عقابيل انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فإنّ العديد من التحديات الجديدة تجابه العلاقات بين الخرطوموالقاهرة، ترتبط باختلاف وجهات النظر في التوجهات السياسية، وبروز قضية سد النهضة، إضافة إلى التحالفات الإقليمية التي تجعل من مصر ركيزة أساسية لمحاربة الإسلام السياسي في المنطقة تحت مبررات محاربة الإرهاب. وقال مراقبون ومحللون إن خطاب التهنئة الذي بعثه الملك عبدالله خادم الحرمين الشريفين إلى الرئيس السيسي في احتفال تنصيبه بالقاهرة والذي كما رأى البعض أنه خرج عن الأسلوب الدبلوماسي التقليدي، إنه يدشن مرحلة جديدة في تشكيل خارطة التحالفات والنظام الإقليمي السياسي الجديد. وقد وصف الخطاب ما تم في الماضي من ممارسات باسم الحرية بأنه فوضى وفتنة، وأن العالم العربي مطالب بتقديم الدعم والعون السياسي لمصر. وقال الملك عبدالله إن أي تدخل في شأن مصر الداخلي يعتبر تدخلا في شؤون المملكة وإن أي دولة تتقاصر عن تقديم الدعم الآن لمصر لا تنتظر أن نقدم لها الدعم عند الأزمات والمحن التي تمر بها، ودعا الرئيس السيسي إلى ضرب المناوئين بما أسماه سيف الحق علي الباطل. هذا الخطاب القوي اللهجة حدد شروطا واضحة وهي أن الطريق إلى الرياض يمر عبر القاهرة وأنه لا يتوقع أن تتحسن العلاقة مع الرياض دون أن تتحسن مع القاهرة. وفي هذا الصدد يلاحظ المتابعون أن تصريحات وزير الخارجية علي كرتي اتسمت بالنقد تجاه التحولات في مصر؛ حيث أبرز الوزير دعم القاهرة لحركات التمرد، كما طالب بأهمية عقد مصالحة وطنية شاملة وفتح أبواب الحوار مع المعارضين، ولكن الخط السياسي للمملكة هو ضرب المعارضين والتضييق عليهم حتى يعترفوا بالنظام القائم. كما قطع علي كرتي في كثير من تصريحاته الصحفية بأن السودان لا يستضيف أي أحد من رموز المعارضة الإسلامية المصرية وأنه لا يمكن أن يكون قاعدة انطلاق لتهديد الاستقرار في مصر، ولكنه أكد أن مصر ما تزال تستضيف المعارضة السودانية. بعد وصول السفير شلتوت إلى الخرطوم واستعداد السفير عبدالمحمود عبدالحليم للمغادرة إلى القاهرة ليستلم مهامه سفيرا للسودان في مصر نجد أن هناك فرصة لفتح صفحة جديدة للعلاقات، ولكن ستبقى علاقة مصر والسودان مرتبطة بتسوية ملف سد النهضة والتوصل إلى تفاهم واتفاق، وتكمن تحديات تحسين علاقات السودان مع السعودية بتطبيع العلاقات مع القاهرة.. في المقابل فإن الإعلام المصري أصبح يشن هجوما متواصلا مشككا في مواقف السودان الداعمة لمصر ووصل إلى درجة اتهام السودان باتخاذ مواقف معادية للمصلحة الوطنية في مصر، وهذا ما قاد وزير الخارجية لأهمية أن تعالج قضية الخلافات بعيدا عن الإعلام؛ وقال في تصريحات معلنة إن مصر تريد على الدوام أن نكون جزءا من موقفها، وإن اتخاذ السودان لموقف وسطي لتسهيل التفاوض والتوسط بين مصر وإثيوبيا فهمته مصر باعتباره موقفا سلبيا من السودان ومصر تريد حسب تعبير وزير الخارجية أن يقف معها السودان على الدوام. وبالطبع لم تتضح التوجهات الكلية للنظام المصري الجديد تحت قيادة السيسي، لكن من طبيعة القوة السياسية والاجتماعية التي حملته إلى السلطة وتحالفاته الإقليمية وإعلاء صوت القضاء على الإرهاب ومطاردة الإسلاميين، فإن الطريق للعلاقات المشتركة لن يكون ممهدا أو سالكا ويحتاج إلى تفاهمات وتنازلات تبدأ بوقف الحملة الإعلامية الشرسة على السودان. وقال مراقب قريب من تطورات العلاقات مع مصر ل(اليوم التالي) إن السودان دفع ثمن الاستحقاق السياسي للخروج من الهيمنة المصرية وعلى القاهرة أن تفهم أن السودان أصبح لا يتهاون في مسألة استقلاله السياسي مع قوى أكبر من مصر. وسيبقى السؤال: هل يستطيع السودان أن يواصل مساعيه لتطبيع العلاقات مع السعودية في ظل الجفوة الواضحة في العلاقة مع مصر خاصة مع ملابسات دعم السودان لبناء سد النهضة واتهامات إيواء السودان لرموز إسلامية؟. صحيفة اليوم التالي