لأن خلافة الرئيس "عمر البشير" شأن عام يمس حياة كل مواطن، فإنها قضية مهمة يحق للرأي العام أن يناقشها بهدوء وبدون توتر، الرئيس "البشير" ألقى بنفسه حجراً وربما عدة حجارة في مياه كرسي الرئاسة التي تبدو ساكنة لكن سطحها يخفي من تحته تيارات ذات اتجاهات مختلفة، مرات عديدة وفي مناسبات محتلفة أعلن "البشير" زهده في ولاية جديدة في الرئاسة، بعد (23) عاماً قضاها "البشير" في السلطة، يحتدم اليوم الجدل حول خلافته في الصحافة والمجالس وكذلك في الأطر التنظيمية المختلفة، الذي يصعّب مهمة اختيار الخلف، أن "البشير" قضى أطول فترة رئاسية منذ استقلال البلاد في العام (1956م). هناك مجموعة من الشخصيات المؤهلة المتنافسة، بينهم شخصيات عسكرية وأخرى مدنية، ومن المؤمل أن ينتخب المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم رئيساً جديداً للحزب يترشّح في انتخابات الرئاسة المقبلة مع نهاية ولايته بعد ثلاث سنوات، حيث من المقرر أن تجري في صيف العام 2015م. الجدل الذي ربما يرقى إلى حالة من التنافس داخل المؤتمر الوطني، يدور بين تيارين؛ تيار يرى ضرورة التغيير، بيد أن التيار الآخر يحاول تجنب أي تغيير، الجدل المثار يبدو أن سببه (فيروس) عدم المؤسسية التي تمهد لانتقال سلس للزعامة بين الأجيال، وقد أصاب هذا الفيروس من قبل جميع الأحزاب السياسية في السودان، وحزب المؤتمر الوطني ليس استثناءً. اليوم لا يعرف الناس من سيخلف "الصادق المهدي" رئيس حزب (الأمة القومي) والذي مضت على رئاسته للحزب مدة تجاوزت الأربعين عاماً، وكذلك الحال بالنسبة لمن يخلف "محمد عثمان الميرغني" رئيس الحزب (الاتحادي الأصل) والذي قضى مدة مماثلة لمدة "الصادق المهدي"، كما ظل الراحل "محمد إبراهيم نقد" زعيماً للحزب (الشيوعي السوداني) مدة مماثلة حتى وفاته قبل أشهر قليلة. رغم ارتفاع أصوات أصحاب المصالح المرتبطة ببقاء الرئيس "البشير" في السلطة، إلا أن كثيراً من الدواعي والشواهد تصب في اتجاه التغيير، أهم ذلك عدم رغبة الرئيس "البشير" نفسه في الاستمرار في الحكم، مما حدا بدعاة التغيير أن يطرحوا رغبتهم علناً ودون مواربة. المناخ الدولي والإقليمي وثوارت الربيع العربي تدفع عدداً من راسمي الإستراتيجيات داخل حزب (المؤتمر الوطني) لطرح التغيير باعتباره محوراً مهماً في خطط مواجهة الأزمات التي تواجهها البلاد، وأن التغيير يمثل فرصة لالتقاط الأنفاس باعتبار أن ذلك التغيير يجعل الفرصة مواتية أمام الدول التي ظلت مناوئة للسودان لفتح صفحة جديدة خاصة الولاياتالمتحدة الأميركية والمجموعة الأوروبية. كذلك من أهم دواعي ترجل الرئيس "البشير" أن وصوله للحكم جاء عبر انقلاب عسكري في يونيو من العام 1989م، وهذه الوسيلة رسخت النظرة إليه في الخارج كحاكم عسكري، ولم تتغير هذه النظرة رغم انتخابه عبر الاقتراع المباشر كرئيس مدني في أبريل من العام 2010م، وقد جاء ذلك بعد خلعه بزته العسكرية حسب شرط قانون الانتخابات. جميع رجال (الانقاذ) لا يرون أن استلام السلطة عبر انقلاب عسكري لا يمثل منقصة حتى أن النائب الأول "علي عثمان" قال في مؤتمر القطاع التعليمي الثقافي الأسبوع الماضي أنه لو رجع به التاريخ إلى الوراء لكان عند رأيه بضرورة استلام السلطة بذات الطريقة. قناعة راسخة عند الكثيرين أن الانقلاب على الديمقراطية تم أصلاً قبل انقلاب (الإنقاذ) عندما رفع الجيش مذكرة شهيرة تمخضت عنها حكومة بشروط معينة وسُميت بحكومة القصر. غداً بإذن الله نواصل ونتناول شخصيتين مدنيتين من مجموع (4) شخصيات دار الجدل حولها باعتبارها مؤهلة لخلافة "البشير"، وهناك شخصيتان عسكريتان وهما من بقي متنفذاً ومقرباً من "البشير" من مجموعة ضباط مجلس قيادة حكومة (الإنقاذ). آخر الكلام: إذا رمت تحيا سليما من الردى**ودينك موقور وعرضك صيّن فلا ينطق منك اللسان بسوءة** فكلك سوءات وللناس ألسن وعيناك إن أبدت إليك معائبا** فدعها وقل يا عين للناس أعين وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى**ودافع ولكن بالتي هي أحسن