بلغني استدعاء يوم (الأربعاء) الماضي من قبل الاتحاد العام للصحافيين السودانيين للمثول أمام لجنة محاسبة خاصة برعاية شرف المهنة وأخلاقياتها، وذلك على خلفية الرد الوحيد الذي نافحت عن نفسي بعد تهجم رئيس تحرير السوداني على أخلاقي وقيمي في مقالات منشورة في كل الوسائط.. وكانت فرصتي كبيرة لا بسبب ثقتي في براءة نفسي، ولكن لأن مجرد أن تصبح لدينا مؤسسة رقابية من الكيان المهني (الاتحاد) الذي مهما اختلف الناس حوله ينبغي دعمه وتقويته.. والالتفاف له.. الأشخاص إلى زوال والمؤسسة باقية، ثم إنني أعتبر نفسي من كبار السن في المهنة لا كبار المقامات، وحينما يحاسبني الاتحاد المهني على انزلاق قيمي وانتهاك لشرف مهنة شريفة بغض النظر عن إدانتي أو براءتي فإن لمصلحة المهنة وللكيان النقابي الذي إذا أصبح له دور حقيقي في ترقية المهنة وحراسة شرفها ترتقي الصحافة.. وقد شعرت لأول مرة في حياتي بتأنيب الضمير بأن القارئ الذي يشتري الصحيفة في هذا الزمان (الأغبر) بماله الشحيح قد يمر على هذه الزاوية ويجد فيها انتصاراً للنفس الفانية وتعظيماً للذات التي إذا أصابها الغرور فردعها واجب أخلاقي وديني.. حرصت على الحضور للقاء لجنة المحاسبة، ولكن ربما العلاقات الحميمة التي تربطني بكل أعضاء اللجنة قد صرفت مبدأ المحاسبة إلى مبدأ (المطايبة) ووقف الرد على الطرف الآخر.. وكان التزامي الشخصي بوقف أي كتابة مصوبة على الطرف الآخر بشخصه دون أن يعني ذلك رد حقوقي التي انتهكت، خاصة وأن المسألة ليست بيدي وحدي.. وإن التنازل عن الشرف والإساءة والعنصرية يعتبر (مذمة).. لكن تقديراً لشخصيات عديدة داخل الوسط الصحافي وخارجه من نواب الرئيس ومساعديه وأمين الإعلام بالمؤتمر ود."المحفوظ" أمين دائرة الصحافة.. ود."الفاتح حسن المهدي" والفريق "عماد عدوي" رئيس هيئة الأركان.. والدكتورة "بخيتة أمين" عميد كلية الصحافة.. وآخرين بعدد الحصى يحدثونك عن قيم العفو عند المقدرة.. والصفح الجميل وعن تلوث الصفحات بما لا يشجعك.. وهنا أتقدم باعتذار للقارئ أولاً بأن أي كلمة خدشت مشاعره من هذا القلم.. نعتذر عنها.. ونبدي أسفنا عليها. كما اعتذرت للإخوان "الصادق الرزيقي" رئيس الاتحاد ونائبه "محمد الفاتح أحمد" وللأمين العام "صلاح عمر الشيخ" ولرئيس لجنة المحاسبة "فتح الرحمن النحاس" الذي أقسم بالله بأن ما كُتب عني لم يعرفه طوال مسيرة امتدت لثلاثين عاماً.. وكذلك الأستاذ "محمد عبد القادر" بكل نبله.. و"محمد صادق" و"عبود عبد الرحيم" هؤلاء هم زملاء المهنة إذا طلبوا منك طفلك لمنحتهم بلا تردد.. من جهتي التزمت بما طلبه الأخوان واعتذرت في ذات الوقت عن قرار المضي قدماً في إجراءات رد الشرف من خلال العدالة.. وساحة القضاء تغسل ما في النفوس وكثيراً ما خرج المتحاكمون للعدالة مبتسمين بالرضاء. (2) متى يصبح للسودان مرشحاً لتولي منصب رفيع في المنظمات الدولية والإقليمية؟.. وقد نالت بلدان مثل: الكاميرون رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) مؤقتاً.. ونالت غانا منصب الأمين العام للأمم المتحدة.. وكذلك مصر.. ونافس "سالم أحمد سالم" وزير خارجية تنزانيا الأسبق لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.. وتحظى تشاد الآن برئاسة الاتحاد الأفريقي بعد أن كانت الرئاسة في نواكشوط.. وفي العام الجاري حصل السودان لأول مرة في تاريخه على منصب الأمين المساعد لجامعة الدول العربية، وهو المنصب الذي ناله الصومال من قبلنا.. مثلما نالت موريتانيا منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة، وفي تسعينات القرن الماضي تم اختيار الدكتور "فرانسيس دينق مجوك" مفوضاً لمفوضية النازحين التابعة للأمم المتحدة، ولكنه بطبيعة الحال لم يحظ بدعم من حكومة بلاده السودان.. بل كان د."