احتفاؤه عظيم ببناته الأربع، فخلال الاثنتي عشرة سنة التي انقضت على تاريخ زواجه، لم يرزق صديقي إلا بهؤلاء الزهرات الجميلات، فظل يغدق عليهن من فيض عاطفته ما يملأ الدنيا حباً وحناناً . دخل صاحبنا في فترة العصر المتأخر إلى منزله، لتقابله كالعادة (يسرا) ذات الأحد عشر ربيعا، الفرحة البكر وأول العنقود، فضمها بحنان إلى صدره، فأتت بعدها (لينا) ذات العامين، آخر العنقود إلى حين إشعار آخر، فرفعها إلى صدره، وجاءت الوسطى وشقيقتها، لتمسكا ببنطال أبيهما، احتفاءً بأوبته من العمل، وهو حفي بزهراته اليافعات، متهلل الوجه بوجودهن . صديقي ابتسم، كعادته كل يوم، وهو يستمع لملاحظة والدته التي لا تكل من ترديدها، فهي تكرر أن تعلقه الشديد ببناته .. هو السبب الأوحد الذي يجعل زوجته لا تلد إلا البنات !! المشهد يتكرر في منزل صاحبنا وكأنه مسلسل يتم إعادة بثه كل يوم، أو كأنه مسرحية يستمر عرضها يوميا على أحد المسارح، ولا يحدث في المشهد أي جديد .. رغم مرور الأيام الطويلة عليه . تذكرت صديقي أمس .. وأنا أتابع خبرا عجيبا، أشارت فيه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى أن عائلة في جنوب ويلز في بريطانيا، احتفلت مؤخرا بولادة طفلة، هي الأنثى الأولى التي تولد في العائلة منذ أكثر من قرن ! حالة عكسية مدهشة من الذكورية لا أظن أن هناك شبيها لها في العالم، فليس في ذاكرتي أن عائلة تنتسب لجد واحد .. تعقم عن ولادة الإناث، طوال قرن من الزمان ! الأمر حدث، وجاءت الطفلة البريطانية (إيوين جينكينز) التي ولدت الأسبوع الماضي .. لتكون أول طفلة لعائلة جينكينز في بلدة كارمارثينشاير منذ عام 1909. والد الطفلة، والذي بدا سعيدا للغاية، قال إنه صُدم حين اكتشف كم من النادر ولادة طفلة في العائلة بعد أن أجرى تحقيقات حول الموضوع ! الجد هاويل جينكينز، كبير العائلة حاليا، قال إن والده وأعمامه وأولاد عمومته وأولادهم لم ينجبوا إلا الصبيان، ولم تنكسر هذه القاعدة إلا حين رُزق ابنه إيمير بهذه الطفلة. طبعا الطفلة ستحظى بدلال غير مسبوق، وستكون محل احتفاء مستمر في عائلة جينكينز الذكورية، وستنشأ الطفلة باعتبارها سبقا كبيرا، حتى لو تكرر بعد ذلك مجيء الإناث، فقد كانت هي من كسر القاعدة، وأطلت بابتسامة أنثوية دافئة .. تملأ المنزل بأريجها ونداوتها . آخر الأخبار .. أن صديقي صاحب الزهرات الأربع، مبشر بمولود جديد خلال الشهور الخمسة القادمة، ولا يبدو مكترثا للأمر، وما زال على عادته اليومية في الاحتفاء بزهراته اليانعات، بل أظنه تائقا لزهرة خامسة في عشه الدافئ، في حين لا تتوقف الجدة عن زجره يوميا .. كي يتوقف عن تدليل فتياته الجميلات .. حتى يتسنى لزوجته أن تنجب ذكرا .. ليكسر القاعدة في الأسرة الزهرية ! من البريد : صديقة العمود مشاعر عبد الحي، كتبت لتحت الغيم محذرة من تشغيل الخادمات الوافدات إلا بعد الكشف الطبي عليهن، وأشارت إلى وجود حالات مؤكدة من (الكبد الوبائي) بين هؤلاء الشغالات. شكرا لصديقة العمود، ونضيف لحديثها أن الحالات قد تتعدد وقد تحمل أمراضا أخطر . الحذر واجب، وحمى الله الوطن والمواطنين من الأوبئة والأمراض .