أرواح (الحيوانات) ليست لعبة، ولذلك .. كان القانون الفيدرالي رادعا ضد الأمريكي (هيوم هاملتون)، صاحب القصة العجيبة التي سأحكيها اليوم لقراء الغيم. الخبر يقول إن الرجل البالغ من العمر 82 عاماً .. كان يقوم بتنزيه كلبه (لاحظوا هذا التنزيه)، وكان ذلك بالقرب من منزله في مدينة فورت لاوديردال بولاية كالفورنيا. ولأن الدنيا كلها هناك مرصودة بالكاميرات من كل صنف ولون، فقد رصدته كاميرات المراقبة التي كانت موجودة في المكان و هو يحاول إبعاد كلبه بقسوة، بعد أن لاحظ هياجه وتورطه في معركة غير متكافئة مع قطة الجيران الأليفة، حيث انقض عليها بشراسة، وهي التي كانت تجلس بوداعة أمام منزل صاحبتها، تشم الهواء العليل، وتتسلى بمراقبة المارة في غدوّهم ورواحهم ! الهجوم الوحشي المباغت كان خارجا عن سيطرة المسن الأمريكي، فقد تقمصت الكلب قوانين الغاب، وانقض على القطة بشراسة ودون رحمة، مما تسبب لاحقا في نفوقها . ولأن أرواح الحيوانات ليست لعبة كما قلنا، فقد أدت الكاميرات واجبها في رصد الحدث بالكامل، ليتم القبض على الرجل الأمريكي صاحب الكلب، وتوجيه تهمة القسوة على حيوان يمتلكه، بعد أن جاهد لمنعه بالقوة من مهاجمة القطة، ثم توجيه تهمة أخرى ضده تتعلق بالتعدي على ممتلكات الغير، والتي تتمثل في القطة الوادعة التي راحت ضحية العدوان ! هكذا وجد المسن (هاملتون) نفسه في المحكمة، حيث قام القاضي بإصدار حكم رادع ضده، تمثل في سجنه ثلاث سنوات كاملة، بل حكم عليه أيضا أن يكون تحت المراقبة لسنتين كاملتين بعد انقضاء عقوبة السجن، مع منعه نهائيا من امتلاك حيوان أليف .. مهما كان نوعه ! أذكر أن أحد أصدقائي العرب .. كاد يصاب بنوبة قلبية، فقد كان يقود سيارته في الطريق السريع، ولأنه سبق أن عاش في الغرب سنوات طويلة، وتشبع بمناهجهم العقابية تجاه المتعدين على الحيوان، فقد تملكه رعب شديد وهو يرى قطة تمرق امام سيارته كالصاروخ، فراغ منها يمينا ويسارا، وأصبحت السيارة لبضع ثوان خارجة عن إطار السيطرة، ولولا لطف الله لانقلبت بصاحبها، لكن الأمر انتهى بسلامة، وتم السيطرة على الوضع، ونجا الرجل كما نجت القطة ! صاحبنا لن ينسى هذه القصة بقية حياته، فقد أكد لي أنه رأى الموت بعينيه في ذلك اليوم، ولا زلت أذكر احمرار وجهه انفعالا بالتجربة المرعبة .. وكان ذلك عقب دقائق من الحدث .. حيث كنت أول من قابله عقب الذي جري . العجيب في قصة الكلب والقطة .. أن الكلب خرج من القضية خروج الشعرة من العجينة، فهو بلا عقل، والقوانين لا تجرم الكائنات التي لا تحمل عقلا، بل تتشدد في حمايتها من الجور والعدوان، ولا تتردد في إرسال أصحابها للسجون إذا اقتضى الأمر . صاحب القطة الضحية تنفس الصعداء، وأبدى ارتياحه للحكم الرادع، لكن القاضي لم يبخل ببعض العدالة، حيث منح (هاملتون) حق الاستئناف للحكم، تقديرا لظروفه العمرية . حياة (الحيوانات) ليست لعبة، ولذلك تبقى هذه الحيوانات عند شركائنا في الإنسانية بدول الغرب .. عزيزة محمية مكرمة .. والويل لمن يسيء معاملتها، أو يجعلها ضحية لأهوائه وتقصيره ورعونته في مراقبتها ورعايتها !