فرانسيس" في ذلك الزمان بسبب حزب الجنوب خصماً على حكومة بلاده. هللت جهات عديدة لاختبار الدكتور "كمال حسن علي" لمنصب الأمين المساعد لجامعة الدول العربية التي يترأسها حالياً وزير الخارجية المصري الأسبق "أحمد أبو الغيط" والذي لولا السودان والموقف (التراجيدي) في لقائه بالرئيس "البشير" لما وصل "أبو الغيط" لهذا المنصب، حيث يقتضي النظام الأساسي للجامعة توافق كل الدول على الأمين العام واعتراض أي دولة يحول دون وصول المرشح للموقع الذي (يحتكره)، لكن مصر تدعم أي مصري مرشحاً لمنصب في منظمة إقليمية أو دولية، بينما السودان يقف (معادياً) لأغلب أبنائه العاملين في المنظمات الدولية بسبب الصراع السياسي وتصدع الجبهة الداخلية.. وينشط في منظمة الأممالمتحدة.. وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسيف كبار الموظفين السودانيين، ولكنهم لا يحظون بأي دعم وسند من حكومة بلادهم، وفي هذه الأيام يقترب رئيس وزراء البرتغال السابق "أنتونيو غوتيرس" من الوصول لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة خلفاً للكوري الجنوبي "بان كي مون"، وقد تصدر نتائج التصويت غير الرسمي في مجلس الأمن في إشارة لعودة المنصب للقارة الأوروبية العجوز بعد أن غادرها إلى أفريقيا، ومن ثم إلى القارة الصفراء.. والأمين العام القادم هو التاسع، ويتعيَّن حصول المرشح البرتغالي على تأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل دخول مبنى الأممالمتحدة في نيويورك في شهر يناير من عام 2017م، وهو المبنى الذي نعته "بطرس غالي" بأنه (بيت من زجاج) وحتى روسيا التي درجت على الوقوف مناوئة للولايات المتحدة قال سفيرها: إن "أنتونيو" هو الأقرب للمنصب في ظل غياب منافسين حقيقيين.. وقبل التصويت الرسمي الذي جرى ليلة أمس ويفترض إعلان نتائجه اليوم فإن الدول الخمس الدائمة العضوية بريطانيا والولايات المتحدةوروسيا وفرنسا والصين، قد صوتت لصالح الرجل صارم القسمات.. فهل نحلم في المستقبل القادم بأن ينافس أحد السودانيين على منصب رفيع مثل الأمين العام للأمم المتحدة.. أو حتى المنظمات الإقليمية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة. (3) أكثر ما يتخوف منه (الكردافة) أي أبناء كردفان هذه الأيام أن تهب رياح التغيير على بيت كردفان في مدينة الأبيض أو عروس الرمال و(تخطف) مولانا "أحمد هارون" وتعيده مرة أخرى للخرطوم.. مولانا لا خوف عليه كسياسي قريب من الرئيس ووثيق الصلة بالجنرال "بكري حسن صالح".. ونافذ في صفوف الحزب إذا غادر موقع الوالي سيذهب لموقع أكبر وأهم، ومولانا "أحمد هارون" من طينة السياسيين التنفيذيين الذين (يكبِّرون) الكرسي الذي يجلسون عليه، وهناك من يصغِّرون ذات الكرسي حتى يصبح (بنبراً). خوف (الكردافة) على المشروعات التي بدأ تنفيذها ولم تكتمل بعد مثل طريق بارا أم درمان الذي حسب أقوال وتصريحات مدير المشروعات "حسين السيد" قد اكتمل منه.. (100) كلم أسفلت، حيث شارف الطريق مدينة حمرة الشيخ، ولم يتبق إلا مائة وأربعون كيلو متراً.. تنفذ منها شركة (تاندك) السعودية أربعين كيلو متراً. ويقول "حسين السيد": بحلول أكتوبر من العام القادم يكتمل الطريق بنسبة (100%) فهل تحتفظ شمال كردفان بواليها حتى ذلك الحين، لأن مغادرة "هارون" لمنصب الوالي تعني توقف العمل في مشروع الطريق مثلما توقفت مشروعات التنمية بجنوب كردفان بعد رحيله من كادقلي، وقد ذرف عليه الأهالي الدموع.. ورددوا في حسرة لو بأيدي كنت طوعت الليالي وكنت ذللت المحال ذهب "هارون" من كادوقلي وخيَّم عليها الظلام وغشاها النسيان وبانت ولاية لا يتذكرها أحد.. وإذا غادر شمال كردفان فإن طريق بارا أم درمان يتوقف في محطة حمرة الشيخ ويصبح مثل الرجل الذي يرتدي جلابية نظيفة (سكروتا) وعارٍ من الملابس الداخلية.. ولن يجد "خالد الشيخ حاج الزاكي" غير أن يردد الطريق الوقف وما زاد. وكل جمعة والجميع بخير