* عندما نحتفل بثورة الثالث والعشرين من يوليو 52 المصرية فهذا لا يعني اننا نؤيد الانقلابات العسكرية أو الأنظمة الشمولية التي نعترف ايضاً اننا عملنا تحت مظلتها ردحاً من الزمان. * نحن نبرر اصرارنا على الاحتفال بثورة يوليو المجيدة لانها أولاً لم تنقلب على نظام ديمقراطي وانما على نظام ملكي شهد أهله بفساده، ولأنها أحدثت تغييراً كبيراً لصالح الإنسان في مصر بل وفي المحيطين العربي والافريقي. * مع ذلك نعترف بأنها أخطأت في بعض مواقفها وممارساتها خاصة في الساحة الداخلية المصرية حيث كان غياب الديمقراطية أفدح الأخطاء، إلا اننا نقدر لها مواقفها التي انتصرت فيها لمعارك التحرر الوطني في مصر وفي العالم العربي خاصة وافريقيا عامة. * اننا في السودان لم نقصر في نصرة ثورة يوليو ممثلة في زعيمها المحبوب جمال عبد الناصر ليس فقط بالوقوف بصلابة معه في أحلك لحظات الانكسار وانما من خلال الموقف التاريخي الذي جسده مؤتمر الخرطوم بلاءاته الشهيرة التي مازلنا نفخر بها خاصة وسط أجواء الظلام السياسي التي نفتقد فيها البدر. * عندما نقول إننا لا ننظر لثورة يوليو باعتبارها ذكرى من الماضي، فإننا نعني اننا ينبغي ان نستلهم دروسها الايجابية والسلبية في ذات الوقت ونحن نسعى لاستكمال معارك التحرر الوطني في بلادنا في ظل الاستعمار الجديد الذي يسعى للعودة من جديد للتحكم في مصائرنا وخيراتنا. * وذاكرة الشعب السوداني تحفظ للرئيس جمال عبد الناصر نصيحته الغالية التي وجهها له في دار الرياضة بالخرطوم في زيارة له شهيرة - تم فيها إعلان تأميم البنوك بما فيها بنك مصر - عندما قال ان سبب نجاحهم انما يتمثل في التمسك بالوحدة الوطنية. * مازالت هذه النصيحة الغالية مهمة وضرورية لكل الشعوب التي تهددها مؤامرات التقسيم من الداخل والخارج ولا نستثني أنفسنا من هذه المخاطر التي اججتها الحركات الاثنية المسلحة التي أفرزتها مظالم التهميش وأخطاء السياسيين. * حتى الأزمة الأخيرة التي فجرها قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وشغلت المواطنين والعالم من حولنا تستوجب العمل بهذه النصيحة الغالية ليس فقط لتجاوز هذه الأزمة وانما لتأمين السلام واستكماله جغرافياً وسياسياً خاصة في دارفور وفي كل ربوع البلاد. * المهم هو تكثيف الجهود عملياً نحو إنفاذ الاتفاقيات القائمة وتنزيلها على أرض الواقع ودفع خطوات الحل السلمي القومي بكل استحقاقاته المعروفة حتى قبل عقد الملتقى الجامع. كلام الناس - السوداني - العدد رقم 967 - 2008-07-23