شكراً للإخوة المصريين الذين تذكرونا من خلال دراما رمضان هذا العام، وأقحمونا في دراماهم التي كانت لا تتعرض للسوداني إلا من خلال إساءة عابرة من خلال إظهاره بمظهر (الساذج الأسود المخيف).. أو (البواب الغبي)..! وشكراً أيضاً للفنان "خالد صالح" الذي كنت أظنه من الفنانين أصحاب الفكر والمبدأ، لأنه كشف عن حقيقته كأي خاوٍ لا يفهم فن مخاطبة الشعوب، يقع ببساطة في فخ الإساءة لشعب كامل؛ من خلال ذات التنميط السمج الذي يظهر السوداني بمظهر الشخص الكسول الذي لا يحسن التصرف حتى لو كان هذا الشخص (ابنه) - في مسلسل 9 جامعة الدول - (ابن السودانية) كما وصفه، ولا أدري إن كان هذا وصفاً أم إساءة من وجهة نظره..! وللأسف الشديد لم يسقط "صالح" في إخراج الشخصية السودانية بشكل يليق بها فقط، بل أن المسلسل كله - وهذا ليس تحاملاً - عبارة عن سقطة كبيرة لفنان كنت أظنه كبيراً..!! ولكنه أثبت بأنه لا يفرق عن أي ساذج يريد اللحاق بالسوق حتى من خلال السخرية على الآخر وتجريح الشعوب.. رغم أنه هناك ملامح رمز ما يريد إيصاله، أو لعلني أعطيت الأمر بعداً لا يستحقه.. أما مسلسل (هشتقة) الذي يظهر فيه (السوداني) كأسوأ ما يكون، كسول ومبهدل وعاطل عن العمل، أما زوجته التي تتحدث السودانية بلكنة لم أتبينها فحدث ولا حرج..! وهذا الشيء ليس جديداً أبداً على الدراما السعودية التي تتناول دائما السوداني بالتجريح.. هذا هو الحال.. ولسنا هنا بصدد أن ندافع عن عدم كسل الشعب السوداني أو سذاجته أو هبله المزعوم والمروج له بقوة كادت أن تصبح أمراً مسلماً به!! كما لن نستطيع طبعاً أن نعتذر عن سواد لوننا..!! ولكننا ما نستطيع فعله هو أن نطالب هؤلاء أن يتأدبوا.. وأن يعتذروا.. فلسنا مادة للسخرية والتهكم! وما أبعد الكوميديا المحترمة الجادة عن العنصرية، وما أبعد الكلمة الملتزمة والدراما المحترمة من المساس بحرمة الشعوب، وما أبعد الفكر الجاد المحترم عن التنميط والصورة المكررة التي تعمد للتشويه ومضغ ذات العلكة المهترئة، فلمن أسئنا وماذا فعلنا لنصبح هدفا لتلك السماجة..؟! وإلى متى سنسكت كإعلام عن هذه الصورة التي يريد البعض ترسيخها عنا؟! متى سنقف وقفة جادة ونحارب الموضوع بكل ما استطعنا من قوة؟! يكفينا تفويتاً لكل تلك الإساءات العنصرية المستهدفة.. فنحن لا نستحق ذلك أبداً..! ولأن بضدها تتميز الأشياء، فشكر حقيقي للمبدع الفنان "يحيى الفخراني"، وهو يتعرض للسوداني من خلال مسلسله (الخواجة عبد القادر) الذي تناول الشخصية السودانية بموضوعية ليس لكونه اختار الجانب المضيء في حياة كل السودانيين، وهو التصوف، ولكن لأنه التزم بضرورات النص دون إفراط.. وفرق كبير بين السواد الحقيقي الذي طرحه "يحيى الفخراني"، الذي نفخر به ويعبر عن سودانيتنا فعلاً.. وبين السواد المصبوغ الذي يعمد للإساءة الذي عرض من خلال (هشتقة) الحيان..! ورغماً أنني لا أعرف معنى (هشتقة).. ففعلاً ما فعله مجرد (هشتقة) تنم عن جهل كبير وعدم معرفة بالسوداني، أو تعمد للإساءة من نفوس مازال بها عنصرية.. حمانا الله وإياكم من شرها.. وقد يقول قائل لماذا لم تحاكم النصوص وكتاب السيناريو.. فببساطة لأن من قاموا بالأعمال وجسدوا عباراتها فنانون لهم تاريخ حافل وليسوا مجرد هواة.. وغلطة الشاطر.. قاتلة.