزامها بالتنفيذ في الفترة المحددة بموجب العقد، لا الزعيق والتآمر من أجل إخراجها من المطار فقط لأنها رفضت فتح صالاتها ل(زيد) أو (عبيد) من أعضاء البرلمان الموقر، ولماذا لا تسعى أمانة البرلمان لتخصيص غرفة بالصالة الوزارية أو غيرها لسفر النواب، حتى لا يستهدفوا الشركات التجارية ؟! {ثم إنني أتعجب من حديث الأستاذ "محمد الحسن الأمين" الذي قال إن الشركة يفترض أن تورد ما تحصل عليه لخزينة الدولة!! من وين جاب الكلام دا ؟! {هذه شركة خاصة عليها التزام مالي بموجب العقود بسداد مبلغ محدد سنوياً للطيران المدني، والأخير هو الذي يورد لخزينة الدولة وليس (كومون)! فهل أبلغ الطيران المدني عن متأخرات مالية على الشركة لم تسددها ؟! {أرجو أن يرتفع (بعض) النواب إلى مستوى ممارسة برلمانية راشدة تقدم بلادنا للأمام، وتهدي حكومتنا إلى سواء السبيل .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.