{ تعيين د. "كمال عبيد" مديراً لجامعة أفريقيا العالمية يبعده عملياً من ممارسة السياسة الاحترافية، ويضعه في مرتبة السياسي غير المحترف.. ومنصب مدير جامعة عالمية أو حتى وطنية يفترض أن يحمل صاحبه على النأي عن النشاط السياسي المباشر، كقيادة وفود التفاوض ورئاسة لجان الحزب الدائمة وقطاعاته، وعضوية البرلمان تحقيقاً لمبدأ استقلالية الجامعات وحيادية مديري الجامعات في الممارسات السياسية. { ود. "كمال عبيد" عطفاً على مهامه الجديدة، فإن حقبة توليه ملف التفاوض في المنطقتين أو الجنوب الجديد لم تشهد أي تقدم على مسار الحل والتسوية، بل قاد د. "كمال" رئيس لجنة التفاوض جماعات الرفض ورفع اللاءات الشهيرة، وفشل في التواصل مع أبناء المنطقتين في الداخل، الذين عدّوا مجرد إسناد مهمة التفاوض لدكتور قال إنه (لن يصرف حقنة لجنوبي بعد الانفصال)، عدوّه دليل إثبات على عدم جدية الحكومة في الحل التفاوضي، ورهانها على البندقية التي حققت فشلاً ذريعاً في حل أية قضية. { تنحي السيد "كمال عبيد" عن ملف التفاوض يتطلب أمعان النظر في اختيار رئيس جديد لقيادة التفاوض حول المنطقتين، خاصة وتطورات العلاقة مع جنوب السودان تفتح الباب واسعاً لتسوية قضية الجنوب الجديد، قبل أن تؤدي الحرب في المنطقتين إلى إجهاض اتفاق الترتيبات الأمنية والعسكرية والبترول وكل اتفاقيات التعاون.. وقد بدأت أسماء تتداول في أوساط المؤتمر الوطني لخلافة السيد "كمال عبيد"، من بينها بروفيسور "إبراهيم غندور"، و"حسبو محمد عبد الرحمن"، ومولانا "أحمد محمد هارون" والي جنوب كردفان، و"السميح الصديق النور" الوزير السابق.. وهناك من يرى ضرورة إسناد التفاوض إلى دكتور "مطرف صديق" أو "سيد الخطيب".. وقد لا تشكل قيادة وفد التفاوض معضلة كبيرة في ظاهر الأمر، لكن للاسم دلالات مهمة جداً.. وقد أدرك المتمردون من قطاع الشمال أن إجهاض اتفاق وقعه د. "نافع علي نافع" واختيار د. "كمال عبيد" لرئاسة التفاوض يمثل رسالة بعدم الرغبة في التسوية. { ولا يبدو خيار إسناد التفاوض لمولانا "أحمد محمد هارون" في ظل وجوده والياً لجنوب كردفان وارداً.. والرجل يملك قدرات استثنائية وبصيرة نافذة وعقلاً راجحاً وإيماناً عميقاً بالحوار، لكنه مثقل بالملفات، وتتربص به جهات نافذة في الدولة والحزب، وتنظر لعلاقته الوثيقة بالقيادة العليا بعين الغيرة.. وما أكثر جيوب التطرف ونفاذها.. وفي حال إسناد الملف إلى "هارون" ستخرج كل الأفاعي لتعطيل ما يقوم به من جهد.. ثم أن مهمة التفاوض تتعارض مع موقعه التنفيذي كقيادي لولاية تحت وابل الرصاص، وهو رئيس للجنة الأمن، وقائد سياسي للعمليات العسكرية.. فكيف يفاوض على الطاولة ويحرض المقاتلين على القتال؟! { يبقى الخيار الأرجح والأكثر موضوعية أن تُسند مهمة التفاوض حول المنطقتين إلى البروفيسور "إبراهيم غندور".. وهو رجل أينما ذهب نجح.. ويتمتع بمقبولية واسعة لدى المعارضة المسلحة والمعارضة السياسية، وله نفوذ داخل الحزب.. وفوق كل ذلك يمتلك قدرات تؤهله للعب أدوار أكبر من التي يقوم بها الآن.. وإذا ما تمادى "غندور" في الرفض والاعتذار فلتذهب رئاسة التفاوض حول المنطقتين إلى رجل خبر القضية وعرف أسرارها.. إنه الدكتور "مطرف صديق" سفير السودان بجوبا، وأحد أهم القيادات التي صنعت اتفاقية السلام. واختيار قيادة التفاوض حول المنطقتين، خطوة مهمة وضرورية قبل استئناف الجولة القادمة مع قطاع الشمال!!