أوجاع محمد إبراهيم الحاج { ما أن يشرق فجر يوم جديد حتى تلقي الحياة عبئاً جديداً.. { والأعباء في السودان الآن تختزل في (قفة الملاح) و(حق الأكل والشراب) فقط. { ثم تأتي في سلم الأولويات الصحة والعلاج والتعليم. { وهذه المطلوبات هي لدى أغلب دول العالم احتياجات أساسية تم تجاوز أرق توفيرها قبل سنوات طويلة. { والحياة في السودان تمضي إلى الأسوأ. { صبيحة كل يوم تمضي إلى أسوأ من ما كانت عليه أمس. { وأمس الذي كتبت فيه-هذا العمود- كان أفضل من اليوم الذي يتابع فيه القراء الأعزاء حروفه الآن. { ففي ظل التصاعد المخيف لمتطلبات الحياة في السودان أصبحت أسعار السلع تزداد بصورة شبه يومية. { وبعض التجار يمارسون جشعاً لا مثيل له.. وابتزازاً يتصاعد يوماً بعد آخر. { والحكومة تغض الطرف ولا تأبه للصرخات المكتومة التي تموت قبل خروجها في (البطون الجائعة) والأبدان المسحوقة بالمرض. { والشعب يتلوى وجعاً وألماً وجوعاً وافتقاداً لأبسط مقومات معيشته. { ولا تزال أسعار السلع البسطة ترتفع.. وترتفع.. حتى تصل حداً لا يستطيع معه حتى الموسرون مقابلة هذا الهيجان في الأسعار. { وبعض أدوات التواصل الاجتماعي التي لديها القدرة الكبيرة في صناعة وتوجيه الرأي العام تمارس إلهاءً ربما يكون ممنهجاً في كثير من الأوقات. { صفعة "قاسم بدري" لطالبته التي أستنكرها.. ولكن ثمة أشياء أهم منها. { لأن المنطق البسيط يخبرنا أنه يجب الاهتمام بمقومات الحياة الأساسية مثل العيش والزيت والسكر واللبن.. ومن ثم الاهتمام بمطلوبات الحياة الكريمة مثل حقوق المرأة والطفل والديمقراطية وغيرها. { والتحدي الماثل الآن هو توفير مقومات الحياة البسيطة للغاية (الأكل والشرب والعلاج). { فالبطون الخاوية لا تستطيع أن تفكر ولا أن تناضل من أجل نيل حقوقها الأساسية. { والشعب يعاني.. والناس بعد قليل قد يلجأون إلى الهجرة وتفضيل بلدان تموت من البرد حيتانها من أجل العيشة الكريمة. { ويا للأسف.. أن يصبح الوطن طارداً لأبنائه.. ومنفراً للمعيشة. { زمان حبوباتنا قالن: (البيطلع من دارو.. بيقل مقدارو). { ولكن صرخات الجوع والأبدان المسمومة بالأمراض لا تسمع تلك النداءات.. لا مكان لديها لمناقشة مقولات راتبة.. أو أمثال وحكم. { والأوضاع تتفاقم.. والشعب يئن.. وبعض فئاته تبدع في صناعة أدوات الإلهاء القادرة على تجييش المشاعر وسوقها بعيداً عن الاهتمام بضرورياتهم. { وتبدع المواقع في شغل الناس ب"لوشي".. و"عمر عطور" و"جغارم".. وقضايا النوع والجندرة.. و(بابا قاسم) و(البندول) وقصص ربما يخيل للرائي أنها (من ألف ليلة وليلة) لا علاقة لسواد السودانيين بها. { ولن يكون بمقدورنا الخروج من (عنق) أزماتنا إلا بمواجهتها بقوة.. وبمعرفة أسباب تفاقمها وتكاثرها.. وترتيب أولوياتنا الأهم.. ثم المهم. { والناس في عمق العاصمة يجبرون بطونهم على التأقلم مع صرخات الجوع. { وهذا التعايش مع الجوع سينتج بالتأكيد أجساماً معرضة لغزو الأمراض الفتاكة والجرثومات. { فتتحول قضايا الشعب من جوع فقط.. إلى جوع ومرض. } مسامرة أخيرة حويش في حويش حصدنا العيش طلعنا مطالبين الخيش "حميد"